IMLebanon

إسرائيل تملأ تمديد “فترة السماح” للبنان بضرب العمق

جاء في “الراي الكويتية”:

في الوقت الذي كانت أنظارُ بيروت على احتمالاتِ تمديدِ «فترة السماح» للبنان لانهاء سَحْبِ سلاح «حزب الله» جنوب الليطاني، «تمدّدتْ» الضرباتُ الاسرائيليةُ في العُمْقِ اللبناني وصولاً إلى منطقةِ سبلين (الشوف) على بُعد أقلّ من 40 كيلومتراً من العاصمةِ التي تنشدّ غداً إلى الاجتماع الفرنسي – الأميركي – السعودي في باريس بمشاركة قائد الجيش اللبناني وإلى زيارة رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي.

وشكّلت الغارةُ التي استهدفت آلية في سبلين بعد هجومٍ في منطقة الطيبة الجنوبية، وسط إعلان تل أبيب أنها هاجمت عنصرين من «حزب الله» في لبنان أمس، إشارةً إلى أن الأسبوعين الأخيرين من السنة سيكونان مُحَمَّليْن بمحاولاتٍ اسرائيلية لتكريس معادلاتٍ ميدانية لتكون «إطاراً ناظِماً» يرسّم بالنار:

*«حدودَ» الوقت الإضافي للبنان – الذي لا تمانعه واشنطن – لإكمال «تنظيف»جنوب الليطاني والذي كان يُنتظر أن ينتهي في 31 كانون الأول بموجب خطة الجيش اللبناني «المُمَرْحَلة»، التي تبنّتْها حكومة الرئيس نواف سلام في 5 أيلول.

* و«قواعد الاشتباك» التي ستَحْكُم فترةَ «امتناعِ» اسرائيل مجدداً عن توجيه ضربة موسَّعة لـ«حزب الله»كانت مفترَضة خلال ديسمبر وعُلَّقتْ حتى نهايته، وتتكثف المساعي العربية والدولية لإرجائها مرة ثانية لأسابيع قليلة وربما إلى الربيع.

في الطريق إلى واشنطن

ففي الطريق إلى واشنطن التي يزورها لعقْد لقاءٍ مفصلي مع الرئيس دونالد ترامب في 29 الجاري، بدا واضحاً وفق أوساط سياسية لبنانية أن بنيامين نتنياهو يَسعى إلى تثبيت استراتيجيةِ «دبلوماسية النار» التي لن يتخلّى عنها في أي «فرصة جديدة» تُمْنح للبنان الرسمي وجيشه لإكمال إرساء أول منطقة منزوعة من سلاح«حزب الله»(جنوب الليطاني)، على أن يتَّضح خلال الفترة الفاصلة عن «الساعة صفر» المحدُّثة للتصعيد الكبير إذا كان سيتبلْور مخرجٌ لترسانة الحزب شمال الليطاني يُسْقِط مبرر الحرب الأخيرة أم لا.

ويسود اعتقادٌ بحسب الأوساط نفسها، أن الرئيس ترامب الذي يضغط لإخماد حرب روسيا – اوكرانيا وإنجاح خطة سلام غزة في مرحلتها الثانية، يريد أن تحلّ السنة الأولى من ولايته الثانية من دون أي حرب متفجّرة في الشرق الأوسط، ولو اقتضى الأمرُ «تجميدَ» التصعيد، وخصوصاً في ظل اعتبار مَصادر متابعة أن ثمة علامةَ استفهامٍ كبرى تُطرح حول ما الذي يمكن أن يَتغيّر بعد شهريْ«تعليق»الضربة الموسعة ضد «حزب الله»ما دام الأخير ثابتاً في رَفْضِ أي تسليم لسلاحه شمال الليطاني، إلا إذا كان الرهان على أمرين:

* الأول أن يكون مَسارُ سلام غزة تَرَسَّخ بحيث يمكن أن يشمل «وهجه» ومرتكزاته جبهة «حزب الله»، وسط توقُّف عند محاولة «حماس» الالتفاف على شرط نزع سلاحها بطروحات مثل «هدنة طويلة الأمد وتخزين السلاح»، وهو ما يستحضر بعض ما يشاع في بيروت عن أن ثمة إستشكافاً خارجياً لإمكان اعتماده مع الحزب شمال الليطاني على قاعدة صيغة «تضمن» عدم استخدام ترسانته بأي حال.

* والثاني أن يكون اتضح أيضاً مصير الملف الإيراني وهل سيتم بلوغ تفاهُم يعطّل صاعق حربٍ جديدةٍ عليها يمكن أن تضع هذه المرة نظامها على المحكّ، وسط اقتناعٍ بأنّ ثمة استحالةً للفصل بين مآل سلاح «حزب الله»، والمقتضى الإيراني الذي يشكّل ركناً أساسياً في «موجبات» وجوده، بمعنى أن طهران لا يمكن أن تسمح بالتخلّي عن «خط دفاعِها»الأخير وعن سياسة «السفينة التي يَغرق الجميع معها أو ينجون».

