IMLebanon

هل سيُحرّر مولوي طرابلس من الاحتلال؟

كتب أحمد الأيوبي في “نداء الوطن”:

إستمع اللبنانيون إلى ما أدلى به وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي عن الخطة الأمنية وأهدافها، وأوضح أنّ المقصود هو قمع المخالفات وحفظ الأمن وليس التضييق على الناس، مشيراً إلى أنّ نسبة عالية من الدراجات المصادرة مسروقة وأنّ الإجراءات في النافعة تعالج إشكالية الدراجات «الشرعية»، واعتبر أنّ الحملة متواصلة حتى تحقيق أهدافها… فاقتنع قسم من الرأي العام بذلك، على قاعدة أنّه اكتوى من الفوضى، بينما بقيت إجراءات تأمين التسجيل في النافعة قاصرة عن تلبية حاجات المواطنين، وخاصة طرق وكلفة تسجيل الدراجات النارية، بينما ذهب البعض إلى تسجيل نقطة تماس مع «حزب الله» في ما يتعلّق برفض قبول البطاقات الصادرة عن «الحزب» على بعض الحواجز الأمنية، وهذا كلّه في إطار التجاذبات التي تحصل في ظلّ القصور العام لأداء الدولة، وهذا ما يجعل جهود الوزير مولوي أو أيّ وزير آخر محدودة النتائج لأنّ الدولة شبه معطلة، فكيف يتحرّك جزء منها بغياب الجسم بكامل قدراته المطلوبة؟

في طرابلس بدأت الخطة الأمنية بالتوسّع من ملاحقة الدراجات النارية إلى إزالة المخالفات وشملت شوارع المدينة الداخلية وجزءاً من الأسواق، وهي خطوة تتوازى مع إجراءات الأمن العام لقمع السوريين المخالفين للقانون، فأحدث ذلك تفاؤلاً في أوساط الطرابلسيين الذين اكتووا من تضخّم عمليات السلب والفلتان ومن استشراء التوغل السوري في مختلف القطاعات حتى كاد اللبنانيون أن يصابوا بالاختناق، ولكنّ هذه الحملة تحتاج إلى استكمال لتشمل تطهير كامل الشوارع من المداخل حتى جميع المفاصل، لتعطي النتيجة المطلوبة من أجل أن تستعيد طرابلس شيئاً من عافيتها الأمنية والاقتصادية والاجتماعية. شكّلت الخريطة التي سبق ونُشرت في «نداء الوطن» عن الشوارع والعقارات المحتلة أساس وجع المدينة، فلا يمكن اعتبار أنّ الخطة الأمنية ناجحة إذا لم تتحرّر ساحة التل – عبد الناصر من وضع اليد على جزء منها، وكذلك لا يمكن القول إنّ الخطة فاعلة طالما هناك عصابات، على شكل أكشاك تسيطر على البولفار الرئيس لمدخل المدينة الممتدّ من البحصاص حتى ساحة النور، بما في ذلك التفرعات الواصلة إلى مستديرة مستشفى السلام غرباً، وإلى مدخل جامع طينال في عمق المدينة، الذي بات مدخله محاصَراً بأرصفة محتلة تشكل تشويها شنيعاً لهذا المعلم الديني التاريخي والسياحي… وصولاً إلى ما يحيط بجامع محمود بك في التبانة من مخالفات. ولا يمكن أيضاً الحديث عن خطة أمنية ناجحة من دون تطهير سطح نهر أبو علي من المخالفات الضخمة التي تشكل خطراً أمنياً واضحاً على المحيط وعلى كلّ المدينة لأنّ بعض مفاصلها أصبح غابة للممنوعات بجميع أشكالها. هناك ملف آخر لا تكتمل الخطة الأمنية إلاّ به، وهو تحرير العقارات التي يحتلها واضعو الأيادي عليها بشكل فاقع وفي تحدٍّ لقرارات وأحكام القضاء، ضاربين بعرض الحائط سمعة المدينة وفرص الاستثمار فيها، لأنّ هناك من يحتل عقارات لمستثمرين كبار يعجزون عن استرداد أرضهم، فضلاً عن سقوط خيارات الاستثمار لديهم.

أمّا الخطر الأكبر الذي تضخّم في الأشهر الأخيرة، فهو ميليشيا المولدات الكهربائية التي تنتشر بأسلحتها في الأزقة والشوارع وتتبادل إطلاق النار، فتوقع الخسائر البشرية والمادية، في تنافسها المحموم على حصد الاشتراكات، حتى بات يمكن توصيفها بالفعل على أنّها ميليشيات، فهي تملك السلاح وقدرة الانتشار والاشتباك والاستمرار في استخدام السلاح لتحقيق أهدافها التافهة، بينما يدفع المواطنون الأثمان في أرواحهم وممتلكاتهم واستقرارهم. اللافت في هذا المسار ذلك الصمتُ السياسي المقيت والمتفرِّج على خطوات بلدية طرابلس وقوى الأمن الداخلي، فعلى المستوى النيابي، لم يتحرّك ولم يطالب بإزالة هذه المخالفات سوى النائب إيهاب مطر الذي بدأ هذا المسار منذ شهر رمضان الماضي واستمرّ حتى اليوم، لأنّه لم يتورّط في تغطية أي مخالفة، ولم يسمح أن تُرفع صوره فوق أكشاك ومساحات احتلال العقارات في محيط معرض رشيد كرامي وغيره. خطوات وزير الداخلية بسام مولوي بالإجمال مطلوبة، تشوبها ثغرة عدم فعالية دوائر تسجيل الآليات، وهذه مشكلة حقيقية ينبغي الوقوف عندها، لكن ما لا يُدرَكُ كلُّه لا يُترَكُ جُلُّه، فاستكمال الخطة الأمنية في طرابلس ضروري بأبعادها المذكورة هنا، وبتفاصيلها المعروفة، لأنّها ستشكل نموذجاً للنجاح في سائر المناطق، وفشلها سيعني إحباطاً عاماً وعودة خطرة لجميع أنواع المخالفات وانفلاشاً لا يمكن احتواؤه وفوضى لا يمكن ضبطها.