IMLebanon

بعلبك: الإضراب يقسم الإدارات العامة

كتب عيسى يحيى في “نداء الوطن”: 

مضى أكثر من عامين على دخول موظّفي الإدارات العامة في دائرة الإضرابات احتجاجاً على تدنّي قيمة الرواتب، ومعها يدخل المواطنون دوّامة البحث عن نوافذ يطلّون عبرها لتسيير معاملاتهم الضرورية، ودفع ما تيسّر من إكراميات يقبلها الموظف منهم ولا يقبل أن يعمل بقيمة الراتب الذي يتقاضاه.

منذ حزيران عام 2022 أعلنت «رابطة موظفي القطاع العام» بدء إضراب مفتوح، سبقته إضرابات تحذيرية ومتقطّعة، لتحقيق مطالب تحسين الرواتب والتقديمات الإجتماعية، إلى زيادة بدلات النقل، ولم تفلح في تشكيل قوة ضغط على الدولة لتحقيق ما تريد. فهي المنقسمة على نفسها، حيث تمخّضت عن تلك الإدارات تجمّعات وهيئات، كلّ منها يغنّي على ليل الفئة والحزب الذي ينتمي إليه، وهو ما برز أخيراً، إذ أعلن «تجمّع موظفي القطاع العام»، الذي نشأ حديثاً، عن بدء إضراب مفتوح منذ بداية الأسبوع، فيما أعلنت الرابطة الإضراب من صباح الثلثاء حتى التاسع من شباط الحالي، في خطوة تحذيرية سبقتها خطوات وأشواط لم تؤتِ ثمارها.

لا تخفى على أحد حال الموظفين في المؤسسات العامة والخاصة والأجهزة الأمنية والعسكرية، بعد ارتفاع سعر صرف الدولار وبلوغه مستوياتٍ قياسية جرّدت هؤلاء من معاشاتهم ومدّخراتهم، وصار جلّ همّهم تأمين الطعام والشراب. وفي وقتٍ لا تزال حلول الحكومة ترقيعية، يبحث البعض عن عمل إضافي، والبعض الآخر قرّر الاعتكاف في المنزل، وما بين الفئتين، فئة ارتضت المثابرة على العمل مقابل الحصول على بدل خدمات من المواطنين لقاء تسهيل معاملاتهم، أو دعم بعض الأحزاب في عدد من المناطق في سبيل تأمين الخدمات لشعبها وجمهورها.

لا يختلف واقع الإدارات العامة في بعلبك الهرمل عن باقي المناطق، وتنقسم بين ملتزمة الإضراب وأخرى يعمل فيها الموظفون بشكل اعتيادي، غير أن اللافت هو حضور موظفين إلى بعض الإدارات وامتناعهم عن تسيير معاملات المواطنين والاكتفاء بمتابعة بعض الإجراءات الروتينية داخل الإدارة. وفي هذا الإطار، تسأل مصادر موظفين عن جدوى الإضراب الذي لا يغني ولا يسمن في ظل تشتّت الإدارات وموظفيها، والإضرابات السابقة كانت كفيلة بإثبات عدم الجدوى على عكس باقي الهيئات الوظيفية، من رابطة المعلمين في التعليم الرسمي، والتي تمسك بالامتحانات الرسمية كخنجر تطعن به خاصرة الدولة وتضغط عليها لنيل حقوق الأساتذة، ناهيك بالسبب في حضور الموظفين وامتناعهم عن العمل، وهم الذين يعلنون الإضراب لعدم قدرتهم على الذهاب الى الوظيفة. كذلك الأمر في بعض المؤسسات العامة التي تقع ضمن نطاق جغرافي معين، يفرض الإنتماء السياسي فيه للموظفين رغبة الراعي السياسي في الإضراب أو عدم الالتزام وتسيير أمور الناس، فضلاً عن قيام تلك الجهات السياسية بتقديم الدعم لتلك الإدارات من محروقات وقرطاسية وطاقة شمسية، إضافةً الى حوافز مادية للموظفين كبدلات نقل وغيرها.

وتضيف المصادر «إن التجربة على مدار المرحلة الماضية أثبتت أيضاً أن مصالح الموظفين أنفسهم تتحكّم في مسار عملهم، فبعض الإدارات كأقلام النفوس، لم تتوقف في عزّ الإضرابات، بسبب تقاضي الموظفين بدلات مالية من المخاتير عن كل إخراج قيد ينجز، مقابل مكوث معاملة من لا يدفع أياماً، واللافت في كل ذلك أن المواطن هو الضحية، حيث تتأخر معاملاته التي يحتاجها بسبب الإضرابات». وعليه، تسأل: «لماذا لا يلتحق الموظفون بمكاتبهم والعمل على قدر الرواتب التي يتقاضونها؟ هل يحق لهم تقاضي الرواتب وهم في المنزل؟ ولماذا لم يتوان جميع الموظفين في الأسلاك العسكرية عن الالتحاق بمراكز عملهم رغم كل الصعوبات التي واجهوها ولا يزالون؟».