IMLebanon

إتصالات في الكواليس بين قيادات 14 و8 لإرساء التوافق بحدّه الأدنى

إتصالات في الكواليس بين قيادات 14 و8 لإرساء التوافق بحدّه الأدنى مُعادلـة «الاهتـزاز دون الوقـوع» تحكـم الوضـع اللبنانـي بـمظلّـة دوليّـة

يعتقد المتابعون للواقع الامني والسياسي والاقتصادي اللبناني «الملتهب»، بأن الرغبة الاقليمية والدولية ما زالت تحرص على تجنيب البلد الانجرار الى آتون حروب المنطقة، نتيجة تقاطع مصالح، تحت الطاولة، تمليه مصالح اللاعبين النافذين، بحيث تبقى تداعيات المخاطر الامنية والمآزق السياسية ضمن حدود الضبط .

مصادر حكومية ابدت قلقها ازاء المنحى الذي تتخذه التطورات السياسية والامنية، رغم تأكيدها ان لا مخاوف متعاظمة على الاستقرار الامني في المدى القريب على الاقل، مشيرة الى ان الأحداث العراقية تفرض مزيدا من القيود على الأزمة السياسية في البلاد، سواء كان هناك ما يبرر المخاوف مما يسمى الخلايا النائمة لـ«داعش» وسواها من التنظيمات الاصولية الارهابية او استُعمل هذا الخطر للتضخيم لأهداف سياسية داخلية واقليمية، مبدية خشيتها من تداعيات الاحتقان الايراني – الخليجي العائد بقوة الى ساحات عدة على خلفية انفجار التطورات العراقية، في حال تمادي الأزمة الرئاسية والسياسية الراهنة، ما قد يعرض لبنان لاختبارات صعبة في مقدمتها العودة المحتملة للتوترات المذهبية، مع ان الافرقاء المعنيين بهذا الخطر لا يزالون حالياً يظهرون تماسكاً وممانعة في حدهما الادنى، مدعومين باجواء الانفراج التي نتجت عن تشكيل الحكومة السلامية والتي الغت الاقصاء الذي كان موجوداً ابان الحكومة الميقاتية وما خلفه من احتقان،محذرة من ان اي خلل في الميزان الحكومي قد يطيح بكل ما تحقق ويعيد الامور في الشارع الى نقطة الصفر.

غير ان القراءة الموضوعية للاتصالات السياسية الجارية تضيف المصادر، لمعالجة الملفات المأزومة المتنوعة، لا تبعث على التفاؤل، بل على العكس فهي متجهة الى مزيد من التأزيم مع ازدياد الاستحقاقات القادمة وفي جديدها الانتخابات النيابية وايهما قبلا الرئاسية ام النيابية وسط اتفاق من تحت الطاولة بين القوى الثلاث الاساسية «المستقبل» والاشتراكي والثنائي الشيعي بتمديد اضافي للمجلس، طمأنة للطرف الشيعي في ظل التغييرات القائمة في موازين قوى المنطقة، وعدم توصل المساعي المحلية والدولية الى إحداث اي ثغرة في المأزق الرئاسي تبعاً لمعطيات اقليمية وداخلية لا تسمح راهنا بتوقع اي تطور ايجابي على المسار الرئاسي. فتشابك التعقيدات والتباينات حيال الازمة الرئاسية خلطت الاوراق حيث لم يعد ممكناً فصل ملف عن آخر او عزل حتى القضايا المعيشية عن الخلافات السياسية.

