IMLebanon

المستشفيات والضمان الاجتماعي: انفراج محدود بعد سنوات الانهيار

كتبت غاييل بطيش في نداء الوطن:

في بلد أنهكته الأزمات المتلاحقة، لم يكن القطاع الصحي بمنأى عن الانهيار المالي الذي ضرب لبنان، بل كان من أكثر القطاعات تضررًا. فمع تراجع قيمة العملة وغياب أي خطة دعم فعلية، وجدت المستشفيات نفسها في مواجهة مباشرة مع ارتفاع في الكلفة التشغيلية، مقابل تعرفة متدنية وتغطية شبه معدومة من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في مرحلة مفصلية.

يومها، اهتزّ دور الضمان كصمام أمان صحي، وتحوّل الاستشفاء إلى عبء ثقيل على المرضى والمؤسسات معًا.

غير أنّ المشهد بدأ يتبدّل تدريجيًا. فبعد سنوات من الشلل، سُجّل تحسّن نسبي في وضع الضمان وقدرته على زيادة تقديماته، ما أعاد تسليط الضوء على واقع التعاون مع المستشفيات وإمكان تطويره.

هذا التحسّن، وإن كان محدودًا، كسر الجمود الذي طبع المرحلة السابقة، وفتح نافذة أمل مشروطة بإصلاحات أوسع، تضمن استمرارية المستشفيات، وتعيد للضمان دوره الأساسي في حماية اللبنانيين صحيًا، في بلد لا يزال يفتّش عن توازن مفقود.

أكد نقيب المستشفيات بيار يارد في حديث لصحيفة “نداء الوطن”، أنّ المستشفيات تنظر بإيجابية إلى واقع التعاون الحالي مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، مشيرًا إلى أنّ الضمان بدأ يزيد من تقديماته، وهذا أمر جيد، إلا أنّ الأمور لم تصل بعد إلى المرحلة المطلوبة، إذ لم يتم حتى الآن اعتماد بدل عادل لكلّ الخدمات الطبية.

وأوضح أنّ إمكانيات الضمان تتحسّن تدريجيًا، ما ينعكس ارتفاعًا في التقديمات، ولكنها لا تزال دون المستوى الذي كانت عليه في عامي 2017 و2018.

وشدّد يارد على أنّ المطلوب اليوم هو رفع التعرفة بشكل أساسي، إلى جانب تسريع آلية التدقيق في الفواتير والدفع. ولفت إلى أنّ المستشفيات بحاجة إلى تحصيل كلفة الأعمال الطبية التي تقدمها، سواء تم قبضها من الضمان أو من المريض، إذ لا خيار آخر متاح.

فالضمان يُعدّ نوعًا من التأمين الرسمي، وإذا قام بدفع التعرفة المستحقة والبدل العادل للخدمات الطبية، فلن تكون هناك أي مشكلة.

وأضاف الأخير أنّ المستشفيات تتحمّل أعباء كبيرة، من رواتب وأجور للعاملين ومصاريف تشغيلية أخرى.

كما أشار إلى غياب الدعم المصرفي، إذ لا توجد مصارف تمنح قروضًا أو تسهيلات، فضلًا عن مشكلة التعامل مع الموردين الذين يطالبون بمستحقاتهم خلال فترة قصيرة، ما يضع ضغطًا إضافيًا على المستشفيات التي تحتاج إلى سيولة دائمة لتأمين الخدمات الصحية.

وختم يارد بالتأكيد على التواصل الدائم مع المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي محمد كركي، مثنيًا على الجهود التي يبذلها، ومشددًا على التعاون مع جميع المعنيين بالقطاع الاستشفائي، بهدف واحد هو مصلحة المريض وضمان استمرار المستشفيات وقدرتها على الصمود.

ومع هذا التحسّن التدريجي الذي يشهده لبنان، يطل بصيص أمل على القطاع الصحي، ولكن يبقى السؤال: هل سيستطيع البلد استثمار هذا التحسّن لتأمين استقرار حقيقي للمستشفيات وحماية حق اللبنانيين في الرعاية الصحية؟