كتبت ماريا خيامي:
في ظل التغيرات المناخية المتسارعة والأزمات الاقتصادية المستمرة، يعاني لبنان من تحديات كبيرة في تأمين مصادر المياه التي تعد أساسًا لحياة المواطنين، ويعكس هذا التحدي الواقع الصعب الذي يواجهه قطاع المياه، الذي تأثر بشكل ملحوظ بعد انحباس الأمطار وغياب تساقط الثلوج في السنوات الأخيرة، ما يزيد من تفاقم الأزمة المائية التي تهدد العديد من المناطق.
وفي السياق، تطرق المدير العام لمؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان جان جبران في حديث لموقع IMLebanon، إلى الوضع الصعب الذي يواجهه القطاع في ظل الأزمة الاقتصادية المستمرة، إلى جانب تراجع مستويات المياه بشكل كبير نتيجة لانحباس الأمطار وغياب تساقط الثلوج.
وأوضح جبران أن لبنان أمام تهديد كبير في قطاع المياه خلال فصل الصيف في حال استمر انحباس الأمطار وعدم تساقط الثلوج، وقال: “المناخ السيئ هو السبب الرئيسي وراء انقطاع المياه، وإذا استمر هذا الوضع، سنواجه شحًا كبيرًا وتقنينًا قاسيًا في توفير المياه”.
وأضاف أن غياب الثلوج عن المرتفعات يشكل الخطر الأكبر، حيث أن الثلوج هي المصدر الرئيسي لتغذية السدود والينابيع.
وأشار جبران إلى أن العمل جارٍ على إعادة إحياء الآبار الجوفية في المناطق الجبلية العليا، لكن هذا يتطلب أموالًا طائلة واستهلاكًا مضاعفًا للنفط، وأكد أن محاولات إصلاح الآبار القديمة واستحداث آبار جديدة لا تشكل حلاً طويل الأمد، نظرًا لانخفاض مستوى المياه في الآبار بشكل كبير خلال هذه الفترة.
كما أضاف: “حلنا الحقيقي يكمن في تساقط الأمطار والثلوج، لكن للأسف لا نتوقع قدوم كميات كافية من الأمطار والثلوج التي يمكن أن تنقذنا من هذه الأزمة”. وتطرق إلى انخفاض مستوى المياه في الينابيع والسدود، مشيرًا إلى أن سد شبروح قد توقّف عن العمل، فيما يواجه سد القيسماني عجزًا كبيرًا في توفير مياه الشرب.
في ما يتعلق بالجانب المالي، أوضح جبران أن الفاتورة ارتفعت بشكل طفيف نتيجة لهذه الأزمة، لكن لا يجب تصويرها بشكل مبالغ فيه، وأضاف: “الزيادة ليست كما يصورها البعض، بل نحن نتكلف الكثير في محاولة تأمين مصادر المياه في ظل هذه الظروف”، كما شدد على أن قطاع المياه يحتاج إلى استثمارات ضخمة من قبل الحكومة لتأمين مستقبل مستدام للمياه في لبنان.
وأكد جبران أن تأمين مصادر الثروة المائية يقع على عاتق الحكومة بشكل جماعي، داعيًا إلى ضرورة التنسيق بين جميع الجهات المعنية لضمان تأمين المياه للمواطنين، وأوضح أن الحكومة يجب أن تتخذ خطوات جادة لضمان استدامة المياه في لبنان، خصوصًا في ظل الظروف المناخية الحالية التي تضع عبئًا إضافيًا على قطاع المياه.
في ختام حديثه، أشار المهندس جان جبران إلى أن الوضع في لبنان يتطلب إجراءات عاجلة للحد من تأثيرات انحباس الأمطار وغياب الثلوج، مؤكدًا أن قطاع المياه في لبنان يواجه أكبر تحدياته في الوقت الحالي، وفي ظل غياب الدعم الكافي والاستثمارات الضرورية، يبدو أن الحلول التي يتم العمل عليها حاليًا لن تكون كافية إذا لم يتم اتخاذ خطوات أوسع تشمل تطوير بنية تحتية للمياه تكون أكثر مرونة وتكيفًا مع التغيرات المناخية.
تظل أزمة المياه في لبنان من أكبر التحديات التي تواجه الحياة اليومية للمواطنين، في وقت تزداد فيه التأثيرات المناخية والاقتصادية على هذا القطاع الحيوي.
وتتطلب مشكلة نقص المياه استجابة سريعة ومدروسة من كافة الجهات المعنية لضمان استدامة مصادر المياه وتوفير حلول فعّالة. ومع تزايد الأزمة، يبقى السؤال الأهم: كيف يمكن للبنان أن يطور استراتيجية شاملة للتعامل مع هذه الأزمة المائية في المستقبل؟