IMLebanon

معضلة اسرائيل في عودة الهدوء جنوبًا: ملحق للـ1701؟

كتب منير الربيع في “المدن”:

هل يمكن أن تعود وقائع الجنوب الى ما قبل أحداث 7 تشرين الاول 2023؟

لا يزال هذا السؤال هو الأكثر تردداً في ظل المفاوضات الدائرة للبحث عن صيغة حلّ وتلافي التصعيد. لكن هذا السؤال له الكثير من الأبعاد، خصوصاً أنه قبل عملية طوفان الأقصى، كان الجنوب اللبناني ينعم بهدوء مبني على اتفاقات سياسية ضمنية، توّجها أخيرًا اتفاق علني بترسيم الحدود البحرية.

بعد المواجهات العسكرية، تتكثف الطروحات بحثاً عن مخرج، وقد طرحت عناوين كثيرة، بعضها يشير الى انسحاب حزب الله، وبعضها الآخر يحصر الإنسحاب بقوات الرضوان فقط، مقابل طروحات بسحب السلاح وعدم إظهاره أو إبراز أي نشاط عسكري في المنطقة وغيرها الكثير. بالنسبة الى حزب الله فهو يستسهل مسألة العودة الى القواعد السابقة وكأن شيئاً لم يكن.

لكن المعضلة الأساسية في هذا المجال هي الموقف الإسرائيلي والموقف الغربي الداعم لتل أبيب، خصوصاً أن اسرائيل تضغط على القوى الدولية من بوابة الضغوط التي تتعرض لها من سكان المستوطنات الشمالية المهجرين من منازلهم. على هذه القاعدة يقول الإسرائيليون إنه لا يمكن العودة لما قبل 7 تشرين إلا باتفاق وضمانات واضحة. هذا ما يعمل عليه المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، والذي كان يفترض أن يقدم جواباً للمسؤولين اللبنانيين خلال فترة يومين من مغادرته لبنان. لكن الجواب تأخر، لأنه، على الأرجح يرتبط بمسار التفاوض للوصول الى هدنة في غزة، علماً أن هوكشتاين قد أكد أنه ليس بالضرورة أن ينسحب الإتفاق في غزة على جنوب لبنان. وفي هذا السياق يجوز الأمران. إذ يمكن أن يحصل اتفاق في الجنوب بدون اتفاق في غزة، وهو ما يدفع باتجاهه المبعوث الأميركي على الرغم من تبلغه رفضاً قاطعاً من قبل الحزب. ويمكن ألاّ يتم الوصول لاتفاق في الجنوب حتى وإن تم التوصل الى اتفاق في غزة، لأن اسرائيل تريد تغيير الوقائع على الجبهة مع لبنان.

على وقع انتظار مسار المفاوضات، تتزايد التهديدات والمواقف المتعلقة بالتصعيد العسكري، وهي غالباً ما تستخدم في آليات التفاوض. لكن بعض المسؤولين اللبنانيين لا زالوا على تخوفهم، من بينهم وليد جنبلاط الذي أبدى استغرابه حول تشديد الأميركيين وكاميلا هاريس على وقف اطلاق النار فورياً في غزة، بينما هم لا يظهرون مثل هذا الموقف في لبنان ويضعون دفتراً من الشروط. ويكمل جنبلاط تخوفه من خلال الإشارة الى سؤاله المباشر لهوكشتاين حول دعم الجيش اللبناني ليجيب الأخير إنه لن يتمكن من تمرير مثل هذا الاقتراح عبر الكونغرس. عند هذا الكلام لا بد من الرجوع الى عدم انعقاد مؤتمر دعم الجيش الذي كانت دعت اليه فرنسا. وهذا لا ينفصل عن مسارات أخرى كالحصول على الغاز المصري والكهرباء الأردنية. والتي كلها تدرج في خانة الملفات الخاضعة للتفاوض ضمن سلة واحدة علماً أن لبنان كان قد وعِد بالحصول على ذلك بعد انجاز عملية ترسيم الحدود البحرية.

ولكن، طالما أن هوكشتاين قد ركز على اهمية وقف إطلاق النار بشكل سريع وفوري، مع ترك مسألة التطبيق الحرفي والنهائي والكامل للقرار 1701 لمرحلة لاحقة لأنها تحتاج الى وقت، فهذا يأتي كنوع من الردود الضمنية على وجوب سريان تطبيق القرار على اسرائيل وإجبارها بوقف الخروقات للأجواء اللبنانية ووقف التحليق، وصولاً الى الانتهاء من معضلة الحدود البرية بما فيها مزارع شبعا بينما ما يظهر من مواقف يشير الى عدم موافقة اسرائيلية على مقاربة ملف مزارع شبعا في هذه المرحلة.

بذلك، يعود البحث الى نقاط وآليات ما يمكن تطبيقه من القرار 1701، طالما أن اسرائيل تريد الحصول على ضمانات واضحة ليثق مستوطنوها بالعودة الى منازلهم في “الشمال”، في هذا السياق، هناك من يطرح فكرة إدخال ملحق الى القرار 1701 بدون تعديله، يتضمن هذا الملحق مواقف واضحة تشير علناً الى سحب حزب الله لسلاحه الثقيل من جنوب نهر الليطاني، ووقف بناء ابراج المراقبة التي كان قد بناها سابقاً لجمعية أخضر بلا حدود، وعدم ادخال أسلحة جديدة الى تلك المنطقة لا سيما أن اسرائيل تعتبر نفسها قد استهدفت الكثير من مخازن الأسلحة ومرابضها ومنصات اطلاق الصواريخ وبالتالي يجب الإشارة الى عدم إعادة بناء البنية التحتية؛ في المقابل، يفترض بهذا الملحق أن يتضمن اشارة الى وقف الإعتداءات الإسرائيلية على لبنان، وتعهد دولي بتوفير المساعدات اللازمة لإعادة اعمار ما هدمته اسرائيل في هذه المواجهات، بالإضافة إلى تحسين ظروف العيش في الجنوب وفي لبنان ككل، مع حق لبنان في الحصول على تسهيلات لتحسين وضعه “الطاقوي” بانتظار أن يصبح قادراً على استخراج النفط والغاز، في اشارة الى إعادة طرح مسألة الحصول على الغاز المصري والكهرباء الأردنية على الطاولة.

تبقى كل هذه الإقتراحات هي أفكار متداولة ومتناقلة بين واشنطن وجهات متعددة، وبعضها أفكار لبنانية تطرح على الأميركيين، فيما تبقى المواجهات قائمة أيضاً طالما أن المعركة في غزة مفتوحة. مع احتمالات تصعيدها أو توسيعها على الجبهة اللبنانية إما بناء على مشروع وخطة واضحة لدى الإسرائيليين وإما بناء على وقائع يفرضها الميدان وسط إصرار من الجانبين على عدم تطور المواجهة الى حرب واسعة.