IMLebanon

حروب نتنياهو لم تنتهِ… بويز لـIMLebanon: التفاوض ضروري

تقرير داني دياب:

في ظلّ التطورات السياسية والأمنية المتسارعة في المنطقة، يبرز ملفّ التفاوض بين لبنان وإسرائيل كأكثر القضايا حساسية وتعقيدًا، لما يحمله من أبعاد سياسية وأمنية واقتصادية. وقد شهد هذا المسار في الآونة الأخيرة طرحًا جديدًا يتمثّل بإدخال عنصر مدني إلى لجنة “الميكانيزم”، الأمر الذي أثار نقاشًا واسعًا حول طبيعة هذه اللجنة، دورها، حدود صلاحياتها، وانعكاسات هذا التغيير على مسار التفاوض نفسه.

بينما يرى البعض في هذه الخطوة محاولة لتعزيز الطابع التقني أو الدبلوماسي للمحادثات، يعتبرها آخرون تطورًا قد يحمل دلالات سياسية أعمق تتجاوز الإطار التقني. من هنا يطرح السؤال التالي: هل يمكن أن تشكّل هذه المفاوضات مدخلًا فعليًا نحو سلام بين لبنان وإسرائيل أم أنها ستبقى محصورة في إطار إدارة النزاع دون الوصول إلى حلّ نهائي؟

في هذا السياق، أوضح وزير الخارجية السابق فارس بويز في حديث لموقع “IMLebanon”، أن “التفاوض ضروري لأن لبنان في حالة سيئة للغاية، فهو مطوّق ومعزول دوليًا، كما وأنه مطوق إقتصاديًا ولا يستطيع التكلم إلى البنك الدولي وصندوق النقد والأخوان العرب ولا يحصل على أي دعم لعملية النهوض”، مضيفًا: ” “الحزب” دخل في حرب لم ينتصر بها، لا بل الإعتداءات الإسرائيلية مستمرة بسبب هذه الحرب، فمن هنا لا بد أن ندخل في مفاوضات، فالتفاوض يجري عندما يكون هناك مشكلة وهناك ضغط دولي غير مسبوق على لبنان للسير في هذا الإتجاه”.

وأضاف بويز: “عدم الدخول في المفاوضات سيُبقي الوضع كما هو عليه وهذا ليس من مصلحة لبنان ولا خيار إلا المفاوضات”، مشيرًا إلى أن “الأهم في هذا التفاوض هو استعادة الأراضي التي احتلتها اسرائيل ووقف الإعتداءات العسكرية وإطلاق الأسرى اللبنانيين، فمن هنا لا يوجد تفاوض سيء بل كيفية التفاوض يمكن ان تكون جيدة أو سيئة”.

وتابع: “هذا التفاوض سيكون بالغ الصعوبة، فعند الذهاب إلى المفاوضات يجب أن نمتلك بعض الأوراق ولبنان في وضعه الحالي لا يمتلك أوراقًا، ففي الماضي عندما كنا نفاوض كان هناك أولا توازنًا دوليًا بين الإتحاد السوفياتي والولايات المتحدة، أما الآن هذا التوازن مفقود. ثانيًا، كانت معظم الدول العربية لم تطبع بعد ولم ترتبط بعلاقات مع إسرائيل. ثالثًا، كان عندنا “مقاومة” قوية وكانت أيضًا تشكل ورقة أساسية في المفوضات، أما الآن بعد الحرب الاخيرة والضربات التي تلقتها على مستوى قيادتها وعناصرها وأسلحتها لم تعد هذه الورقة موجودة، إذًا لبنان من جهة مضطر إلى الذهاب إلى مفاوضات ولابد من ذلك ومن جهة ثانية إنه ذاهب مجرد عن أية ورقة تفاوضية”.

وأردف الوزير السابق: “لم تكن إسرائيل في تاريخها بهذه القوة الدولية والعسكرية والقيادية ومن هنا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لديه شروط صعبة وإن كان علينا أن نفاوض إلا أن هذه المفاوضات ستكون صعبة أيضًا، لأن نتنياهو أولًا يريد بسبب وضع حكومته المتأرجحة أن يحقق انتصارات تاريخية لإسرائيل ومن هنا سيسعى إلى فرض منطقة عازلة في الجنوب، ثانيًا قد يسعى أيضًا إلى خط دفاع ثاني وهو خلق منطقة درزية من درعا مرورًا بالسويداء وجبل الشيخ وصولًا إلى الدامور ربما، أما هدفه الثالث هو أن يفرض على لبنان مفاوضات كاملة أي أن ما يحصل الآن هو لغط كبير، والدولة اللبنانية تعتقد أنها تستطيع أن تذهب إلى مفاوضات وقفة نار أي 1701 وهذا غير وارد عند الجانب الإسرائيلي الذي سيحاول أن يأخذنا إلى مفاوضات سياسية كاملة تطبيعية كما فعل مع باقي الدول العربية ومن هنا هل الساحة اللبنانية مهيئة لقبول هذه الشروط؟ فبشكل عام فعلًا هذه المفاوضات وإن كانت هي الكأس المر الذي يجب أن يتجرّعه لبنان، إلا أنها مفاوضات صعبة جدًا وقد لا تتحملها التركيبة اللبنانية ولا الدولة اللبنانية”.

