IMLebanon

مبادرة “الاعتدال” الرئاسية.. حوار إلى حين التوقيت الأميركي

كتب منير الربيع في “المدن”:

يجيد اللبنانيون تكرار التجارب والمسارات. ربما لضيق الخيارات، لكنهم غالباً ما يبحثون في دفاتر قديمة. فالاعتراض بداية على أفكار أو مبادرات، يمكن أن يتغير في نهاية المطاف. عند أي استحقاق يعودون إلى ما درجت العادة عليه أو اختبروه.

فحول الوضع في الجنوب، هناك من يقترح العودة إلى اتفاقية نيسان 1996، وهي بالتالي تجربة مجرّبة، وآخرون يتمسكون بتطبيق القرار 1701 الصادر في العام 2006. وجهة ثالثة تقترح العودة إلى اتفاقية الهدنة في العام 1949، أما الفكرة الرابعة فتشير إلى العودة لتجربة بناء أبراج بريطانية في البقاع عام 2014 واستنساخها في الجنوب.

أربع تجارب سابقة يتم التداول بها مجدداً، وسط اعتراضات واختلافات، لكن كلها قد تصح أو البعض منها عندما يحين موعد تسوية أو اتفاق.

تجارب الحوار
سياسياً، وفي الاستحقاق الرئاسي أيضاً، هناك عودة إلى تجارب سالفة. آخرها مقترح الحوار في مجلس النواب، أو ما يفضل البعض تسميته بجلسات تشاورية أو نقاشية. هي فكرة يستعيد بها اللبنانيون تجارب سابقة، حوار العام 2005، وجلسات تشاور العام 2006، وحوار بعبدا في العام 2010، وحوار عين التينة في العام 2015.

كلها حوارات كانت على سبيل تعبئة وقت ضائع لم تسهم في إنتاج أي حل، ولا توافق. فغالبيتها انتهت بانفجار الطاولة التحاورية. ربما تجربة حوار 2015 في عين التينة كانت ذات إطار تمهيدي لتسوية داخلية، على وقع حوار أميركي إيراني في تلك الفترة، أفضى إلى اتفاق على الملف النووي، انعكست نتائجه لبنانياً في تسوية سياسية لم يلحظها حوار عين التينة، الذي توقف بفعل عدم اتفاق بين جبران باسيل والمتحاورين، وخصوصاً رئيس مجلس النواب نبيه بري، ليذهب بعدها باسيل ويتوج ميشال عون رئيساً للجمهورية، بنتيجة حواره الثنائي مع تيار المستقبل والقوات اللبنانية.

مبادرة كتلة الاعتدال
حالياً، يتم البحث في مبادرة كتلة الاعتدال التي تجول على الكتل المختلفة، وتحمل فكرتين متزامنتين، التشاور بين الكتل وعقد جلسات انتخابية مفتوحة. تنص الفكرة على التشاور بين الكتل النيابية من خلال تسمية كل كتلة ممثل لها للتحوار حول النقاط والمواصفات والمعايير التي يفترض أن تتوفر في المرشح المفترض لرئاسة الجمهورية. يتم التشاور بناء على الإجابات التي تم تقديمها للمبعوث الفرنسي جان إيف لودريان، والتي يمكن لها أن تشكل قواسم مشتركة بين كل الكتل. ففي حال توافقت الكتل مثلاً على 6 أو 7 معايير من أصل 10، يمكن اعتماد هذه المعايير في اختيار الرئيس، ومن بين هذه المعايير الالتزام باتفاق الطائف ووثيقة الوفاق الوطني، الالتزام بالدستور، وأن يتمتع الرئيس المرتقب بعلاقات جيدة مع الداخل والخارج، ولا يكون مستفزاً لأي طرف ولا يشكل غلبة لطرف على حساب الآخر، وأن يكون لديه رؤية اقتصادية، وقادر على استعادة وتحسين العلاقات مع الدول العربية، وغيرها من الأفكار.

عملياً، كان رئيس مجلس النواب نبيه برّي قد دعا إلى حوار مشابه، على أن يكون لمدة أسبوع، وبعده تعهد بالدعوة إلى جلسات انتخاب متتالية. الأمر الذي اعترضت عليه كتل نيابية عديدة لا سيما الكتل المسيحية، التي رفضت الحوار بداية، واشترطت على الثنائي الشيعي التخلي عن مرشحهما سليمان فرنجية والتحاور على شخصية ثالثة. كما يصر برّي على أن تشارك القوى المسيحية في الحوار لأنه يفترض أن يجري معها. هنا برزت مبادرة “الاعتدال” حول فتح المجلس النيابي وعقد الجلسات التشاورية، وبعدها يتم فتح الجلسات. وافق رئيس حزب القوات اللبنانية على المقترح ولكنه وضع شروطاً واضحة حول أن يتزامن التشاور مع فتح جلسة الانتخاب، فيكون التشاور على هامش الجلسة.

كذلك تشير المعلومات إلى أن خطوط التواصل مفتوحة بين رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل ورئيس مجلس النواب نبيه برّي، وسط استعداد لدى التيار بالذهاب إلى هذه الجلسات ولكن بشرط أن تؤدي إلى عقد جلسات مفتوحة.

القناعة الأميركية
قد تحظى المبادرة وما يتصل بها بتأييد خارجي أو من أطراف اللجنة الخماسية، لكن مصادر سياسية لا تعول كثيراً عليها، إذ يعتبر هؤلاء أن كل الاستحقاقات في لبنان تنتظر ما ستؤول إليه معارك غزة والوضع في الجنوب ربطاً، على قاعدة أن الجميع سيكون بحاجة لانتظار الأميركيين، الذين أصبحوا على قناعة بأن كل الملفات في لبنان ترتبط ببعضها البعض، ولا كلام عن حلول قبل وقف اطلاق النار في غزة.

هناك من يشير إلى أن أميركا وحدها تريد أن تكون صاحبة الحل، وإن عملت على توزيع الأدوار بين قوى داخلية وخارجية.

في هذا السياق، تشير المصادر المتابعة إلى أن أميركا بصدد الاستعداد لاستئناف تحركها السياسي، الذي سيكون مواكباً للتحركات حول إرساء الاستقرار في الجنوب. لذا، لا بد من توقع تفعيل التحرك الأميركي على خط رئاسة الجمهورية، ولكن ربطاً بما سيتم التوصل إليه بشأن الجبهة الجنوبية.