IMLebanon

لبنان يخشى عدم شموله بالهدنة

كتب منير الربيع في “الجريدة” الكويتية:

وسعّت إسرائيل من نطاق عملياتها العسكرية في لبنان، وأصبحت تستهدف مناطق على بعد 100 كلم عن الحدود الجنوبية، في مواجهات تسقط معها كل قواعد الاشتباك.

لكنّ ما شهده اليومان الفائتان ينطوي على رسائل بعيدة المدى، إذ الى جانب استهداف مراكز لحزب الله في منطقة بعلبك، كانت إسرائيل قد استهدفت شاحنة للحزب في منطقة القصير. وأول المؤشرات التي يمكن التقاطها من هذه التطورات هو رسائل إسرائيلية واضحة لحزب الله بأنه في حال اتّسعت رقعة المواجهات، فإنها ستكون قادرة على ضرب أهداف للحزب لقطع طرق إمداده، خصوصاً في البقاع وعلى الحدود اللبنانية – السورية.

ولا يمكن فصل الاستهدافات في تلك المنطقة بين لبنان وسورية عن مسار التصعيد السياسي الذي سلكته دمشق بالتنسيق مع إيران وروسيا، وفق ما تشير مصادر متابعة حول رسالة الاحتجاج على استمرار عمل أبراج المراقبة البريطانية على الحدود اللبنانية – السورية.

تلك الأبراج شيّدت عام 2014، وفي عام 2018 طلبت دمشق توضيحات من الجيش اللبناني حول آلية ونطاق عمل هذه الأبراج، فردّ الجيش بتقرير تقني مفصل.

إلّا أن دمشق عادت وأثارت الموضوع، مطالبةً بالكشف عن عمل هذه الأبراج، ومدّعية أنها تسهم في خرق أمنها القومي، وهي التي تعطي إحداثيات للإسرائيليين لتنفيذ عمليات في الداخل السوري.

ويستعد لبنان للرد على الرسالة السورية، وسط ضغوط سياسية لتشكيل لجنة مشتركة بين البلدين للكشف عن آلية عمل الأبراج. لكن الأساس يبقى في توقيت رسالة الاحتجاج، الذي تشير مصادر متابعة إلى أنه رسالة اعتراضية من حزب الله وإيران على المقترح البريطاني الذي ينصّ على إنشاء أبراج للمراقبة مشابهة في الجنوب اللبناني وعلى طول الحدود، وذلك لمراقبة وضبط أي حركة تسلّح. في هذا السياق، فإن لبنان يعترض على المقترح البريطاني، خصوصاً أن الأبراج، وفق ما هو مطروح، ستكون موجهة الى الداخل اللبناني، ولديها قدرة تغطية لنطاق عمل يتخطى مسافة الـ 40 كلم.

وأمام هذه الوقائع، لا يزال لبنان ينتظر حصراً المبادرة الأميركية التي يفترض أن يحملها المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، على قاعدة أنه لا أحد قادر على التأثير والضغط على إسرائيل سوى الأميركيين، وبهذا المعنى، فإن لبنان يرفض المقترح البريطاني والفرنسي أيضاً، خصوصاً أن الحكومة اللبنانية ستقدم رداً يحوي اعتراضات متعددة على ما ورد في الورقة الفرنسية.

وثمة في لبنان من يعتبر أن كل هذه المبادرات والطروحات هي محاولات لتضييع الوقت بانتظار الحل الأميركي الذي ينتظر الهدنة في قطاع غزة. وتفيد المعلومات بأن لبنان أرسل رسائل واضحة حول استعداده لأن تكون الهدنة سارية على أراضيه، بالتزامن مع هدنة غزة، لكن ما يطالب به الأميركيون هو أن تبقى التهدئة في لبنان طويلة الأمد، ويستمر الالتزام بها حتى وإن تجددت المعارك في قطاع غزة. وفي هذا السياق تنقسم وجهات النظر الى قسمين، الأول يفيد بقدرة الأميركيين على تحقيق الفصل بين الجبهات، والثاني يستبعد ذلك، ويعتبر أنه في حال عاد الإسرائيليون الى شنّ عملياتهم العسكرية في رفح، فإن حزب الله سيستأنف عملياته.

وفي حال اتجهت الأمور الى استمرار العمليات العسكرية، أو اتجهت نحو الهدنة والبحث عن حل سياسي، تؤكد المعلومات الدبلوماسية أنه لا بدّ أن ينتج عن ذلك واقع جديد تختلف قواعده وترتيباته الميدانية عمّا كان عليه الوضع سابقاً، سواء بعد التحرير عام 2000 أو بعد عام 2006 وآلية تطبيق القرار 1701 الملتوية.

وهناك من يشير الى ضرورة فرض ضمانات أكثر ثقة لتوفير الاستقرار الطويل الأمد، وهذا لا بدّ أن يكون بضمانات دولية، بعضها يرتبط بعمل «يونيفيل»، وبعضها يرتبط بعمل الجيش اللبناني مقابل إبعاد حزب الله لأسلحته الثقيلة عن الحدود.