IMLebanon

إحتمال الحرب يُبقي الشغور الرئاسي

كتب وليد شقير في “نداء الوطن”:

يتأرجح لبنان بين التهديد الإسرائيلي بإطلاق الحرب على لبنان لاستهداف «حزب الله» والبلد برمته، وبين المراهنات من قبل بعض المسؤولين على استمرار الإمساك الأميركي بقرار حكومة بنيامين نتانياهو، وبالمتطرفين في عدادها أمثال إتامار بن غفير وبتسلئيل سموترتش، أم الأقل تطرفاً مثل بني غانتس ووزير الدفاع يوآف غالانت، لمنعهم من شن حملة عسكرية على الجنوب وأوسع من الجنوب في البلد.

تخضع الإجابة على السؤال اليومي عن الاحتمال والتوقيت لإطلاق تل أبيب عنان آلتها العسكرية ضد البلد، لتجاذب يومي. يومٌ يسرب المسؤولون الإسرائيليون بأنهم أعطوا فرصة للحلول الدبلوماسية التي يعوَّل على أن يقودها المستشار الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين، حتى آخر الشهر الجاري فإذا لم تنجح سينتقلون إلى الخيار العسكري. ويوم ثانٍ يقال إن واشنطن ما زالت قادرة على ضبط الجموح الإسرائيلي لأن لا حرب إلا بقرار منها، من دونه يصعب على إسرائيل خوض غمارها نظراً إلى حاجتها للإمدادات التسليحية. وفي اليوم الثالث يتسرب بأن وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن أبلغ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بأن إدارة الرئيس جو بايدن قادرة على لجم إسرائيل لمدة معينة لكن ليس طوال الوقت… في تلويح بأنه قد يأتي وقت تسلم واشنطن بخيار الحرب.

تتلاطم اللبناني التقديرات والتسريبات، فيما يراهن سياسيون محليون على استمرار إدارة واشنطن للحرب ضد غزة، لأن مصلحتها ألا تتوسع وتأخذ بعداً إقليمياً.

يراهن البعض على أن تنجح أفكار الوسطاء، الساعين إلى إقناع «حزب الله» بفصل جبهة جنوب لبنان عن الجبهة العسكرية المتمادية في غزة، لكن «الحزب» وإيران من خلفه ليسا في هذا الوارد كما بات مؤكداً، وعلى لسان الأمين العام السيد حسن نصر الله.

يعمل دبلوماسيون من دول وجهات عدة لإقناع الفرقاء اللبنانيين بانتخاب رئيس للجمهورية لأن ذلك يطلق مرحلة جديدة تعطي مساحة زمنية وفرصة لأن إنجاز الاستحقاق الدستوري، يسمح بالانكباب على اقتراحات قد يسعى هوكشتاين إلى تحقيقها تحت عنوان التطبيق الكلي للقرار 1701 بإخلاء جنوب الليطاني من السلاح والمسلحين، أو بسحب ولو جزئي لمقاتلي «حزب الله» والسلاح الثقيل من منطقة الحدود لمسافة قد لا تصل إلى حدود نهر الليطاني، كي يعود مستوطنو الشمال الإسرائيلي إلى منازلهم، مع معالجة النقاط الحدودية المختلف عليها وانسحاب إسرائيل منها… يقول الدبلوماسيون هؤلاء: «يجب تحقيق إنجاز داخلي ما، يستفيد منه لبنان. انتخاب الرئيس خطوة إيجابية قد تساعد على دفع الإسرائيلي لمقابلتها بالمثل. فإعادة تشكيل السلطة اللبنانية تسمح بتسريع التفاوض حول اقتراحات الوسيط الأميركي لتفكيك عوامل الانزلاق إلى الحرب، فيمدد المهل بحيث تصبح تل أبيب قابلة لانتظار ثمار ملء الفراغ وقيام حكومة كاملة الصلاحيات».

يقفز دبلوماسيون إلى الترويج لفرصة تجنيب لبنان الحرب، ملء الشغور الرئاسي أحد عناصرها، فوق التعقيدات التي تحيط بالإقليم، على رغم معرفتهم الأكيدة بصعوبة تطور من هذا النوع، رهنته طهران بما ستؤول إليه حرب غزة وما تفرع عنها من مواجهات إقليمية ودولية، من باب المندب إلى العراق وسوريا وغزة وآسيا الوسطى، وصولاً إلى الجنوب اللبناني. لم تمنع الصعوبات بعض السياسيين من التعويل الإعلامي على إمكان خروج اجتماعات ممثلي دول الخماسية المهتمة بأزمة لبنان بصيغة تسمح بانتخاب الرئيس، وعلى اختراق يمكن أن يحققه المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان، أو الجانب القطري بالتنسيق مع إدارة بايدن.

يبدو الترويج للتحرك الدولي لانتخاب رئيس للجمهورية بحجة أن التفاوض على الحدود منوط به حسب الدستور، أقرب إلى الإفراط بالنوايا الطيبة عند البعض، وإلى نوع من الإلهاء عند البعض الآخر، يواكب المواجهات العسكرية المضبوطة، إلى أن تنقشع المعادلة الإقليمية. فمن قال إن «الثنائي الشيعي» جاهز لتسوية على الرئاسة سواء عبر الخماسية أو غيرها قبل حصول تفاهم أميركي إيراني؟

لخّص الرئيس السابق لـ»الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط ما ينتظر البلد بالقول إنّ «الأمور تكبر في المنطقة ولا نعرف ماذا في العقل الإسرائيلي من مناورات… ولا رئيس جمهورية في الوقت الحاضر». سيبقى هذا واقع الحال، فيما يسعى بعض الفرقاء اللبنانيين بالجشع إياه إلى تحيّن الفرصة لقضم الحصص من بقايا الدولة، مستفيدين من الفلتان واهتراء المؤسسات.