IMLebanon

السوريون أكثرية في معاقل الدروز.. والتقدمي مع الحلّ “العاقل”

كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:

يعيش كل لبنان أزمة النزوح السوري. وإذا كان هناك قضاء يثور قبل غيره، فهذا لا يعني انتفاء المشكلة في بقية الأقضية.

ويأمل من يخاف على البلد أن تؤدّي إجراءات الدولة إلى ضبط الفلتان. ويتحاشى الجميع الإصطدام بالسوريين لكي لا تحصل ردود فعل داخلية وخارجية توتّر الأجواء وتزيد تعقيدات الأزمة.

أحدثت جريمة إغتيال منسق «القوات اللبنانية في جبيل باسكال سليمان صدمة في المناطق ذات الأغلبية المسيحية، وشعرت المكوّنات جميعها بالخطر الداهم. وإذا كانت القوى المسيحية أول المتحركين إلا أن غالبية مناطق لبنان باشرت بالإجراءات لضبط الفلتان الحاصل تحت سقف القانون.

يحتاج تحريك أي ملف في لبنان إلى قرار سياسي، فكيف الحال إذا كان بضخامة ملف النزوح السوري، وكانت التوصية العامة في مجلس النواب في شأن النزوح أكبر دليل على استشعار المسيحيين بالخطر. وإذا كان المكوّن الشيعي يشعر بالخطر الأمني، والسنّي بالإقتصادي، إلا أن المكوّن المسيحي يشعر بهذه الأخطار أيضاً، إضافةً إلى الخطر الديموغرافي. وهواجس المسيحيين نفسها يشاركهم فيها المكوّن الدرزي الذي يُعتبر الحلقة الأضعف بين الأربعة الكبار.

وحدها الأرقام الرسمية وغير الرسمية والإحصاءات تكشف خطورة ما يحصل في جبل لبنان الجنوبي الذي هو معقل الدروز على رغم تنوّعه، ومنطلق الإمارة التاريخية وفكرة الإستقلالية اللبنانية، ففي هذه الأقضية إجتياح سوري غير مسبوق. وفي لغة الأرقام، تُجمع المعلومات والإحصاءات، على وجود أكثر من 180 ألف سوري في الشوف، معقل الزعامة الجنبلاطية، وهؤلاء يتمركزون بشكل أساسي في إقليم الخروب ويتغلغلون في القرى الدرزية والمسيحية، وهذا الرقم يكاد يوازي أعداد الدروز في الشوف. أما في عاليه، فالوضع ليس أفضل مع تخطّي أعداد السوريين المئة ألف سوري. وفي بعبدا حيث هناك حضور درزي مع أن الطابع الماروني هو الطاغي، تصل أعداد السوريين إلى 130 ألف سوري، أي أكثر بكثير من أعداد أهالي القضاء الدروز.

تكشف هذه الأرقام فداحة الواقع الديموغرافي، وإمكانية حدوث أي تغيير عندما تأتي الأَوامر، ومعروف أنّ الولادات عند الدروز متدنية وشبيهة لحالة المسيحيين، كذلك بدأت الهجرة تطرق أبواب الدروز خصوصاً بعد الأزمة الإقتصادية الأخيرة، وبالتالي الخطر موجود ويحتاج إلى علاج.

نجح الحزب التقدمي الإشتراكي في إمساك الوضع في الشوف وعاليه بيئياً وإقتصادياً وخدماتياً، لكنه يقف عاجزاً أمام موجة الإجتياح السوري التي تحصل، ولا أحد يستطيع ضمان إتجاه الأمور وتحوّلها. وإذا كان المسيحيون أشدّ الناس حماسةً لمعالجة أزمة النزوح، إلا أن الحماسة نفسها موجودة عند القيادات الدرزية، مع فرق في طريقة التعامل، فالنائب السابق وليد جنبلاط يضرب ألف حساب قبل القيام بخطوة ما، فهو ليس زعيم دروز لبنان، بل سوريا وكل المنطقة.

لا يريد جنبلاط والإشتراكي الدخول في مواجهة مكلفة، فعلى يمينه يوجد «حزب الله» والمدّ الشيعي، وعلى الضفة الثانية هناك البحر السنّي الممتدّ في الوطن العربي، وأي صدام على الأرض مع السوريين قد يؤثّر على دروز سوريا ويفتح مواجهات قد تؤثّر سلباً عليهم، وبالتالي يبقى التروّي هو من يتحكّم بالسياسة الجنبلاطية.

تحاول الزعامة الجنبلاطية، حتى قبل إستلام وليد جنبلاط عباءة الزعامة، مراعاة البحر السنّي العربي وعدم استفزازه، وعدم ذوبان الأقلية الدرزية في الأكثرية السنّية، وإنطلاقاً من كل هذا لا يرغب جنبلاط في أن يكون رأس حربة في ملف النازحين السوريين، ففي يوم من الأيام دعم الثورة السورية ضدّ النظام العلوي، ولا يريد خسارة ما راكمه من رصيد داخل الشارع السنّي.

يقف الإشتراكي في الخلف في المواجهة الحاصلة، وهو مع الدولة في اتخاذ إجراءات تضبط النزوح وتضمن سيادتها، ويعتبر الإنجرار إلى أي مشكلة على الأرض أمراً مكلفاً، لذلك هو يدعم الحكومة والأجهزة في اتخاذ أي إجراء، خصوصاً أنه قدّم ورقة وتصوّراً للحل، داعياً في المقابل إلى تكثيف الإتصالات الدولية، لأنّ المجتمع الدولي جزء من المشكلة وقد يساهم في الحل.