تقرير ماريا خيامي:
يشهد لبنان في الآونة الأخيرة تصاعدا لافتا في أعداد الإصابات بفيروس الإنفلونزا من نوع H3N2، في مشهد صحي يعيد إلى الواجهة المخاوف المرتبطة بالأمراض الموسمية بعد سنوات من الانكفاء والتباعد الاجتماعي الذي فرضته جائحة كورونا، هذا الارتفاع المتسارع في الحالات ترافق مع ضغط متزايد على المستشفيات وأقسام الطوارئ، وسط مؤشرات بأن وتيرة الانتشار تفوق ما كان معتادا في مواسم سابقة.
وأكد النائب الدكتور عبد الرحمن البزري في حديث لموقع IMlebanon، أن الفئات الأكثر عرضة لمضاعفات خطيرة تشمل كبار السن، والرضع، والحوامل، ومرضى نقص المناعة، والأشخاص المصابون بأمراض رئوية ومزمنة، إضافة إلى العاملين في القطاع الصحي، محذّرًا من أنّ بعض الحالات قد تستدعي إدخال المصابين إلى وحدات العناية الفائقة.
وأشار البزري إلى أن التأخر في أخذ لقاح الإنفلونزا من قبل بعض الأشخاص ساهم بشكل مباشر في سرعة تفشي العدوى، ما انعكس على ارتفاع عدد الحالات التي تتطلب الاستشفاء، لا سيما بين كبار السن والمصابين بالأمراض المزمنة.
وأضاف أن لقاحات الإنفلونزا المعتمدة عالميا متوفرة حاليا في الأسواق المحلية، مؤكّدا أن تلقي اللقاح في مواعيده المعتادة يحدّ من شدة المرض ويقلّل من خطر دخول المصابين إلى المستشفيات.
وشدد البزري على ضرورة عدم الانصياع إلى المعلومات المغلوطة المنتشرة عبر منصات التواصل الاجتماعي حول أضرار اللقاح، مشيرا إلى أنها لا تستند إلى أي أساس علمي وأنها قد تزيد من تفاقم الأزمة الصحية.
وأوضح أن الجهات الصحية في البلاد تقوم برصد مستمر للوباء، وتتابع تطور تكوين المرض ومعدلات الانتشار، بهدف وضع استراتيجيات فعّالة للوقاية والمعالجة، خصوصا مع انخفاض درجات الحرارة في فصل الشتاء الذي يعزز انتقال الفيروس.
وأظهرت الإحصاءات الأخيرة أن المستشفيات سجلت أعدادا تفوق تلك المعتادة في المواسم السابقة، ما يعكس حجم الضغط على النظام الصحي، لا سيما في أقسام الطوارئ والعناية الفائقة، وأشار البزري إلى أن هذه الزيادة في حالات الاستشفاء تتطلب تعاون المواطنين مع التوصيات الصحية، والالتزام بالتلقيح والاحتياطات الوقائية مثل غسل اليدين وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة.
كما حذر من أن استمرار تفشي الإنفلونزا قد يؤدي إلى ضغوط إضافية على مرافق الرعاية الصحية، ويؤثر على سير العمل في القطاعات الحيوية، خاصة مع احتمال انتشار المرض بين العاملين في المستشفيات والمراكز الصحية.
ودعا البزري إلى تعزيز حملات التوعية المجتمعية لتوضيح أهمية الوقاية واللقاح، وتحفيز المواطنين على أخذ التطعيمات في وقتها المناسب، مع مراقبة الحالة الوبائية بشكل دوري لضمان السيطرة على انتشار الفيروس والحدّ من مضاعفاته على الفئات الأكثر ضعفًا.
ختاما، تبقى الوقاية الركيزة الأساسية في مواجهة هذه الموجة من الإنفلونزا، بما يتطلب التزاما جماعيا بالإرشادات الصحية والتلقيح في مواعيده المعتمدة، كما يشكّل الوعي المجتمعي عاملا حاسما في الحد من انتشار الفيروس وتخفيف الضغط عن المستشفيات، خصوصا خلال فصل الشتاء، بما يسهم في حماية الفئات الأكثر عرضة للمضاعفات والحفاظ على استقرار النظام الصحي.