IMLebanon

إنفراجة النيابة العامة ترتدّ سلباً على “العدلي” و”المرفأ”

كتب طوني كرم في “نداء الوطن”:

تتوالى التحديات التي تعتري مسار العدالة في لبنان؛ حتى أضحى الحديث عن انتظام عمل المحاكم في غير مكانه ما لم يتلازم وحلٍ سياسي يبدو للبعض بعيد المنال.

بـ»ميزان جوهرجي»، ضمنت القواعد الطائفيّة الإبقاء على النيابة العامة التمييزية من حصّة السنّة، قبل أن يتبيّن أنّ «الصفقة» السياسية التي مهّدت لتكليف القاضي جمال الحجار بمهمات سلفه المُحال على التقاعد القاضي غسان عويدات، تضمن إيجاد مخرج لائق للمحامية العامة التمييزيّة القاضية ندى دكروب بتكليفها رئاسة غرفة في محكمة التمييز؛ ويتحوّل بذلك، حلّ «المأزق الطائفي» على جبهة النيابة العامة التمييزية إلى معضلة تحول دون التئام المجلس العدلي، بل تعليق عمله مع انتقال أحد قضاته الأصيلين بحكم المهمات المكلف بها إلى تمثيل النيابة العامة أمام المجلس العدلي والمحقق العدلي.

واذ يتكون المجلس العدلي من الرئيس الأول لمحكمة التمييز رئيساً، القاضي سهيل عبود راهناً، ومن أربعة قضاة من محكمة التمييز أعضاء يعيّنون بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناءً على اقتراح وزير العدل وموافقة مجلس القضاء الأعلى، فإنّ المادة القانونية ذاتها أوجبت أن يشمل المرسوم تعيين قاض إضافي أو أكثر ليحل محل الأصيل في حال وفاته أو تنحيته أو ردّه أو انتهاء خدمته، إلا أنّه وبعد مرور ٦ سنوات على صدور مرسوم تعيين أعضاء المجلس بتاريخ 16/2/20١8، أحيل 5 من بين القضاة الأصيلين والإضافيين الذين لحظهم المرسوم على التقاعد؛ 3 قضاة أصيلين وهم: جوزيف سماحة، ميشال طرزي، غسان فواز، وإثنان من القضاة الإضافيين، وهما خالد زوده وتريز علاوي، ويقتصر بذلك أعضاء هيئة المجلس العدلي على الرئيس المعيّن بالأصالة القاضي سهيل عبود والقاضي جمال الحجار (قبل تكليفه مهمات النيابة العامة)، والقضاة الإضافيِّين المتبقين: عفيف الحكيم، جان مارك عويس، مايا ماجد.

وبعيداً عن تحميل وزير العدل هنري الخوري من جديد المسؤولية عن تعطيل إقرار التشكيلات القضائية قبل إلتحاق المجلس العدلي، بعد الهيئة العامة لمحكمة التمييز، بواقع الانتظام السياسي والمؤسساتي «المعلّق» العمل به في لبنان، تلفت أوساط قضائية معنية لـ»نداء الوطن» إلى أنّ تعيين أعضاء المجلس العدلي يعود في الدرجة الأولى إلى مجلس الوزراء، قبل ان تتوقف عند الواقع السياسي السائد والتحديات التي تحول دون ذلك، وتشدّد على وجوب إجتراح الحلول القانونية الممكنة تجنّباً لترسيخ مبدأ تعطيل العدالة في لبنان.

ونظراً للترابط السياسي الوثيق بين تشكيل المجلس العدلي والقضايا التي تحال إليه حصراً بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء، تشير الأوساط القضائيّة نفسها إلى أنّ عجز الحكومة عن القيام بدورها يضع وزير العدل الوصي على انتظام هذا المرفق، أمام مسؤولية البحث عن آلية لجهة إنتداب أو تكليف قاضٍ من محكمة التمييز إلى المجلس العدلي؛ وتجدر الإشارة إلى أنّ الانتداب يتم بموافقة وزير العدل ومجلس القضاء الأعلى على الإسم المقترح، وهي الحالة المرجّح إعتمادها راهناً، في حين أنّ التكليف المستبعد في هذه الحالة، يمكن أن يتم بقرار من الرئيس الأول لمحكمة التمييز.

توازياً، لا يغيب تركيز المعنيين على وجوب وأهميّة إلتئام الهيئة العامة لمحكمة التمييز المكوّنة من رؤساء غرف محاكم التمييز، وهي الهيئة الأساسيّة التي تدفع «وِزْر» تعطيل التشكيلات القضائيّة العامة والجزئيّة؛ حيث تقتصر رئاسة غرفها العشر راهناً، على اثنين بالأصالة، وهما القاضية سهير الحركة والقاضي عفيف الحكيم، و3 بالإنتداب، وهما القاضيتان جانيت حنا ورندة كفوري إلى جانب القاضي ناجي عيد، وقاضيين بالتكليف هما ندى دكروب وجان – مارك عويس؛ فيما لم يتضح بعد اذا كان المعنيون سيتمكّنون من إنتداب قاضٍ لترؤس الغرفة التي كانت في عهدة القاضي جمال الحجار، أم سيتم التسليم بقاعدة تسيير العدالة بالحدّ الأدنى أي بالتكليف.

وإن كان من البديهي أن يعمد الرئيس الأول إلى تكليف قاضٍ لرئاسة الغرفة السابعة لمحكمة التمييز خلفاً للحجار، إلّا أنّ الأهمية تبقى في قدرة وزير العدل ومجلس القضاء الأعلى على التوصل إلى انتداب قاضٍ لمحكمة التمييز، إنطلاقاً من البحث المتقدّم بين أكثر من مرجع قانوني، والذي يصبّ في خانة احتمال مشاركة القضاة المنتدبين إلى جانب القضاة الأصيلين، في اجتماع الهيئة العامة لمحكمة التمييز، بعد التسليم بتعذّر مشاركة القضاة المكلفين.

وإلى حين بلورة المخارج التي ستعتمد، تلفت أوساط حقوقية إلى أنّ «الطُرق الحُسنى» التي ينتهجها الرئيس نجيب ميقاتي في استنسابيّة تصريف الأعمال، وعلى الرغم من أنها لا ترقى إلى مستوى تأمين إحقاق الحقّ وانتظام عمل المحاكم… يمكن تفهمها، خلافاً للتسليم بعدم قدرة وزير العدل هنري الخوري إلى جانب مجلس القضاء الأعلى، على التوصّل إلى تأمين الحدّ الأدنى المطلوب لإنتظام عمل المحاكم في لبنان أسوة بانتداب القضاة الأكفّاء إلى المراكز الشاغرة. وتتساءل بالتوازي، ما إذا وقع المعنيون أو أُوقعوا في فخّ تعطيل المجلس العدلي لقطع الآمال المعقودة على استئناف المحقق العدلي في تفجير المرفأ طارق البيطار عمله، باعتبار أنّ التعويل على إصدار القرار الظني قريباً، ليس في محله، لأنّه سيوضع أمام محكمة ستبقى معطلة، أي المجلس العدلي.