IMLebanon

هل يفشل هوكشتاين وتندلع الحرب؟

كتب منير ىالربيع في “المدن”:

يزداد التوتر والاختلاف في التوجهات والرؤى بين الإدارة الأميركية برئاسة جو بايدن، وحكومة الحرب الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو. اختلافات تتعلق بمسار الحرب على غزة، وربما بما هو أبعد منها، خصوصاً أن نتنياهو يسعى دوماً إلى التصعيد وتوسيع أفق الصراع، لأنه يعتبر من الواجب مواجهة إيران التي لا تريد واشنطن مواجهتها. وبالحد الأدنى، يضغط نتنياهو لتوجيه ضربات متتالية ضد حلفاء إيران.
أمام هذا الواقع، هناك من يطرح تساؤلات جدية حول إمكانية انعكاس هذه الخلافات على الوضع في الجبهة اللبنانية، وسط الإصرار الإسرائيلي على التصعيد ضد حزب الله.

حرب أوسع؟
يستخدم نتنياهو كل أساليب الضغط داخل اسرائيل وخارجها. فلعبته العصبية والشعبوية واليمينية، يعمل على إلزام كل أعضاء الائتلاف الحكومي بها، وخصوصاً بني غانتس.
فغانتس هو الوزير الذي كان معارضاً لنتنياهو، وعملت الإدارة الأميركية على استقباله رغماً عن رفض نتنياهو لذلك، بل وحارب هذه الزيارة. لكن غانتس وجد نفسه محرجاً في الداخل الإسرائيلي، فعاد وحاول تخفيف حدة الخلاف أو الصراع مع نتنياهو، من خلال موقفه الذي شدد فيه على ضرورة توحيد الموقف لشن معركة رفح. كما أن مواقف غانتس في أميركا لم تختلف عن مضمون كلام نتنياهو ومواقفه. الأسلوب نفسه يعتمده نتنياهو مع الإدارة الأميركية. والخوف الأكبر هو أن يقود نتنياهو المنطقة إلى حرب أوسع، يمكن أن تنسحب على لبنان. خصوصاً أن مصلحته تقتضي إطالة أمد الحرب.

في هذا السياق، تشير مصادر ديبلوماسية إلى تخوفها الكبير من إمكانية لجوء نتنياهو إلى توسيع إطار المعركة في لبنان وتحويلها إلى حرب. لا سيما بوجود عراقيل كثيرة تعترض طريق التفاوض التي يسلكها المبعوث الأميركي، آموس هوكشتاين. فهناك جهات في اسرائيل لا تعوّل على هذه المفاوضات ولا على نتيجتها. وهناك إصرار اسرائيلي على تحقيق جملة أهداف، من شأنها أن لا تتيح العودة إلى ما قبل 8 تشرين الأول.
في المقابل، هناك رفض لبناني لبعض الشروط التي يفرضها هوكشتاين أيضاً، ويمكن أن تخدم الإسرائيليين وتفيدهم.

صعوبة الاتفاق
من بين تلك التخوفات القائمة هو أن تتقدم لغة الحرب على لغة التفاوض للوصول إلى اتفاق سياسي وديبلوماسي، لمعالجة الوضع على الحدود الجنوبية للبنان. وهناك من يستصعب إمكانية الوصول إلى اتفاق شبيه بترسيم الحدود البحرية. فعندما أنجز ذاك الاتفاق بين لبنان وإسرائيل والذي رعاه وعمل عليه آموس هوكشتاين، كانت الحكومة الإسرائيلية برئاسة يائير لابيد، بينما كان نتنياهو معارضاً لهذا الاتفاق بشكل كبير، وقدرة الأميركيين في التأثير على الحكومة الإسرائيلية في حينها هو الذي فرض الاتفاق.

أما اليوم، فإن المسألة تبدو مختلفة. فهوكشتاين هو مبعوث رئاسي، وبالتالي يمثل بايدن صاحب العلاقة المتوترة مع بنيامين نتنياهو، والتي يزداد توترها أكثر فأكثر، خصوصاً بعد تقرير الـ”سي. آي. إيه” (المخابرات الأميركية) حول وجوب تغيير الحكومة الإسرائيلية وإسقاط نتنياهو، الذي ردّ بأنه يحظى بتأييد غالبية الإسرائيليين ويحظى بتأييد شعبي أميركي، وأن إسرائيل دولة ذات سيادة هي التي تختار حكومتها.

غضب إسرائيلي
هذا التوتر يدفع جهات ديبلوماسية متعددة إلى التخوف الجدي من انعكاس الخلاف الإسرائيلي الأميركي على الواقع اللبناني، خصوصاً أن نتنياهو لم يستقبل هوكشتاين. وتشير المصادر إلى التخوف من أن يؤدي ذلك إلى المزيد من التصعيد الإسرائيلي ضد لبنان، وعدم التجاوب مع هوكشتاين ومساعيه. وأنه بنتيجة هذا الخلاف ستتعثر كل مسارات التفاوض والتفاهم من غزة إلى لبنان، بما في ذلك مسارات ترسيم الحدود أو استدراج الغاز من مصر والكهرباء من الأردن.

هناك غضب اسرائيلي من موقف بايدن الذي يمنع إسرائيل من الدخول إلى رفح، بينما هي تعتبر أن رفح معركة أساسية في سبيل إعلان الهزيمة أو الانتصار.

في هذه الأثناء، يعقد مؤتمر للجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (aipac). وهو المؤتمر الذي ينظر له على درجة عالية من الأهمية بما يخص العلاقات الإسرائيلية الأميركية، والمشاركون فيه من أهم اللوبيات الداعمة لإسرائيل. وقد تحدث فيه نتنياهو، مشيراً إلى أهمية استمرار العملية العسكرية في رفح. من الواضح أن نتنياهو سيعمل على الضغط بشكل كبير على الإدارة الأميركية، من بوابة الانتخابات الرئاسية الأميركية، وسيستغل الوضع الانتخابي للضغط على بايدن وإدارته.

الضغط على الجميع
ليست المرة الأولى التي يتركز فيها الخلاف والصراع بين إسرائيل -وخصوصاً نتنياهو- والإدارات الأميركية المحسوبة على الديمقراطيين. فقبل سنوات كان هناك خلاف كبير بين نتنياهو وباراك أوباما حول ملف إيران والمفاوضات النووية. ولطالما سعى نتنياهو للضغط على أميركا لتوجيه ضربة لإيران بدلاً من التفاوض معها، لكن الأميركيين رفضوا ذلك. حالياً يسعى نتنياهو إلى الضغط على الجميع، ليس لتوجيه ضربة لإيران بل لحلفائها، ومن بينهم حزب الله. وحتى الآن، ترفض أميركا توسيع الحرب، ورفع منسوب المواجهات في المنطقة. إذ أن ذلك سيؤدي إلى حرب إقليمية.
قد يكون نتنياهو مصرّاً، وقد تتعزز الرغبة لديه بفعل الخلاف مع الأميركيين، فلا يعودوا قادرين على لجمه، خصوصاً أنه سيعتبر أن الظرف مؤات، طالما أن إسرائيل أعلنت حالة الحرب، والتعبئة، والسكان هجروا من المستوطنات الشمالية، وبالتالي يمكن الذهاب لتنفيذ الضربة الكبرى.