IMLebanon

وقْف تمويل “الأونروا”… يؤثّر في لبنان سلباً!

كتبت رماح هاشم في “نداء الوطن”: 

ترك قرار وقف الدعم عن وكالة «الأونروا» من قبل بعض الدول التي تُعتبر المُموّل الرئيسي لها أثراً سلبياً سيترجم في المقبل من الأيّام على اوضاع الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية وبلدان الشتات لا سيّما الاقاليم الخمسة ومنها لبنان… والتأثير المُباشر سيكون على الدورة الإقتصادية للنازحين الذين يستفيدون في التعليم والطبابة والشؤون الإجتماعية، إلّا أنّه سيكون له إنعكاس أيضاً على محيط مخيّمات اللاجئين المٌستفيدين من برامج المساعدات التي تُقدّم لهؤلاء.

«الطرح» خطير جداً

يؤكد الوزير السابق شربل نحاس خلال حديثٍ مع صحيفة «نداء الوطن» أن «الطرح الذي نسمعه حول قضية وقف تمويل الأونروا خطير جداً على مستويات عدّة. بدايةً على المستوى الحياتي ، حتى بمعزل عن الأوضاع اللاإنسانية واللاطبيعية الموجودة اليوم في غزة.

فهذه المسألة تُصيب بالمباشر الأوضاع الحياتية لكافة اللاجئين الفلسطينيين أينما وجدوا إن في غزة أو لبنان أو الضفة الغربية أو سوريا أو الأردن»، مشيراً إلى أنّ «الأونروا هي من تحلّ فعلياً محلّ الدولة في تقديم الخدمات الأساسية والتي تشمل الصحة والتعليم والعمل لهؤلاء الملايين من اللاجئين».

ويضيف: «النقطة الثانية هي أن الأونروا أُنشِئت فور قيام الكيان الإسرائيلي وقبل إنشاء مفوضية اللاجئين، مع فرق جوهري أنها أنشئت على أساس سياسي بإعتبار أن هؤلاء اللاجئين وضعهم مؤقت، وهم عائدون الى بلادهم ضمن ترتيب يستغرق عامين أو ثلاثة، لكن حتى يومنا هذا لم يحصل أي شيء، لا بل ساءت الامور».

ضرب الشروط الحياتيّة

ويرى نحاس أن «تصفية الأونروا من خلال قطع التمويل عنها يُعتَبَر أولاً ضربا للشروط الحياتية الأبسط للاجئين الفلسطينيين، وثانياً ضرباً لحجة مؤسسة سياسية تعترف باللاجئين كفلسطينيين، ودورها مواكبتهم بالخدمات الانسانية والاجتماعية، كونهم لاجئين ولهم الحق في العودة.

لكن التحجج بوجود عدد من الأشخاص من الأونروا ساهموا في عملية 7 تشرين أمر مخزٍ .

لنفترض أنهم شاركوا، بغض النظر عما إذا كنا نؤيد هذا العمل أم لا، أيُعقَل إذا قام 6 أو 7 أشخاص من مؤسسة تضم 50 ألف موظف بعمل لا يرضي الاسرائيليين ولا الدول الغربية أن تُعاقَب المؤسسة بأكملها؟ فما هي هذه الححج الإجرامية؟ المسألة في غاية الخطورة».

عمل إجرامي

أما بالنسبة لتأثيره على لبنان، فيؤكد نحاس أن «أثره سيئ، فهناك الكثير من الأشخاص الذين يتكلون على المساعدات التي تُقدَّم لهم من تعليم وغيره، لكن مع قطع التمويل عن الأونروا سوف يكون وضعهم سيئاً»، لافتاً إلى أن «هذه الأمور واضحة وليست بحاجة إلى شرح، وما يحصل عمل إجرامي موصوف فعلياً».

أما في ما يتعلق بالموظفين، فيؤكد أن «غالبيتهم من الفلسطينيين لأن من إحدى مهام الأونروا تأمين وظائف للاجئين، إضافة إلى عدد من الموظفين اللبنانيين، لكن العبء الأساسي سيقع على اللاجئين الفلسطينيين من معلمين في المدارس وممرضين».

لا قرار بوقف التمويل نهائياً

بدوره، يؤكد الباحث في السياسات العامة زياد الصائغ أن «لا قرار بوقف تمويل «الاونروا»، بل أن بعض الدول قرر تعليق التمويل بناءً على موقف سياسي إنحيازاً للرواية الإسرائيلية التي تقول إن بعض العناصر العاملة في الاونروا شاركت في عملية 7 أكتوبر، وهنا ردّت «الاونروا» بأنها أعلنت أساساً أنها ستقوم بالتحقيق في هذه المسألة».

