كتب طلال عيد في “المركزية”:
تؤكد مصادر مصرفية لـ”المركزية” ان افضل وسيلة للدفاع هي الهجوم، وهذا ما تفعله المصارف، اولاً بإرسالها كتباً الى الرؤساء الثلاثة واعضاء المجلس النيابي، وثانياً رفضها كتاب المدعي العام المالي القاضي ماهر شعيتو حول طلبه معلومات عن تحويل المصارف لأموال خارج لبنان، وثالثاً الوضوح الذي تجلى في كلمة رئيس جمعية المصارف سليم صفير امام وزير المالية في مؤتمر اتحاد المصارف العربية حيث وضع النقاط على الحروف.
وتعتبر المصادر ان المصارف على رغم الانهيار المالي ما تزال تؤمّن الخدمات المصرفية وتتقيّد بالقوانين حسب قانون النقد والتسليف، وعدم وجودها يعني ان البلد كله يتحول الى “قرض حسن”.
وتؤكد ان “مشروع قانون الفجوة المالية المسرب سيقضي على القطاع المصرفي ولن يعيد الودائع، علماً ان قيمة الاموال للحسابات دون المئة الف دولار تقدر بحوالي ٢٢ مليار دولار فمن اين ستأتي المصارف بهذه الاموال اذا كان رأسمالها لا يتعدى الـ ٣ مليارات دولار؟ ومصرف لبنان يملك للمصارف حوالي ٨،٥٠ مليار دولار و٢ مليار من اليوروبوند، والدولة كأنها غير معنية بالموضوع. وبالتالي لا يمكن رد الودائع إلا عبر وسيلة واحدة هي بيع الذهب”، مستغربة “عدم التطرق الى ذلك بحجة استعماله في الايام السوداء، وهل هناك ايام سوداء اكثر من هذه الأيام”، مبدية تخوفها من وضع هذه القضية عند خاطر ابو حبيب رئيس مجلس ادارة شركة كفالات، حيث يستفيد المودع من ضمانة بقيمة ٧٥ مليون ليرة لبنانية تعويضاً عن وديعته .
وتعلن المصادر المصرفية رفضها لطلب النائب العام المالي “لانه ليس من حقه قانونياً الحصول على المعلومات التي طلبها، بعد طلبه إيداعه كشفاً مفصلاً بحركة الحسابات المصرفية لمدراء المصارف. وشمل الطلب الحسابات المصرفية العائدة إلى كل من رؤساء وأعضاء مجالس إدارة المصارف التجارية في لبنان، سابقين وحاليين، والمفوضين بالتوقيع، إضافة إلى أزواجهم/ زوجاتهم وأولادهم، وتضمين الكشف «التحاويل المصرفية الحاصلة من تلك الحسابات في أثناء المدّة الممتدة من 1 تموز 2019 حتى 1 كانون الأول 2023 إلى حسابات مصرفية خارج لبنان”.
وتشير هذه المصادر الى ان “كارثة بنك انترا التي وقعت في العام ١٩٦٧ ووجدت الحلول لها بقيت خمس سنوات حتى بدأ القطاع المصرفي يستعيد عافيته وثقة الناس به، بينما نلاحظ اليوم انه لغاية الان لم يتم البت بموضوع الفجوة المالية لان كل همهم تحميل المصارف المسؤولية الكاملة، وهذا ما ادى الى رفض المصارف لما تسرب عن هذا المشروع الذي تعتريه شوائب كثيرة لاسيما في جوهره او في صياغته. فهو يتضمّن أحكامًا من شأنها تقويض النظام المصرفي واستدامته بشكل خطير، ويطيل أمد الركود الاقتصادي”. وتقول “من غير المقبول، أن تتهرّب الدولة من مسؤولياتها وتلقيها على البنوك وتتسبّب بتصفية القطاع والقضاء على حق المودعين باستعادة ودائعهم”.
وتستغرب المصادر ما يصرح به وزير المالية ياسين جابر، معتبرة ان “نواياه ليست لصالح المصارف رغم حديثه عن اهمية القطاع المصرفي واهمية وجوده في النهوض الاقتصادي، والدليل ان وزارة المالية اوكلت للمصارف تحصيل ضرائبها الكترونياً وتؤكد عدم استفادتها من الخدمة التي تؤديها لوزارة المالية لا بل تدفع فاتورة الكهرباء على هذه الخدمة ولا تستفيد الا بنسبة قليلة جداً، معتبرة ان “الفجوة ستؤدي الى توقف عدد من المصارف عن العمل وبالتالي ستضطر الى الدمج مع المصارف المتبقية”.