زار نقيب المحامين في بيروت عماد مرتينوس جامعة الحكمة في زيارة شكر ووفاء للجامعة التي تخرّج من كلية الحقوق فيها، مستهلا بذلك زيارات سيلبي في خلالها دعوات تلقاها من جامعات لبنانية لعقد لقاءات فيها. ورافقه في زيارته النقيب السابق للمحامين في بيروت فادي مصري، وأعضاء مجلس النقابة الذي يضم بين أعضائه سبعة من خرّيجي الحكمة إضافة للنقيب.
كان في استقبال الوفد في حرم جامعة الحكمة الرئيسي في فرن الشباك، رئيس الجامعة البروفسور جورج نعمة ونواب الرئيس وعميد كلية الحقوق الدكتور شادي سعد وسائر أعضاء مجلس الجامعة ومجلس كلية الحقوق.
رحّب البروفسور نعمة بالنقيب الجديد ووفد النقابة مؤكدًا أن قيمًا مشتركة تجمع بين الجامعة ونقابة المحامين. وذكّر بأن جامعة الحكمة منذ تأسيسها في عهد مطران بيروت للموارنة المثلّث الرحمات يوسف الدبس كانت عبارة عن معهد للحقوق هو الأول من نوعه في الشرق الأوسط بهدف العمل على تأمين العدالة في المجتمع بعد مرحلة صعبة مرّ بها لبنان.
وأكد أن جامعة الحكمة المؤتمنة على هذه الرسالة تحافظ، بتوصيات وليّها راعي أبرشية بيروت للموارنة المطران بولس عبد الساتر، على قيم أربع أساسية هي الحرية واحترام كرامة الإنسان والعدالة والمسؤولية الاجتماعية، وذلك في مختلف أنشطتها الأكاديمية والثقافية والمهنية، مبديًا اعتقاده بأنها القيم نفسها التي تتمسك بها نقابة المحامين التي تشكل العمود الفقري في لبنان للدفاع عن المظلومين والسعي لتأمين الحرية والكرامة.
وقال البروفسور نعمة إن جامعة الحكمة تخرّج منها نخبة من الحقوقيين المتميزين الحاملين للقيم والذين يتمتعون بالعصامية، وقد تبوأ العديد منهم مناصب متقدمة في مؤسسات لبنانية وعالمية، ومنهم من تولى مناصب وزارية ونقابية وبشكل خاص في نقابة المحامين ما يشكل مدعاة فخر للجامعة.
العميد سعد: كلية الحقوق خرّجت أكثر من نقيب للمحامين
بدوره، رحّب عميد كلية الحقوق في الجامعة الدكتور شادي سعد بالنقيب الجديد في بيته، مؤكّدًا متانة العلاقة التاريخية بين النقابة والجامعة، ومعلنًا التزام الكلية الكامل بدعم الولاية الجديدة للنقيب معتبرًا أنّ استقبال النقيب ليس استقبال ضيف، بل استقبال أحد أبناء المؤسسة. وأكد أنّ الجامعة تفخر بأن يكون نقيب المحامين في بيروت اليوم من خريجي كلية الحقوق فيها، مشيرًا إلى أنّ هذا الموقع يحمل مسؤولية كبيرة لا تُمنح إلا لمن يدرك معناها وقيمتها.
ولفت الدكتور سعد إلى أنّ النقيب مرتينوس هو خامس نقيب محامين من خريجي جامعة الحكمة، بعد النقباء وديع نعيم، سليم الأسطا، نهاد جبر، وأنطونيو الهاشم، معتبرًا أنّ هذا المسار يؤكد دور الحكمة في تخريج قيادات نقابية وقانونية فاعلة في المجتمع اللبناني.
وشدّد عميد الكلية على أنّ العلاقة بين نقابة المحامين في بيروت وكلية الحقوق في جامعة الحكمة ليست علاقة ظرفية أو مناسبة عابرة، بل علاقة تاريخية قائمة على رسالة واحدة عنوانها العدالة، المهنة، ولبنان، مذكّرًا بأن نقابة المحامين تُعد “أمّ النقابات”، كما أنّ كلية الحقوق في الحكمة تُعد “أمّ الكليات”.
