IMLebanon

صعوبات كبيرة تواجه لبنان

كتب ناصر زيدان في “الأنباء” الكويتية:

التطمينات التي عاد بها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من مؤتمر ميونيخ للأمن وأشارت إلى قرب الخروج من دوامة الحرب في الجنوب، لم تبدد مشهدية الصعوبات القائمة في لبنان، فالعدوان الإسرائيلي مستمر، بينما تطفو على السطح ملفات جديدة معقدة، ومنها اضراب الموظفين العموميين الذين يطالبون بزيادة رواتبهم المتدنية، ومطالبة الدائنين الخارجيين بالتفاوض حول استحقاقات 31 مليار دولار من سندات «اليوروبوند»، وهي معطلة منذ اعلان الدولة التوقف عن الدفع في مارس 2020، بينما الخلل في ملفات الاستشفاء وصيانة الطرق والتربية وغيرهم واسع جدا، والاعتراضات على بعض بنود الضرائب التي أقرتها الموازنة كبيرة، كما أن موضوع اقفال دوائر الشؤون العقارية في جبل لبنان «تحديدا» منذ أكثر من عام، بدأ يأخذ أبعادا سياسية وطائفية حذر منها البطريرك بشارة الراعي في خطبة الأحد الماضي.

وبرغم حراك نواب لقاء الاعتدال الذي جال على الكتل النيابية، لا يبدو أن ملف انتخاب رئيس جديد للجمهورية أصبح قيد الإنجاز أو أنه وضع فوق نار حامية، بينما نار الحرائق السياسية والمالية والأمنية تشتعل في كل زاوية من زوايا المجتمع اللبناني المعقد. وحل المعضلات القائمة يحتاج إلى وجود رئيس للجمهورية يشرف بصلاحياته الدستورية على الاتفاقيات التي قد تحصل في الجنوب، ويؤلف بالتوافق مع رئيس مكلف جديد حكومة أصيلة ـ وهو ما كان يجب أن يحصل بعد انتخاب المجلس النيابي قبل سنتين ـ والرئيس هو الذي يجب أن يدفع بعملية إجراء تعيينات إدارية وقضائية وعسكرية لمواقع أساسية لا يجوز أن تبقى شاغرة أو تدار بالوكالة، وبالتالي ينقذ البلاد من التحليلات غير المسؤولة التي ذكرت بمناسبة التعيين الضروري والملح لرئيس أركان الجيش، لأن تفاقم السجال حول هذا الموضوع سيؤدي إلى إشعال حرائق سياسية ومذهبية إضافية، خصوصا إذا ما اقدم وزير الدفاع موريس سليم على خطوات فيها تحد للمؤسسة العسكرية، بينما ما حصل من اختلال إداري طفيف بمناسبة إجراء عملية تعيين اللواء حسان عودة لناحية تأخير صدور المرسوم، كان بسبب عدم قيام الوزير بمهامه العادية في الوقت المناسب، والمادة 28 من قانون تنظيم أعمال مجلس الوزراء تلزمه بتوقيع المراسيم التي تنفذ بموجبها هذه القرارات، ولا يجوز له على الإطلاق تعطيل مقررات الحكومة.

البيان الذي صدر بعد اجتماع لجنة سفراء الدول الخمس في مقر السفارة الفرنسية ببيروت، لم يبشر بحل قريب لملف انتخاب رئيس جديد للدولة العتيدة. وبعد أن تسربت معلومات عن مبادرة للمبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، تهدف لإيجاد حل لتعقيدات الملف الرئاسي وللحرب القائمة في الجنوب، اختفى النبأ عن شريط الأخبار. ومن الواضح أن هناك خلافات جديدة ـ أو ربما اتفاقات ـ حصلت، حول ما يجري في غزة وفي لبنان.

غالبية المعطيات لا تبشر بالفرج القريب في الملف الرئاسي، وقد نكون أمام وضعية أمر واقع جديدة مشابهة لما حصل في العام 2016، عندما تم انتخاب العماد ميشال عون بتوافقات فوقية فرضتها مصالح خارجية، وتتكرر بذلك أسوأ تجربة بتاريخ الجمهورية، أدت إلى تقويض السيادة، والى انهيار وفوضى غير مسبوقة.

لبنان اليوم في أسوأ حال، في الاقتصاد والاجتماع وفي الأمن وفي السياسة، وهو يحتاج لوقفة ضمير من القوى البرلمانية تؤدي إلى انتخاب رئيس لبناني بالأطر الديموقراطية من خلال جلسات متكررة، ولا بأس أن يؤخذ باقتراح نواب لقاء الاعتدال بعقد جلسة تشاور واحدة تسبق ذلك، ومطلوب من القوى النافذة في الجنوب التي تضحي بمقاومتها بالدماء، أن تضحي ببعض التنازلات من أجل مصلحة كل اللبنانيين دون استثناء.