IMLebanon

الصحافيون على خط النار جنوباً: واجب مهني ووطني

كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:

على خط النار في قرى المواجهة الحدودية، يرابط عشرات الصحافيين على مدار الوقت وبكامل عتادهم الإعلامي لنقل صورة العدوان الإسرائيلي على الجنوب الذي بدأت وتيرته تتصاعد عقب عملية «طوفان الأقصى»، وقد قدّموا التضحيات الجسام من أرواحهم ودمائهم.

ثلاث ضحايا وعدد من الجرحى، قدّمها الصحافيون اللبنانيون على مذبح الحرية خلال ثلاثة أشهر ونيف من العدوان، حاولت إسرائيل خلالها إرهابهم وكسر إرادتهم، وحجب صورتهم وكتم صوتهم عبر استهدافهم المباشر بالقصف وصواريخ المسيّرات ولكن من دون جدوى.

وأولى ضحايا القافلة، استهدافها مجموعة من الصحافيين في علما الشعب (13 تشرين الأول 2023)، ما أدّى إلى مقتل المصوّر في وكالة «رويترز» عصام عبد الله، وإصابة 6 آخرين من بينهم طواقم ثلاث وكالات أجنبية ومراسلة قناة الجزيرة كارمن جوخدار ومصوّرها إيلي براخيا. وقد حسمت «هيومن رايتس ووتش» أن الاستهداف كان هجوماً متعمّداً مفترضاً على المدنيين وبالتالي جريمة حرب.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تكرّر وبشكل فاضح بعد شهر واحد تحديداً، حين استهدف القصف الإسرائيلي (13 تشرين الثاني 2023) الموكب الإعلامي الذي كان يجول في يارون، ما أدى إلى إصابة مصوّر الجزيرة عصام مواسي بجروح طفيفة، ونجا الباقون بأعجوبة.

غير أن الضربة الموجعة تمثّلت باستهداف فريق قناة الميادين في المنطقة الواقعة بين الجبين وطيرحرفا في القطاع الغربي (21 تشرين الثاني 2023) ما أدّى إلى مقتل المراسلة فرح عمر والمصور ربيع المعماري ومرافقهما الدليل الإعلامي حسين عقيل.

بينما نجا مراسل قناة «المنار» علي شعيب من استهداف الطريق الرابط بين الخردلي ودير ميماس (25 كانون الأول 2023)، وأصيب المصوّر خضر مركيز إصابة طفيفة في عينه جرّاء تطاير الزجاج. وأجمعت المنظمات الحقوقية والمؤسسات الإعلامية على أنّ القوات الإسرائيلية تثبت في كل يوم عدم احترامها القوانين والمواثيق الدولية التي تنصّ على حماية المدنيين والصحافيين في الحروب والمعارك.

ويقول مصور وكالة «سوشيتد برس» الزميل محمد الزعتري لـ»نداء الوطن»، وقد أصيب بكسور جرّاء سقوطه أثناء تغطية موكب تشييع عائلة شور في بليدا: «إنّ العمل الصحافي هو مهنة المتاعب، ولكنه يتحوّل مهنة محفوفة بالمخاطر أثناء الحروب، وخاصة أننا نغطّي اعتداءات العدو الإسرائيلي الذي لا يلتزم بأي قوانين ويرتكب المجازر ويستهدف المدنيين في غزة والجنوب من دون أي رادع إنساني أو أخلاقي. ورغم هذه المخاطرة، فإننا نؤدّي دورنا على أكمل وجه لاقتناعنا أن العمل يصبح واجباً وطنياً وأخلاقياً وليس مهنياً فقط، على قاعدة فضح جرائم العدو الإسرائيلي وكشف جرائمه، وقد ذاق لبنان الكثير من ويلاته في المجازر التي ارتكبها بحق المدنيين، وقد أدّى الصحافيون دوراً مهمّاً وبارزاً في فضحه أمام الرأي العام الدولي وإن كان قد نجا من العقاب».

أما الزميل بلال قشمر فيؤكد لـ»نداء الوطن» أن التغطية الإعلامية في الجنوب «لها نكهة خاصة عن تغطية الأخبار والأحداث الأمنية التي ممكن أن تحصل في أي مكان ومنطقة أخرى»، فالصحافي لا يقوم فقط بواجبه المهني ولا يتعامل مع الحدث فقط من هذا الباب، بل يتعدّاهما ويقوم بواجب الانتماء الوطني والإيمان بالقضية. لذلك نرى أن جميع الزملاء العاملين على تغطية المواجهات على جبهة الجنوب، رغم كل المخاطر التي يواجهونها ورغم كل ما تعرّض له الجسم الإعلامي في الجنوب كما في غزة وسقوط شهداء، مستمرّون في التغطية ولم يثننا أي ترهيب عن إكمال مهامنا والتراجع عن التغطية وتظهير الصورة كما هي وتوثيق بطولات المقاومة والاعتداءات على القرى الجنوبية، رغم محاولات العدو الإسرائيلي المتكررة الاعتداء على الإعلاميين».