الاوضاع دفعت بقيادات فريقي 8 و14 آذار لإجراء اتصالات ومداولات بعيدا عن الأضواء، بحسب مصادر في 14 آذار، بتشجيع خارجي، حيث نشطت الحركة الدبلوماسية الغربية في هذا الاتجاه، سعيا لإرساء توافق الحد الادنى، بغية توفير مظلة أمان تؤدي الى ترسيخ الاستقرار وتحول دون انتقال عدوى الفوضى الى لبنان، رغم ادراك طرفي الصراع ان حلحلة الملف الرئاسي اصبحت مرتبطة بالتسوية الكبرى بعدما فوتت بعض الاطراف اللبنانية، خدمة «لحلفائها الاقليميين»، فرصة ذهبية لفصل لبنان عن ازمات المنطقة، فضلا عن ان المعطيات الداخلية الراهنة، لا توحي بإمكانية تجاوز الصعوبات التي تحول دون انتخاب رئيس سيما انه لم يطرأ اي تبدل في المواقف عند القيادات والأطراف، رغم التواصل، المستمر دون افق على وقع بورصة التشاؤم المدعوم من صقور «المستقبل» والتفاؤل المدعوم من النائبة بهية الحريري وابنها نادر، بين تياري الحر والمستقبل، ليبقى التواصل في إطار حدود التطبيع بين الطرفين ودون السقف الرئاسي، والفشل العوني في التقارب مع جنبلاط رغم وساطة الرئيس بري ونصائحه.

وتشير مصادر ديبلوماسية غربية في هذا المجال الى ان عواصم القرار الدولية والاقليمية غير متشجعة لاتمام اي صفقة وفق الشروط الحالية لان في ذلك اخلالا بتوازنات القوى السياسية لصالح حزب الله وترجيحا لكفة محور الممانعة، امر يتقاطع مع ما أشارت اليه مصادر مقربة من حزب الله التي تحدثت عن أنّ الاستحقاق الرئاسي بات خاضعًا كليًا لمعادلة اقليمية متأزمة حاليًا، نتيجة شد الحبال الحاصل بين ايران والسعودية والذي اشتد مؤخرًا في العراق.

تقييماً للتطورات الأمنية التي شهدتها الساحة الداخلية أمس، والتي ساهم الإعلام وبعض الاجهزة في تظهيرها على نحو أثار الرعب والهلع على طول مساحة لبنان وحتى لدى الراغبين في القدوم إليه من مغتربين وعرب وأجانب للإصطياف وقضاء العطل في ربوعه، رأت مصادر ديبلوماسية «أن ما جرى باستثناء التفجير الذي طال الحاجز الامني في منطقة ضهر البيدر، لم يكن مفاجئاً او استثناءً ويستوجب تضخيم الامور والصورة الإعلامية، خصوصاً أن عملية المداهمة التي طالت فندق «نابوليون» تأتي من ضمن خطة «استباقية» باشرت الاجهزة الامنية بها منذ قرابة شهر ونيف وتمكنت في خلالها القبض على بعض العناصر المنتمية الى اكثر من تنظيم ارهابي ومتطرف، وحتى من توقيف مسؤولين في هذه التنظيمات وتم الكشف عن اكثر من واحد منهم تحت عنوان «صيد ثمين»، ولم يكن ذلك يترافق مع مثل هذه «العراضة» التي جرت».

وسط هذه الصورة القاتمة، رأت المصادر الديبلوماسية، ان التقييم الواقعي للاحداث، لا يمكن تصنيفه إلا في الخانة الايجابية للبنان ومصلحته، ذلك ان الكشف عن المخططات الارهابية والقبض على العناصر المتطرفة واحباط مخططاتها التخريبية والانتحارية، هو نجاح لعمل الاجهزة الامنية اللبنانية ولخطتها الاستباقية الرامية الى الإمساك بالامن وتعزيز اجواء الاستقرار.

وطمأنت المصادر إلى أن الاوضاع الامنية في لبنان مستمرة على وتيرتها الراهنة، لا بل أنها ماضية الى مزيد من التماسك، نتيجة استمرار لبنان تحت المظلة الدولية الراعية للاستقرار وتحييده عن الصراعات الدائرة في المنطقة وتحديداً في سوريا والعراق.

تحت ظلال هذه المعادلات والتوازنات، تنشط مساعي الوقت الضائع عبر مقاربات واقعية قائمة على القناعة بضرورة تجاوز المطبات الكثيرة التي تجتازها المنطقة . فالحكومة الرئاسية نجحت في التفاهم على قواعد العمل، والاجهزة الامنية ماضية في حربها الوقائية لمنع الخلايا النائمة من تسديد ضربات موجعة للاستقرار، وفق معادلة دقيقة قائمة على « اهتزاز الوضع دون ان يقع».