IMLebanon

خلية “الحزب” في دمشق…هل تلجأ سوريا الى المحافل الدولية؟

كتب شربل مخلوف في “المركزية”:

قال الرئيس السوري أحمد الشرع إن سوريا تحملّت “جراحاً” من حزب الله جراء ما وصفه بـ “الاعتداءات” التي وقعت على مدى أربعة عشر عاماً من تدخل الحزب في سوريا، موضحاً أن دمشق كان بإمكانها “الرد” على هذه الاعتداءات، وأن هذا الرد كان “موجودًا ومباركًا” من الناحية الدولية، لكنه فضَّل عدم السير في هذا الاتجاه تفادياً لمزيد من التوتر أو تفجير الوضع.

وشدّد الشرع على “أن سوريا تنازلت عن الجراح التي تسبب بها حزب الله، وأنها ترغب في فتح “صفحة جديدة بيضاء” مع لبنان تقوم على الاحترام المتبادل والتعاون المشترك”.

لم تمضِ أيام على هذا التصريح، حتى أعلنت وزارة الداخلية السورية عن القبض على خلية تابعة للحزب في ريف دمشق الغربي. وقال قائد الأمن الداخلي في محافظة ريف دمشق، اللواء أحمد الدالاتي: “تمكنت الوحدات المختصة، بالتعاون مع جهاز الاستخبارات العامة، وبعد متابعة دقيقة وعمل ميداني مكثف، من القبض على خلية تابعة لميليشيا الحزب كانت تنشط في بلدتي سعسع وكناكر بريف دمشق الغربي. وأظهرت التحقيقات الأولية أن أفراد الخلية تلقوا تدريبات في معسكرات داخل الأراضي اللبنانية، وكانوا يخططون لتنفيذ عمليات داخل الأراضي السورية تهدد أمن واستقرار المواطنين”.

وأشار إلى أن “خلال العملية، تمت مصادرة قواعد لإطلاق الصواريخ، و19 صاروخاً من طراز غراد، وصواريخ مضادة للدروع، إلى جانب أسلحة فردية وكميات كبيرة من الذخائر المتنوعة”.

وبغض النظر عن نفي العلاقات العامة في حزب الله في بيان، اي وجود له على الاراضي السورية، يبقى السؤال مشروعاً حول مستقبل العلاقة بين دمشق وبيروت: فهل يمكن ان يتجه الرئيس السوري إلى  التدخل داخل لبنان ومواجهة الحزب عسكرياً إن لم يرتدع، أم يكتفي بمطالبة الدولة اللبنانية بتسليم كل من تورّط في قتل وتشريد السوريين؟ وكيف ستتأثر العلاقات السياسية والدبلوماسية بين لبنان وسوريا في المرحلة المقبلة؟

يقول الاعلامي محمّد بركات لـ”المركزية” إنّ لبنان دولة يرأسها رئيس الجمهوريّة العماد جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، والعلاقة يجب أن تكون من دولة إلى دولة. ويوضح أنّ الرئيس الشرع قال إنّه طوى صفحة الماضي ويريد التعامل مع اللبنانيين على نحو متساوٍ، وبالتالي فإنّ ما يجري يُعدّ مشكلة بين دولتين، مشيرًا إلى أنّ على الحكومة اللبنانيّة أن تطلب تفاصيل هذا الموضوع من الحكومة السوريّة وأن تتم معالجته ضمن الأطر القانونيّة ووفق ما يقتضيه قانون البلدين والقانون الدولي، لأنّ المسألة تتطلّب خبراء قانونيين.

وعن التنسيق بين لبنان وسوريا، يشير بركات إلى وجود لجنة تنسيق بين وزير الدفاع اللبناني ميشال منسى ونظيره السوري مرهف أبو قصرة، بضمانة وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان والموفد السعودي الممسك بملف اللبناني السوري الأمير يزيد بن فرحان، لافتًا إلى أنّ هناك اجتماعًا للجان الأمنيّة يُعقد تحت إشراف مدير المخابرات في الجيش اللبناني العميد طوني قهوجي ونظيره السوري حسين سلامة، ومسألة الأمن تُعالَج بين الطرفين في السعوديّة.

