IMLebanon

مهمّة هوكشتاين أكثر تعقيداً ممّا يعتقد

كتبت سابين عويس في” النهار”:

جلّ ما في التحرك الاميركي اليوم، يتلخص في ضرورة التوصل إلى حلّ موقت أو تسوية موقتة، تمنع تفلت الوضع الأمني جنوباً وانزلاق لبنان إلى حرب موسعة. صحيح أنه على مدى الأشهر الثلاثة الماضية منذ بدء عملية طوفان الأقصى، لم تخرج الحرب بين اسرائيل وحزب الله عن المستويات التي تجعلها حرباً حقيقية، بل بقيت ضمن مستوى المواجهات المحدودة في المكان، والمفتوحة في الزمان، ما دامت وحدة الساحات مع غزة تتحكم بها.

لعل أكثر ما يمكن التوقف عنده في زيارة هوكشتاين ومحادثاته، الاعتراف بوجود نافذة ولو صغيرة مفتوحة على الجانبين لإطلاق مسار الحل الديبلوماسي، وهو الأمر الذي تلقفه المبعوث الأميركي وعمل على البناء عليه لوضع هذا المسار على السكة، على نحو يقلص احتمالات توسع الحرب. وفيما ارتسمت انطباعات متفائلة بإمكان إحداث خرق يمنع استمرار المواجهات، يسمح للمساعي الديبلوماسية بأن تشق طريقها نحو حلّ، فإن الواقع أن الحل المقترح ليس حلاً جذرياً، بل موقت، ما يعني أن شبح الحرب لم يختف تماماً وإن كانت حركة هوكشتاين معطوفةً على حراك ديبلوماسي دولي ضاغط قد خففا من احتمالاته.

كلام ميقاتي عن تلمّس الموفدين الغربيين بدء تفهّم للموقف اللبناني، لجهة تطبيق القرارات الدولية عبر تطبيق البند الأول فيها القاضي بانسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية، قبل الحديث عن أيّ ترتيبات للاستقرار في الجنوب، يقابله انطباع لدى هؤلاء الموفدين، بأن لبنان لا يعي جدّية التهديدات المحدقة به، ولا يتعامل معها على هذا الأساس.

وبناءً على ذلك، فإن موقف ميقاتي يتماهى إلى حدّ بعيد مع موقف الحزب، اذ يربط تطبيق القرارات الدولية بوقف الحرب في غزة، كما يتمسّك بالعودة إلى اتفاق الهدنة الذي يتحدث عن لبنانية مزارع شبعا، ما يعطي الشرعية الكاملة لبقاء سلاح الحزب لتحرير الأراضي المحتلة. وهذا يقود إلى الخلاصة بأن لا حل نهائياً ولا حل مؤقتاً إن لم يعمل لبنان على فصل ساحته عن الساحة الفلسطينية لأن الربط بين الساحتين لن يؤدّي إلا إلى مزيد من الاستنزاف وتفاقم الخطر الأمني، فيما تتحوّل الورقة اللبنانية إلى تفصيل على طاولة التسوية الإقليمية للقضيّة الفلسطينية.

وكتب ميشال نصر في” الديار”: واضح ان زيارة الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين هذه المرة الى بيروت لا تشبه ايا من سابقاتها، سواء لجهة مضمون لقاءاته الثلاثة العلنية، او اللهجة التي قارب بها الملفات، او الاهم السرية التي احاط بها نقاشاته الجدية.

مصادر مطلعة على مضمون تقرير الوسيط الاميركي، كشفت ان الصيغة المعتمدة على دبلوماسيتها، الا انها جاءت متشائمة الى اقصى الدرجات، معتبرة ان ما رفعه هوكشتاين يعطي الضوء الاخضر للانتقال الى مرحلة التحضير العملي لاطلاق العملية العسكرية على جبهة لبنان، بغطاء ومشاركة اميركيتين، خصوصا ان رسائل التحذير وصلت على كافة جبهات محور الممانعة من العراق واليمن الى لبنان وفلسطين.

واشارت المصادر الى ان بيروت فوتت فرصة كبيرة، من خلال رفضها العرض الدبلوماسي المطروح، والذي كان كفيلا بتامين المخرج للحكومة اللبنانية لتحقيق مكاسب على حساب “اسرائيل”، من خلال حل مسالة بعض النقاط المختلف عليها، مقابل وقف العمليات العسكرية في الجنوب، بعدما تراجعت تل ابيب خلال المفاوضات عن موقفها من بعض النقاط المتحفظ عنها.

عليه تختم المصادر بان الاسابيع المقبلة تحمل اوضاعا سيئة بالنسبة للجبهة اللبنانية، وان شهر شباط سيكون “حاميا جدا” اذ يبدو ان المنطقة دخلت مرحلة تنفيذ الحلول “عالسخن”، ذلك ان الظروف غير ناضجة لاحداث أي خرق في اتجاه التهدئة سواء في غزة أو على الجبهة مع لبنان، خلافا للاعتقاد السائد عند الكثيرين بان البحث يدور حول التسوية المنتظرة، داعية الى متابعة الاوضاع على الجبهة اليمنية، التي ستكون تداعياتها لبنانيا كبيرة جدا.

بين كلام بلينكن وكلام هوكشتاين، جامعان مشتركان: الأول، لا جديد نوعيا فيهما، والثاني يعكسان الذهاب هرولة نحو التصعيد. في الخلاصة، رسم الاثنان سقفهما، تهدئة في الحد الأدنى، واتفاق في الحد الأقصى، لكن لا يبدو ان أحد الحدين يمكن أن يتحقق، ما يؤشر إلى أن الجواب عرف من العنوان.

لكل من المبعوثين ملفه، لكن في نهاية المطاف يلتقيان عند علامة واحدة: ماذا في اليوم التالي لحرب غزة، وماذا في اليوم التالي لمعارك الجنوب. ما كتب قد كتب. فشباط وآذار لناظرهما قريبان…