وفي هذا السياق، أشار الدكتور سعد إلى التطور الملحوظ الذي شهدته هذه العلاقة خلال العامين الأخيرين، لا سيما بعد قرار النقيب السابق الأستاذ فادي مصري نقل امتحانات الدخول إلى النقابة إلى حرم جامعة الحكمة، معتبرًا أنّ هذا القرار شكّل نقلة نوعية حقيقية على صعيد التنظيم، والهدوء، والجو الأكاديمي، واحترام هيبة الامتحان والنقابة.
وأكد عميد كلية الحقوق أنّ الولاية الجديدة للنقيب هي “ولاية مشتركة”، وأن نجاحها يشكّل مسؤولية جماعية، معلنًا استعداد الكلية الكامل لوضع إمكاناتها كافة في تصرّف النقابة، سواء على المستوى اللوجستي والبنى التحتية، أو على المستوى الأكاديمي، من خلال أساتذتها وشبكة علاقاتها المحلية والدولية، خدمةً للمهنة وتعزيزًا لثقافة العدالة في لبنان.
وختم الدكتور سعد كلمته بالتأكيد على تميّز نقابة المحامين في قدرتها على طيّ صفحة الانقسام فور انتهاء الانتخابات، معتبرًا أنّ هذا السلوك يعكس مستوى النخبوية والمسؤولية التي يتميّز بها المحامون، ومشدّدًا على أنّ الحفاظ على هذا النموذج واجب على كل نقيب وكل عضو. وختم بالقول: “أهلًا وسهلًا بك في بيتك، نفتخر بك، ونعلن التزامنا أن نكون إلى جانبك”.
ختامًا، كانت كلمة نقيب المحامين عماد مرتينوس الذي أبدى تقديره للجامعة التي قدمت له المعرفة القانونية مع المعرفة الإنسانية والأخلاقية. وقال: “هنا بدأت الحكاية، سلام عليكِ يا حكمة الناس، يا سلوكًا في الحياة قبل أي أمر آخر. من المقاعد انطلقنا، وإلى القواعد نعود، فالطريق إلى البعيد يبدأ من هنا، من مقعد صغير في جامعة كبيرة. هذه جامعة تشرّف خريجيها، ويشرّفها خريجوها، وأنا واحدٌ منهم. كم فهمت لاحقًا كيف كانت إدارة كلية الحقوق في جامعة الحكمة تزاوج بين النظري والعملي، بين المحاضرات والتطبيقات، وذلك منذ سنوات الاختصاص الأولى. وفهمت لاحقًا لماذا كانت الاستعانة بقضاة دكاترة، للمواءمة بين جناحي التعليم الحقوقي، فكنا حقوقيين ومتدرجين، قبل أن نصبح محامين متدرجين، وهذا هو سرّ الحكمة ونظامها التعليمي”.
أضاف: “علمتني جامعتي أن أتقن الصوت العميق، الذي يعلو بعمقه على الصخب والضجيج — هكذا تكون المرافعات. علمتني جامعتي أن أفكر مرتين قبل أن أتوكّل، أن أسبر ما في الفكر قبل ما تنطق به الشفاه، أن أستمع قبل أن أعلّق، أن أفهم قبل أن أتبنّى أو أعترض، وأن أتبصّر قبل أن أحكم”.
وأردف متابعًا: “عدنا، وأتحدث بالجمع لأننا كُثر، خريجو جامعة الحكمة. سلام عليك يا جامعتي، سلام على الأساتذة الذين مرّوا في حياتي كضياء، وعلى الزملاء الذين صاروا ذكريات لا تشيخ، وعلى كل خطوة رسمت ملامح طريقي. أن أعود إليك اليوم، لا كطالب يبحث عن علامة، بل كمحامٍ يفتّش عن علّامة، وهم كُثر في جامعتي، لأقول لهم: شكرًا. وفي ذاك اليقين واحد: أن الانتماء الحقيقي لا تمنحه الشهادات، بل تمنحه الأماكن التي تعلّم روحك معنى أن تكون”.
وختم مؤكدًا استمرار التعاون مع الجامعة مبديًا سعادته بزيارتها التي هي الأولى حيث لديه دعوات لزيارة جامعات أخرى سيلبيها في المرحلة اللاحقة.