ويؤكد ان “ضامن هذه العلاقة التي تحمي لبنان من أي تصرّف سوري، كما ذُكر سابقًا، هو التنسيق السياسي والأمني بين الدولتين برعاية سعودية.”

ياسين: من جهته، يؤكد المعارض الشيعي لحزب الله أحمد ياسين إنّ الحزب “يبرهن مرّة جديدة أنّه ميليشيا إيرانيّة متنقّلة تنفّذ رغبات ومآرب الحرس الثوري الإيراني ، خلافًا لما يدّعيه أمينه العام نعيم قاسم بأنّ الحزب هو مقاومة هدفها مواجهة الاحتلال الإسرائيلي في لبنان”، مضيفًا: “الحزب هو نقيض المقاومة بكل معنى الكلمة”.

ويتابع: “إنّ اكتشاف الخلية  في سوريا ليس إلّا برهانًا إضافيًّا على تدخّل الحزب لتنفيذ المصالح الإيرانيّة وضرب النظام السوري الجديد. ولم يتوقف الأمر عند هذه الخلية، بل لا يكاد يمرّ أسبوع من دون أن يعلن الأمن السوري عن ضبط شحنات سلاح مهرّبة من سوريا باتجاه لبنان”.

ويضيف: “ينجح الأمن السوري أحيانًا في ضبط هذه الشحنات، وأخرى لا يوفّق، ولا نعرف ما الذي يدخل إلى لبنان. في الوقت نفسه، يعلن الحزب استعداده لتسليم سلاحه للدولة اللبنانية في إطار استراتيجية دفاعيّة واتفاق وطني، بينما نراه يهرّب السلاح ليلًا ونهارًا ويعيد ترميم قواته، ضاربًا عرض الحائط كل التعهّدات التي يقدّمها”.

وحول خيارات الدولة السورية، يقول ياسين: “أوّلًا، التدخل العسكري السوري المباشر في لبنان لضرب حزب الله أمر مستبعد، إذ إنّ النظام السوري بحنكته السياسيّة لا يريد الانجرار إلى المستنقع اللبناني. كما أنّ دخول الجيش السوري وقواته الأمنيّة إلى لبنان سيُعتَبر تعدّيًا على السيادة اللبنانية، حتى لو كان الهدف ضرب ميليشيا مسلّحة، لأنّ هذه المهمّة من صميم صلاحيات الدولة اللبنانية وحدها”.

ويضيف: “من جهة أخرى، من المستبعد دخول أي قوات سورية إلى لبنان لمواجهة حزب الله، بسبب وجود فيتو عربي وأوروبي وأميركي يمنع ذلك. لكن يمكن للنظام السوري أن يتوجّه إلى المحافل الدوليّة عبر تقديم شكوى رسميّة بحق لبنان إذا لم تتحرّك الحكومة اللبنانيّة، وأن يلجأ إلى القنوات الدبلوماسية والقانونية المعمول بها لوقف ما وصفه بتحرّش حزب الله ومحاولاته قلب الأوضاع في سوريا وتخريب الاستقرار الأمني”.

ويقول ياسين: “إذا لم تتحرّك الدولة اللبنانية، وهذا واجبها، أعتقد أنّ النظام السوري الجديد قد يتوجّه إلى المحافل الدوليّة لرفع دعاوى على لبنان بهدف مكافحة تدخّل حزب الله في الشأن السوري. وبالتالي، أستبعد أي تدخل عسكري سوري في لبنان أو مواجهة مباشرة بين الحزب والقوات الأمنية السورية، إلّا إذا بادر حزب الله إلى افتعال إشكال أمني على الحدود، وهو أمر غير مستبعد، لأنّ الحزب عندما يتعرّض للضغط يحاول دائمًا خلق أوراق جديدة عبر افتعال توترات أمنيّة مع سوريا أو اغتيالات أو لعبة الشارع. أمّا الدخول العسكري السوري إلى لبنان فلن يحصل، لأنّ دمشق تسعى إلى بناء علاقات دبلوماسيّة سليمة قائمة على الجيرة والاحترام المتبادل”.