IMLebanon

أول الغيث… نكسة !

لن يكون خبرا مفرحا إن بدأ الفراغ الرئاسي، وليس الشغور بالمعنى التخفيفي، يعمم قبل حلوله التداعيات والخسائر العاجلة في كل الاتجاهات. لم تكن “نكسة ١٤ ايار” سوى اول الغيث الذي منيت به الحركة النقابية بعدما اطيح بالفرصة المنطقية الوحيدة التي اتيحت لتسوية عادلة لملف سلسلة الرتب والرواتب عبر اللجنة النيابية الثمانية فجرى الانقلاب على تقريرها برعاية معلنة من قوى ٨ آذار بفعل افراط في توظيف شعبوي ظن المفرطون انه يتيح لهم عرض قوى مكمل لتعطيل جلسات انتخاب الرئيس الجديد والدفع قدما نحو محاصرة خصومهم. إفراط بدا معه أصحابه قصيري النظر لان اللعب على حافة اشعال انتفاضة اجتماعية في ليل الانتقال الى الايام العشرة الاخيرة من المهلة الدستورية معناه لا يوازي الا تعميم فوضى تأكل الأخضر واليابس تحت مسميات مطلبية مشروعة.

لذا لم يكن مكسبا حقيقيا للحركة النقابية ان تنجح في اجهاض اللجنة النيابية التي وضعت التسوية الأقرب الى الواقعية في ملف السلسلة، فإذا بالتحشيد الاكبر لحركتها ينقلب ليلا مدلهما في نهاياته ويحول هذه الحركة الضحية الاولى للفراغ الرئاسي.
ثم ان إفراطا من نوع آخر بدأ يؤتي تداعياته من خلال مسألة دستورية ستقود الى اسباغ طابع طائفي ميثاقي على مقاطعة النواب المسيحيين لجلسات التشريع حتى انتخاب رئيس جديد. ولعلها النتيجة الأسوأ للاستهانة المتمادية بمسألة الخلط العشوائي بين جلسات التشريع وجلسات انتخاب الرئيس ولا تقتصر مسؤوليتها على فريق واحد بل تورط فيها معظم الافرقاء. وما سيحل بمجلس النواب بعد ٢٥ ايار لن يقف عند حدود استعادة تعطيل تشريعي في مواجهة تعطيل رئاسي بل سينسحب بآثار مماثلة وأشد وطأة على حكومة مزهوة بقوة دفع استثنائية مكنتها حتى الساعة من تحقيق ارقام قياسية في تعيينات وخطوات امنية وبعض الانجازات المشهودة في وزارات عدة.
مفاد ذلك ان الفراغ الرئاسي في بعده الدستوري والدولتي والمؤسساتي وكذلك في بعده الوطني ليس مسألة مسيحية ولا يجوز مبدئيا ان يحصر بإطار طائفي وإلا لما كان المشرع وضع نصابا موصوفا لانتخاب الرئيس. كما ان ما أثير عن اقتراح ” لاستمرار” الرئيس بعد نهاية ولايته يشكل اساءة الى موقع رئاسة ظلت رأس السلطات رغم تضاؤل صلاحياتها. لكن الجاري الآن ان بعجز او بتواطؤ او بتعمد تعطيل الانتخاب لفرض مرشح معين، كلها طرق توصل الى طاحونة إسقاط الجميع في الخسائر الفادحة فوق كلفة الفراغ . ولعل ضارة نافعة وحيدة برزت مع مطالع الايام العشرة الاخيرة من المهلة الدستورية تتمثل في استشعار من ظنوا ان توظيف الفراغ سيكون مجزيا فإذا بهم يتقدمون قائمة ضحاياه ولو انكروا الاعتراف بذلك شأنهم دوما في اي موقع كاسب او خاسر.