ويضيف الصائغ خلال حديث مع «نداء الوطن»: «رغم أن بعض الدول أخذت القرار بتعليق التمويل، أعلنت دول أخرى إستمرارها في الدعم كإسبانيا مثلاً. المجتمع الدولي ليس كله منحازاً لتعليق أو وقف التمويل رغم التوجه والضغط الإسرائيلي لإنهاء دور «الاونروا».

حركة إقتصادية متشابكة

أما على المستوى الاقتصادي، فيشير الصائغ إلى أنه «ليس سليماً ولا صحياً فصله عن الملف السياسي، لأنه سياسي بامتياز»، لافتاً إلى أن «الاونروا» في العالم والمنطقة ولبنان تعاني في الأساس من نقص في التمويل، ما يجعلها غير قادرة على تقديم خدماتها بشكل كامل. وبالتالي علينا الإعتراف بأنها في السنوات العشر الأخيرة بدأت تعاني من مشاكل في التمويل خاصة في المجموعة الدولية، وكانت المجموعة العربية تسد الفجوات، لا سيما المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة، كما كانت للكويت والبحرين أيضا مساهمات. لذا يجدر التنبّه إلى أن «الاونروا» كانت في الأساس تواجه فجوة مالية تاريخية».

أما على المستوى اللبناني، فيشدّد الصائغ على أن «الموازنة العامة لـ»الاونروا» تعاني أساساً من فجوة تمويلية، وفي لبنان مررنا بصعوبات لا تتنبّه لها الذاكرة اللبنانية، وهي أن «الاونروا» كانت تقدّم خدمات في 12 مخيماً في لبنان بشكل طبيعي وتلقائي، من تربوية وصحية وحتى إنسانية. علينا ألا ننسى أن معركة مخيم نهر البارد حوّلت حوالى الـ 60 إلى 70% من جهد «الاونروا» التمويلي لإعادة الإعمار».

ويؤكد انه «في حال تمّ تعليق التمويل أو تأخّره ، كما تقول «الاونروا»، فإن من شأن ذلك أن يؤثر على الخدمات التي تُقدَّم في غزة. فهم لا يستطيعون التحمل لأكثر من نهاية شهر شباط»، معتبراً أن «تخفيض الخدمات في المخيمات على المستوى التربوي والصحي والانساني سوف يؤثر على الحالة الاقتصادية للاجئين الفلسطينيين الذين أصبحت أوضاع الكثيرين منهم، بسبب التقديمات التي يحصلون عليها من قبل منظمة التحرير الفلسطينية و»الأونروا»، أفضل من وضع بعض اللبنانيين. وهنا نتحدّث عن بعض الخدمات والمساعدات التي تُقدَّم لهم، لكن وضعهم داخل المخيمات من حيث البنى التحتية كارثي، ويعيشون في وضع غير مقبول حتماً».

كما يؤكّد الصائغ أنّ «الدورة الإقتصادية في المخيمات والبلدات المحيطة ستتأثر جراء هذا القرار، لأن الحركة الإقتصادية أصبحت متشابكة بين المخيمات ومحيطها. وبالتالي، ولسوء الحظ، ستشمل الأكثر فقراً من اللاجئين الفلسطينيين والمواطنين اللبنانيين على حدّ سواء». ويختم: «كل هذا بكفة وغياب السياسة العامة للدولة اللبنانية لإدارة سليمة لملف اللجوء الفلسطيني بكفة أخرى. وهذا أخطر ما نعيشه».

جهود لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني

ومن جهتها، أشارت مسؤولة الإعلام والتواصل في لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني جولي مجدلاني إلى أنّ «الفلسطينيين يعيشون أصلا في واقع صعب، واليوم جاء قطع التمويل ليزيد الوضع سوءاً. فنحن نتحدث عن عدد كبير من الموظفين العاملين في إطار وكالة الأونروا الذين سيتأثرون في حال إستمرار قطع التمويل، إلى جانب تأثّر الخدمات المباشرة في قطاعي التعليم والطبابة، خصوصاً وأن عدد مدارس الاونروا في لبنان يبلغ 63، أما الطلاب فعددهم حوالى 38 ألف طالب، إضافة الى 27 مركزاً صحياً». وتؤكد مجدلاني لـ «نداء الوطن» أن «جهود لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني تنصبّ اليوم على العمل في سبيل التراجع عن قرار وقف التمويل، وألا يتأثّر لبنان بهذا القرار كي تبقى الوكالة مستمرة في عملها».