IMLebanon

السلطة تفرّق بين المتقاعدين والموظفين

كتب فؤاد بزي في “الأخبار”: 

خرجت الفئة الأكثر تهميشاً من موظفي القطاع العام عن صمتها. أمس، عاد المتقاعدون من موظفي الدولة، وعلى رأسهم متقاعدو الجيش والقوى الأمنية، إلى الشارع. التحركات التي انطلقت من أمام مبنى الضريبة على القيمة المضافة في فرن الشباك توسّعت لتصل إلى أبواب وزارة المال. وأمام مرفأ بيروت كان التجمّع الأكبر، حيث أُشعلت الإطارات وجرى تعطيل حركة الدخول والخروج من المرفأ لعدة ساعات.ما حفّز هذا التحرّك هو أن الحكومة أسقطت من موازنة عام 2024 تمويل أيّ زيادات على الرواتب للموظفين وللمتقاعدين. وقد عمدت في المقابل إلى إعداد مشاريع مراسيم أخرجت المتقاعدين عن طورهم وأنزلتهم إلى الشارع. فقد نجحت بدعة بدلات الإنتاجية التي تستخدمها السلطة السياسية في شراء الذمم، وفرّقت بين الموظفين والمتقاعدين. هذه الزيادات تُعطى من خارج أساس الراتب، وتشمل فقط من هم في الخدمة، وبالتالي تغيب عن معاشات المتقاعدين الذين خدموا الوظيفة العامة لعشرات السنين، ودفعوا كلّ ضرائبهم أملاً بالحصول على تقاعد لائق.

الإجحاف بحق المتقاعدين واضح في أرقام الموازنة، إذ لا تتعدّى قيمة معاشاتهم 2500 مليار ليرة، فيما تصل قيمة رواتب الموظفين في الخدمة إلى 70 ألف مليار. وبدل العمل على وضع سلسلة رتب ورواتب جديدة تراعي التضخم، وتهاوي قيمة الرواتب مع فقدان الليرة لقيمتها أمام الدولار، سعت السلطة السياسية إلى إعادة تفعيل القطاع العام عبر توزيع الرشى على الموظفين. في البداية، ناقشت الحكومة مشروع مرسوم يعطي بدلات إنتاجية يومية للموظفين فقط، ولو مرّ المرسوم الأول لكانت قيمة معاش المتقاعد قد تدنّت إلى حدود 10% مقابل راتب الموظف من الفئة نفسها، علماً أن المعاش التقاعدي يحب أن لا تنزل قيمته عن 85% من راتب الموظف في الرتبة نفسها.
لا يتعدّى مجموع قيمة معاشات المتقاعدين 2500 مليار ليرة

تحت ضغط الشارع، تراجعت حكومة نجيب ميقاتي عن المشروع الأول، واستبدلت الفكرة الأولى بإعطاء 3 رواتب إضافية للموظف في الخدمة، ومعاشين للمتقاعد. حتى اللحظة، لم يُقَرّ أيٌّ من المشاريع الحكومية، رغم إقرار الموازنة التي ضاعفت الرسوم حتى 46 ضعفاً، ولكن السلطة السياسية نجحت في شقّ صف الموظفين والمتقاعدين عبر خلق شتاء وصيف تحت سقف واحد. من جهة، يرغب الموظفون في الحصول على زيادة بأيّ ثمن، فقيمة الرواتب المضاعفة 7 مرات لا تزيد على 200 دولار. ومن جهة ثانية، أسقط الموظفون المطالبون بالزيادات كيفما كان من حساباتهم تماماً أنّهم غداً قادمون نحو التقاعد.