IMLebanon

سباق بين حركة الموفدين والتصعيد الميداني في لبنان

كتب سعد الياس في “القدس العربي”:

مازال الوضع في لبنان في سباق بين الحل الدبلوماسي والتصعيد الميداني، الذي شهد جولة جديدة قبل وصول الموفد الأميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت، لاستكمال مهمته التي بدأها في تل أبيب، في محاولة لتفادي توسّع رقعة الحرب بين حزب الله وإسرائيل، وإيجاد حل لمشكلة النقاط البرية العالقة، التي سبق له أن طرحها في 30 آب الفائت، من دون أن يلقى حماسة من قبل حزب الله للسير بترسيم للحدود البرية كما حدث في مسألة الحدود البحرية.

وتسبق وزيرة الخارجية الألمانية هوكشتاين إلى العاصمة اللبنانية حيث من المتوقع أن تقترح المساعدة في تطبيق القرار 1701 من خلال نشر قوات ألمانية على الحدود، فيما جال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام، جان بيار لاكروا، على المسؤولين اللبنانيين، برفقة منسقة الأمم المتحدة يوانا فرونتسكا، داعياً إلى التهدئة وضرورة احترام القرار 1701.

وتتزامن هذه التحركات الدولية مع تصعيد إسرائيلي جديد بدأ باستهداف مجموعة من حزب الله في سيارة في بلدة الغندورية في قضاء النبطية بصاروخ موجه ما أدى إلى سقوط 3 شهداء للحزب هم عيسى علي نور الدين من برج قلاويه، ومحمد شريف السيد ناصر من حي الفيكاني في البقاع، وحسن عبد الحسين اسماعيل من عيتا الشعب. وتسبب هذا الاستهداف الذي تم على مقربة من إحدى المدارس بحالة من الهلع في صفوف الطلاب والأهالي. وبعد الظهر تعرضت الغندورية لغارة ثانية، وذكر المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي أنه تمت الإغارة على أهداف لحزب الله في كفركلا وعلى خلية مطلقي مسيّرات للحزب في الجنوب.

وفي إطار الاعتداءات الإسرائيلية، تعرضت أطراف الناقورة لقصف مدفعي فوسفوري طال أطراف بلدات عيترون ويارون ومارون الراس وحولا وميس الجبل وخلة الساقية وتلة حمامص ووادي السلوقي، وأُطلِق صاروخ من مسيّرة على سيارة متوقفة بجانب الطريق في بلدة خربة سلم على مسافة قصيرة من موكب تشييع القيادي في حزب الله وسام الطويل ما تسبب بسقوط جرحى، في وقت أكد عضو المجلس المركزي في الحزب الشيخ نبيل قاووق “أن استشهاد الطويل لن يخرج جيش الاحتلال من تحت ضربات المقاومة ولن يعيد المستوطنين إلى الشمال ولن يعوّض هزيمة اسرائيل”.

وانفجر صاروخ اعتراضي في أجواء ميس الجبل والجوار وسط تحليق إسرائيلي على مستوى منخفض فوق منطقة صور وضواحيها.

وأطلق الطيران الحربي الإسرائيلي صاروخين على بلدة كفركلا مستهدفاً 4 نقاط ومنزلاً مؤلفاً من ثلاث طبقات إضافة إلى استهداف منزل غير مأهول في العديسة.

في المقابل، أطلق حزب الله 20 صاروخاً باتجاه الجليل، ولفت في بيان إلى أنه “دعماً لشعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة وإسنادًا لمقاومته الباسلة ‌‌‌‏والشريفة، استهدف ‌‏‌‌‌‏مجاهدو المقاومة الإسلامية عند الساعة 9:30 موقع المالكية بالأسلحة المناسبة، وتمت إصابته إصابة مباشرة”.‏ كما أعلن أنه “في إطار الرد على جريمة اغتيال القائد الكبير الشهيد الشيخ صالح العاروري ‏وإخوانه ‏المجاهدين الشهداء في الضاحية الجنوبية لبيروت وجريمة ‏اغتيال القائد الشهيد الأخ ‏المجاهد وسام الطويل (الحاج جواد) قامت المقاومة الإسلامية في ‏لبنان باستهداف ‏مقر قيادة المنطقة الشمالية التابع لجيش العدو في مدينة صفد ‏المحتلة (قاعدة دادو) ‏بعدد من المسيرات الهجومية الانقضاضية، كذلك موقع البغدادي وثكنة يفتاح ‏وموقع حانيتا والرويسات في مزارع شبعا وتجمعاً لجنود العدو في محيط ثكنة ادميت والتجهيزات التجسسية في موقع بياض بليدا”.

وأشار جيش الاحتلال إلى “وقوع أضرار بسيطة في مقر القيادة الشمالية للجيش في مدينة صفد نتيجة انفجار عدة طائرات مسيّرة محملة بالمتفجرات”. وكتب افيخاي أدرعي عبر منصة “إكس”: “حزب الله هو الذي يجر لبنان إلى حرب غير ضرورية لصالح حماس. حزب الله يسعى إلى التصعيد على الرغم من التدمير غير المرغوب فيه الذي قد يحمله لشعب لبنان بالإضافة إلى المعاناة غير الضرورية التي يسببها بالفعل لشعب جنوب لبنان ومن أجل ماذا؟ من أجل حماس، حزب الله يخاطر بمستقبل المنطقة من أجل حماس”. وأضاف “رسالتنا واضحة: شعب إسرائيل، وشعب غزة، وشعب لبنان، وبالفعل كل المنطقة يستحقون مستقبلًا من السلام والتقدم والازدهار وليس الموت والدمار الذي يسعى إليهما كل من حماس وحزب الله وغيرها من الارهابيين والميليشيات الإرهابية”.

