IMLebanon

تيمور إبن أبيه… إلّا في الرئاسة؟

كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:

عين على اتفاق الهدنة وأخرى على جبهة الجنوب الملتهبة. صعّدت إسرائيل غاراتها وتلقّت ضربات موجعة من «حزب الله» الذي بدأ يكشف تدريجياً عن مستوى قدراته العسكرية. تنقسم تصريحات المسؤولين في إسرائيل بين مؤيّد لوقف الحرب على جبهة الجنوب وداعٍ إلى استمرارها. القرار غير محسوم، دلالات الحرب من الناحية العسكرية غير موجودة على الحدود الشمالية بعد.

‎لكنّ البلد ومسؤوليه في تنافس حول مواعيد الحرب الإسرائيلية المحتملة. لا معلومة مؤكدة، وحدها الترجيحات المبنية على تحليلات مستقاة من الوضع الميداني تفرض نفسها. عبر منصة «إكس» يحذر رئيس الحزب الاشتراكي السابق وليد جنبلاط من خطر داهم. يحدّد تاريخ الرابع عشر من آذار ويترك للرأي العام أن يجول في أفكاره وذاكرته لعلّه يلتقط الإشارات التي بعثها من عرف عنه دقّة راداراته. تسأل المقرّبين والمطلعين على أجواء الزعيم الدرزي فلا تجد جواباً وافياً. مجرّد تعبير عن قلق على صلة بالتطوّرات الميدانية. فلماذا إذاً تحديد التاريخ؟ اِحذروا منتصف شهر آذار، قال جنبلاط وأرفق جملته «بهاشتاغ» غزة.

أراد جنبلاط أن ينبّه إلى المرحلة المقبلة وخطورتها، والتي قد توصل إلى تدهور كبير في لبنان. أتى تحذيره على وقع مفاوضات الهدنة التي يجري النقاش في شأنها والتي يفترض أن تعلن في الأسبوع الأول من آذار. أما في المعلومات فلا خبر يقيناً عن حرب وشيكة. وحدها التطوّرات الآخذة في التدهور دفعت قوات «اليونيفيل» إلى إطلاق تحذيراتها بعدما بلغ نطاق الحرب مناطق غير معتادة. يتخوّف جنبلاط من أن تتفرّغ إسرائيل بعد اتفاق الهدنة على غزة لحربها على لبنان. نيات رئيس وزراء إسرائيل غير واضحة بين الحرب واللاحرب. يترافق ذلك مع توتّر داخلي وخلاف حول انتخابات رئاسة الجمهورية.

حرب إسرائيل على غزة أعادت جنبلاط إلى مربّع المقاومة و»حزب الله». أيّد خوض المعركة في الجنوب، ومن باب النصيحة كمراقب، طالب «بضرورة حصر النّزاع إذا أمكن في حلّ المشكلات الحدوديّة العالقة والتّقيّد بالقرار 1701 واتّفاق الهدنة تفادياً لأي انزلاق إلى المجهول». وليس بعيداً عنه تحدّث تيمور عن السبل الديبلوماسية لتجنيب لبنان حرباً تنهكه. انفتاح تيمور على «حزب الله «لم يظهر كاملاً بعد ولا توجد مؤشرات الى علاقة وتنسيق واسعين.

يلتقي جنبلاط الأب مع نجله على مقاربة جبهة الجنوب ويختلفان على الرئاسة. تأييد الأب ترشيح سليمان فرنجية أحدث تحوّلاً في الوقائع. لكنه تحوّل لا يُبنى عليه، لأنّ القرار في النهاية، بحسب الأب نفسه، يعود الى تيمور جنبلاط الذي سبق وعبّر أمام محيطه عن معارضته خيار والده. ما يعكس تفاوتاً حقيقياً بين الأب والابن على الخيارات. الأول الراغب في الحفاظ على علاقاته السابقة بحلفائه، والثاني الذي يرغب في فتح صفحة جديدة في حياته السياسية والانفتاح على الجيل الجديد، وإلا فلا ضير لديه في مغادرة الملعب السياسي من أساسه. وهذا ما دفع جنبلاط إلى مصارحة المسؤولين الروس خلال زيارته الأخيرة لموسكو بأنّ قرار تأييد فرنجية لا يتوقف عليه، بل صار ملكاً لرئيس «اللقاء الديمقراطي» ولا يمون عليه في خيار كهذا. يعيد جنبلاط ترتيب أوراقه مع روسيا ويترك لنجله هندسة علاقاته مع الأميركيين.

يظهّر موقف الإشتراكي، ثم يستدرك بالقول إنّ الحسم يعود الى نجله بالتشاور مع أعضاء كتلته. يخالف قراراً اتخذه بالتنحي فيعود مجبراً إلى الإعلام بين فترة وأخرى. يستسلم إلى مزاجيته وعلاقته الأقرب اليه ويفضّل ألا يغوص في غيرها. يعود أدراجه إلى حيث يهوى الجلوس منكباً على القراءة. مسرح جنبلاط الحقيقي واللحظات التي تجعله على بيّنة ممّا يجري في العالم بعيداً عن تفاهة التفاصيل الداخلية. ينكبّ جنبلاط على إعداد مذكّراته. يريد إصدارها بالفرنسية موكلاً إلى صحافي فرنسي المهمة. مخزون الذاكرة عنده فيه الكثير ليدوّنه للتاريخ. علاقته برئيس مجلس النواب نبيه بري والتماهي معه، ومع الرئيس رفيق الحريري، ثم مع رئيس الحكومة السابق سعد الحريري الذي عاكس العلاقة التاريخية مع والده فناصبه الخلاف حول ملف متعلق بوزارة التربية. زار جنبلاط ونجله ضريح الحريري، لكنه لم يزر «بيت الوسط». قبل طلب الموعد جاء من يهمس أنّ جدول مواعيد الحريري أقفل. تضاعف الزعل بينهما.

عبر منصة «إكس» يواظب جنبلاط على مخاطبة متابعيه. لا يتردّد في التواصل والتفاعل مقدماً واجب العزاء أو الثناء والانتقاد. يدوّن كلمات معدودة تفصح عن الكثير لديه. تتغيّر الأيام والظروف، يتقلب معها، ثم يعود ويبقى في الحالتين وليد جنبلاط.