أما عن موقف “حزب الله” الرافض للتفاوض وتأثيره على الموقف الرسمي اللبناني، قال بويز في حديثه لـIMLebanon: “أخشى ألا تتحمل التركيبة الداخلية هذه الشروط الإسرائيلية أعني بذلك بأن لبنان ليس مهيئًا وليس موحدًا حيال هذه المفاوضات وأخشى من اضطرابات داخلية أو خلل داخلي كبير نتيجة هذا الانقسام في وجهات النظر”.

وعن إدخال مدني إلى لجنة “الميكانيزم”، شدد بويز على أن “دخول مدني وخروج مدني ودخول عسكري وخروج عسكري كلام لا أهمية له، فهو مطلق شخص مفوض من الدولة اللبنانية أكان عسكريًا أو فنانًا او سياسيًا، فهو شخص مفوض ويقوم بمفاوضات، لكن المهم هنا هو أُطر المفاوضات وحدودها الذي يكلف بها”، مردفًا: “حاج غرقانين بالتفاصيل المملة”.

وإعتبر أن “المشكلة الحقيقية هي أنه الدولة اللبنانية تعتقد أنها ذاهبة الى مفاوضات وقف نار وترسيخ الـ1701 وتعتقد انباستطاعتها ان تحصل على وقف للاعتداءات وعودة للأراضي المحتلة دون ان تذهب الى مفاوضات سلام، فيما نتنياهو لا يريد أقل من اتفاق سلام لا بل اتفاق سلام بشروط قد تكون غير ممكنة للبنان”.

وردًا على سؤال عن تحيّد الأوصول اللبنانية عن حرب نزع سلاح “الحزب”، أجاب وزير الخارجية السابق: “أخشى من انتشار الحرب وانا اقول بان لا حرب نتنياهو في غزة قد انتهت، ولا حربه في لبنان قد انتهت ولا حربه في سوريا قد انتهت ولا حربه على ايران قد انتهت، فنتنياهو اذا اوقف الحرب اليوم، غدًا صباحًا حكومته تسقط ويذهب إلى التحقيق، فالوضع الداخلي الإسرائيلي ضاغط على السياسة الخارجية ما يدفع نتنياهو إلى مزيد من الحروب ليبقى في الحكم”.

أما عن تباين العلاقة والقرارات بين رئيس مجلس النواب نبيه بري وحزب الله وإمكانية انتقاله للإنتخابات النيابية، قال: “أولًا، أشك في ان تحصل الانتخابات في موعدها لأسباب تعود إلى الوضع العسكري والأمني ولأسباب تعود إلى الوضع السياسي الداخلي اللبناني، فالأفرقاء مختلفون حول كيفية تفسير القانون الحالي. ثانيًا، الرئيس بري يلعب دورًا أساسيًا وجوهريًا في محاولة التوفيق بين موقف الحزب وموقف الدولة، وهو أصبح حاجة للجميع حاجة للأميركيين الذين لا يستطيعون محاورة حزب الله إلا من خلاله وحاجة للإسرائيليين الذين يحتاجون أيضًا إلى بعض الحلول ربما وحاجة للدولة اللبنانية لأنها تتجنب الصدام المباشر مع الحزب. فبري يلعب في وسط هذا الملعب دور تدوير الزوايا، وإذا حصلت الانتخابات لا أعتقد بأن حركة أمل بإمكانها أن تختلف مع الحزب في التحالفات”.

وعن المبادرة العربية للسلام وانضمام الدول للاتفاقيات الابراهيمية، ختم بويز قائلًا: “المبادرة العربية كما أقرت في بيروت عام 2002 لم تُحترم فحصلت عملية تطبيع سابقًا ومخالفة لبنود هذه الاتفاقية وحصلت هذه العملية بمعزل عن عودة الحقوق الفلسطينية أو الحقوق العربية عامة ومن هنا أصبحت هذه المبادرة في مأزق”.

في المحصّلة، يظلّ مسار التفاوض بين لبنان وإسرائيل، بما يحمله من تعقيدات سياسية وسيادية، محكومًا بسقف إدارة النزاع أكثر مما هو موجّه نحو تحقيق سلام شامل. فإدخال العنصر المدني إلى لجنة “الميكانيزم” قد يفتح مجالًا لتطوير آليات الحوار، من دون أن يبدّل بالضرورة جوهر الصراع القائم. وعليه، تبقى فعالية هذه المفاوضات مرتبطة بالإرادة السياسية وبالظروف الإقليمية المحيطة بها.