ونشرت العلاقات الإعلامية في حزب الله معلومات عن قاعدة “دادو” المعادية التي تم استهدافها بعدد من المسيرات وجاء فيها: “التعريف: مقر قيادة المنطقة الشمالية في سلاح البر الإسرائيلي والمسؤولة عن قيادة الفرقتين المعنيتين بالعمليات على الجبهة اللبنانية حالياً. الفرقة 91 مقابل المحور الشرقي، والفرقة 146 مقابل المحور الغربي للحدود الجنوبية اللبنانية. والتي تحوي عدداً كبيراً من منظومات القيادة والسيطرة المعنية بتنسيق العمليات على امتداد الجبهة مع لبنان الموقع الجغرافي: تقع قاعدة دادو على عمق 12 كلم من الحدود اللبنانية، كما يقع حي بنا بيتر في مدينة صفد بجانب القاعدة والذي يسكنه العاملون في قيادة المنطقة الشمالية”.

بموازاة هذا التصعيد، التقى هوكشتاين في روما نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب قبل قدومه إلى بيروت لإجراء محادثات مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ومع رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يفاوض نيابة عن نفسه وعن حزب الله. وبحسب جريدة “الأخبار” القريبة من حزب الله سيتلقى هوكشتاين مطالب لبنان وفق الآتي:

أولاً، حسم لبنانية النقطة B1 في رأس الناقورة، ما يعني تعديل السيادة على شريط الطفافات البحرية قبالة ساحلَي لبنان وفلسطين المحتلة. وهو أمر ظل عالقاً بعد التفاهم على الحدود البحرية، إضافة إلى استعادة لبنان سيطرته على كامل نفق الناقورة. والتأكيد على ضمان عدم خرق العدو الخط الأزرق براً أو بحراً أو جواً.

ثانياً، تثبيت لبنانية النقاط البرية المتنازع عليها على طول الخط الأزرق الممتد من الناقورة حتى خراج بلدة الماري (الغجر). وهنا تبرز قضية سكان الجانب الشمالي من بلدة الغجر، الذين نقلت استطلاعات رغبتهم بالبقاء في الجانب الذي تسيطر عليه إسرائيل. وبالتالي، يُطرح السؤال عن مصير المباني التي قد يلجأ العدو إلى تدميرها بالكامل، لضمان عدم استخدامها لاحقاً.

ثالثاً: إعادة تفعيل العمل بالتفاهم البحري لناحية إطلاق عمل شركة “توتال” للتنقيب عن النفط والغاز في البلوكات البحرية المحاذية للحدود مع فلسطين.

وذكرت الصحيفة أنه “فيما يصرّ لبنان على أن يشمل أي تفاهم تثبيت لبنانية مزارع شبعا وانسحاب العدو منها، فقد أبلغ هوكشتاين الوسطاء أن مهمته محصورة بالخط الأزرق، وأن ملف مزارع شبعا ليس مُدرجاً على جدول أعماله، معتبراً أن الحل بشأنها مسألة لبنانية سورية”.

وفي ما يؤشر إلى طرح حزب الله الحصول على مكاسب سياسية في الداخل اللبناني مقابل أي اتفاق، أوردت الصحيفة القريبة من الحزب “أن مصادر سياسية تربط الأمر ليس بالحل في غزة وحسب بل باستقرار سياسي داخلي يتصل بملف رئاسة الجمهورية والحكومة والوضع الاقتصادي”.

وتعليقاً على ما ورد حول رئاسة الجمهورية والحكومة، قال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع “لفتني في المفاوضات الجارية بين محور الممانعة والموفدين الغربيين، وبالأخص الأميركيين، حول إعادة انتشار حزب الله في الجنوب وأمور أخرى، أن محور الممانعة ينهي حديثه دائمًا بالجملة التالية: “إن هذه الأمور لكي تتم تحتاج إلى وضع داخلي يتصل بملف رئاسة الجمهورية والحكومة”، الأمر الذي يُفهَمُ منه أن هذا المحور يضع رئاسة الجمهورية والحكومة المقبلة في إطار المفاوضات الجارية حول وضعه في الجنوب”. وأكد جعجع في بيان “أن هذا الأمر مرفوض جملة وتفصيلاً، فرئاسة الجمهورية ليست بدلًا عن ضائع، ولن تكون جائزة ترضية لمحور المقاومة، ولن تكون أمرًا ملحقًا لأي صفقة لا من قريب ولا من بعيد”، مضيفاً “رئاسة الجمهورية في لبنان هي موضوع قائم بحد ذاته لا علاقة له بأي صفقة أخرى. فبعد كل الذي جرى في لبنان وما يعيشه المواطن اللبناني أصبحنا وأكثر من أي وقت آخر بأمس الحاجة الى رئيس جمهورية فعلي ، همّه ليس ترتيب أمور محور الممانعة ولا خدمته، إنما تنظيم أمور الجمهورية اللبنانية والالتفات إلى مصالح الشعب اللبناني، ونرفض أي رئيس صوري لا يتمتع بالصفات المطلوبة لرئيس الجمهورية في هذه المرحلة، ويأتي كجزء من تسوية إقليمية يجري النقاش فيها في الوقت الحاضر”.

أما وزير الخارجية عبد الله بو حبيب وتعليقاً على استثناء مزارع شبعا من المفاوضات فقد قال “مزارع شبعا ركن أساسي في الحل الشامل ووقف التوتر في الجنوب ولا يمكن القفز فوقها”.