ترامب والسلام وإيران والحرب وفي هذا الإطار توقفت المصادر عند إشارتين بارزتين:

* الأولى من ترامب نفسه الذي كرّر أن «لدينا سلاماً حقيقياً في الشرق الأوسط، وسنرى ما سيحدث مع حماس وحزب الله»، موضحاً «ان 59 دولة أعربت عن استعدادها للمشاركة في قوة الاستقرار بغزة»، وسط اعتقاد أن نجاح تشكيل هذه القوة سيشكل عنصر ضغط أكبر على لبنان و«حزب الله» خصوصاً بعدما كان الرئيس الأميركي أعلن أن عواصم عدة أبدت جهوزية للتدخل ضد الحزب «ولكن قلنا لها لا حاجة لذك الآن، وقد نضطر لذلك لاحقاً».

* والثانية من طهران التي وجّهت رسالة جديدة، برسم واشنطن وتل أبيب، بكشف إعلامٍ تابع لها ومحسوب عليها أمس عن إزاحة الستار عن أحدث جدارية لساحة فلسطين في العاصمة الإيرانية«تخاطب كيان الاحتلال الإسرائيلي في شأن تهديداته ضد المقاومة اللبنانية»وتتناول «احتمالية تصاعد التوترات على الجبهة الجنوبية ونشوب صراع جديد بين حزب الله والكيان الصهيوني»، وكُتب فيها: «هزيمة أخرى تنتظركم».

لقاء باريس

وجاءت هذه التطورات المتزاحمة على وقع انشداد بيروت إلى لقاء باريس غداً، والذي يفترض أن يشارك فيه الموفد الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان والموفد السعودي الأمير يزيد بن فرحان والموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس والسفير الأميركي في بيروت ميشال عيسى وقائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل، ويُنتظر أن يبحث أفقَ مؤتمر دعم الجيش الذي يمرّ انعقاده «المعلَّق»حتى الساعة بإنهاء ملف سحب سلاح «حزب الله».

ويُفترض أن يقدّم هيكل عَرْضاً لِما أنجزه الجيش حتى اليوم في جنوب الليطاني، وما يقوم به على صعيد ضبط الحدود مع سورية ومكافحة المخدرات، والسلاح الفلسطيني، وسط معطيات عن أن استفساراتٍ ستحصل معه حول مرحلة شمال الليطاني (زمنياً وإجرائياً).

ويكتسب هذا اللقاء أهميته البارزة لأنه يأتي:

* غداة «تدويل» جنوب الليطاني ديبلوماسياً بالجولة التي قام بها سفراء وملحقون عسكريون وممثلون لبعثات بلادهم في جنوب الليطاني برفقة قائد الجيش.

وبرز، أمس، ما كتبتْه السفارة الأميركية عن الجولة على صفحتها على «اكس» وفيه: «قام السفير عيسى، برفقة عدد من كبار الدبلوماسيين، بجولة في قطاع جنوب الليطاني إلى جانب العماد رودولف هيكل وكبار الضباط في الجيش اللبناني. وخلال الزيارة، اطّلعوا على التقدّم المستمر الذي يحرزه الجيش وجهوده لتعزيز السلام والاستقرار والأمن. إن الولايات المتحدة تجدد التزامها بدعم لبنان في هذا المسار».

* على وقع إعطاء الرئيس اللبناني العماد جوزف عون توجيهاته لقائد الجيش«بالنسبة إلى الاجتماع الذي سيعقد في باريس الخميس لبحث حاجات الجيش».

وكان عون استقبل هيكل الذي أطلعه على نتائج الجولة التي قام بها رؤساء البعثات الدبلوماسية في أماكن انتشار الجيش اللبناني في جنوب الليطاني «حيث عاينوا الاجراءات والتدابير التي اتخذها الجيش تنفيذاً للخطة الموضوعة لبسط سلطة الدولة وازالة المظاهر المسلحة».

* التقارير (صحيفة «النهار») التي تحدّثت عن أن باريس قلقة وتعمل لمنع التصعيد الإسرائيلي «وترى أن على لجنة الميكانيزم أن تقوم بالتحقيق على الأرض بمساعدة اليونيفيل في ما يقوم به الجيش اللبناني الذي يقول إنه اقترب من نزع سلاح حزب الله في غالبية الأماكن في الجنوب».

وإذ تنعقد الميكانيزم الخماسية (عسكرية) يوم الجمعة للمرة الثانية بصيغتها المعزَّزة بعدما رفع لبنان مستوى التمثيل فيها الى دبلو – مدني بتكليفِ السفير السابق سيمون كرم ترؤس وفده إليها، ذكرت التقارير نفسها أن باريس ترى أنه يجب أن يتم الاتفاق بين قوة «اليونيفيل» وبين اللجنة «للقيام بمهمة التحقّق على الأرض لإزالة حجج إسرائيل في توسيع عمليات القصف والتصعيد»، وأن «حزب الله» يسيء فهم اتفاق اطلاق النار، إذ يدّعي أنه يتضمن نزع السلاح في جنوب الليطاني فقط، في حين أنه يقوم على نزع سلاح الحزب في كل لبنان وهذا مدوّن «أسود على أبيضّ» في الاتفاق.

* التصعيد الذي قامت به اسرائيل أمس، وخصوصاً بالغارة على سبلين التي استهدفت شاحنة (بيك آب) تعمل على توزيع بطاطا الشيبس على ما أدى إلى سقوط عنصر (من حزب الله) ووقوع 3 جرحى من الامن العام من بلدتي دلهون ومزبود صودف مرورهم.