IMLebanon

إنقسام طائفي داخل الحكومة والفراغ يحاصر السلطتين التشريعية والتنفيذية وكيري في بيروت

إنقسام طائفي داخل الحكومة والفراغ يحاصر السلطتين التشريعية والتنفيذية وكيري في بيروت

بري يحذّر من المجهول وسلام : سأتخذ قراري إذا لم تحسم الأمور في الجلسة المقبلة

كهرباء لبنان: البديل عن رفع التقنين الى 12 ساعة يومياً زيادة التعرفة 40 %

يحط وزير الخارجية الاميركي جون كيري في بيروت اليوم لساعات، محاولا اعطاء جرعة دعم لحكومة لم تتمكن في جلستها الثانية بعد الشغور الرئاسي من معالجة انقساماتها حول آلية تطبيق الدستور وتفسير الصلاحيات، بالاضافة الى مجلس نواب معطل وشغور في موقع رئاسة الجمهورية. بالتالي سيواجه كيري في زيارته بـ«الفراغ» في المؤسسات وسيلتقي الرئيسين نبيه بري وتمام سلام وسيتحدث بالعموميات، عن اهمية لبنان واستقراره واهتمام الادارة الاميركية بشؤونه بعد الكلام الذي صدر في بيروت عن تراجع الاهتمام الاميركي بلبنان. وسيؤكد كيري على اولوية هذا البلد بالنسبة الى واشنطن رغم ان الزيارة لم تفاجئ المسؤولين، اذ كانوا في اجوائها وكونها مبرمجة ومخططا لها مسبقا.

ووفق المعلومات التي تسربت حتى الان فان كيري لا يملك شيئا جديدا وهو يأتي على طريقة «الدعاء للبنانيين» بانتخاب رئيس جديد والنصيحة بحل خلافاتهم.

لكن مصدرا ديبلوماسيا في بيروت اشار الى ان زيارة كيري تأتي للتأكيد أن لبنان في صلب اهتمامات واشنطن وليس كما يقال ان الاهتمام الاميركي بلبنان تراجع، وسيحض كيري اللبنانيين على التوافق لانتخاب رئيس جديد.

مجلس الوزراء والخلافات

اما على صعيد الجلسة الثانية للحكومة بعد الشغور الرئاسي، فبقي الحوار في اطار المراوحة حول اجتهادات دستورية دون التوصل الى نتيجة رغم انه ارتفع امس واخذ منحى طائفياً حول الصلاحيات وما يحق لرئيس الحكومة السني من صلاحيات في غياب رئيس الجمهورية الماروني.

وحسب الوزير ابو فاعور فإن التوافق على آلية تفسير الصلاحيات في ظل الشغور الرئاسي بحاجة الى قرار سياسي خارج مجلس الوزراء يعمل له كي يقود الى التسوية، وهذه التسوية لم تتبلور بعد، ولكن ليس هناك من قرار بتفجير الحكومة.

ورغم النقاش الذي استمر لثلاث ساعات ونصف، فانه لم يتم الاتفاق على اي آلية، حتى ان وزراء تكتل التغيير والاصلاح الذين تحدث باسمهم وزير الخارجية جبران باسيل بالتأكيد ان آلية الدعوة وجدول الاعمال، يحتاجان الى توافق مسبق رغم ان وزراء مقربين من الرئيس تمام سلام اشاروا الى الاتفاق على هاتين النقطتين عبر توجيه الدعوة من الرئيس تمام سلام، فيما يوزع جدول الاعمال قبل 72 ساعة وليس 48 ساعة لكي يطلع الوزراء على جدول الاعمال ويبدوا ملاحظاتهم وبالتالي ابعاد البنود الخلافية. لكن الوزير جبران باسيل قال بوضوح «يجب التوافق المسبق ايضا على جدول الاعمال وعلى توجيه الدعوة لعقد مجلس الوزراء بالتوافق» وهنا رفع الرئيس سلام الجلسة.

ورغم ان النقاش استمر وديا بالشكل بين الوزراء، لكن النقاش دار في حلقة مفرغة وتمسك كل طرف بوجهة نظره، اذ برز كلام طائفي داخل الجلسة وظهر الوزراء المسيحيون موحدين حول ضرورة توقيع الـ24 وزيرا للمراسيم، وتباينوا حول توجيه الدعوات وجدول الاعمال حيث وافق وزراء 14 اذار مع «المستقبل» على حق الرئيس سلام في الامر، فيما وزراء التيار الوطني الحر عارضوا ذلك واصروا على التوافق المسبق.

كما تم النقاش حول صلاحية الرئيس سلام بتوجيه الدعوة لانعقاد مجلس الدفاع الاعلى وعارض الوزراء المسيحيون هذا الامر.

واللافت حسب المتابعين فان الوزراء المسيحيين متفقون على ان يبقى عمل مجلس الوزراء في الاطار الضيق جدا طالما لم يتم انتخاب رئيس جديد للبلاد.

ورغم تحذيرات الرئيس تمام سلام في بداية الجلسة من تعطيل عمل المؤسسات، وخطورة تعطيل السلطة التنفيذية وضرب مصالح الناس داعيا الى العمل بروح التوافق، لكنه أوحى بانه لن يقبل باستمرارالامور على ما هي عليه في الجلسة المقبلة، وسأتخذ قراري وسيتم حسم الامور في الجلسة المقبلة التي لم يحدد موعدها، رغم ان مصادر وزارية اشارت الى امكانية عقدها الاسبوع المقبل.

الامور ما زالت عالقة في مكانها وجاء تصريح وزير العدل اللواء اشرف ريفي بعد الجلسة ليعكس واقع الامور داخلها متهماً فريقاً سياسياً بمحاولة التعطيل وممارسة الدلع السياسي.

فالخلافات حول تفسير الصلاحيات باتت تهدد الحكومة، حتى ان وزراء الكتائب ايدوا وزراء التيار الوطني الحر بحصر عمل الحكومة في النطاق الضيق. فيما اكد الرئيس تمام سلام خلال الجلسة على تمسكه بصلاحياته الدستورية واشار الى ان توقيع كل الوزراء على المراسيم يحوّل كل وزير الى وزير ملك ورئيس للحكومة ويضرب الصلاحيات الدستورية لرئيس الحكومة، وهذا امر لا يمكن الموافقة عليه.

واشارت مصادر متابعة لهذا الملف الى «ان المؤسسات المارونية الثلاث من المجلس العام الماروني والرابطة المارونية والمجلس الماروني للانتشار خلال جولاتهم على المسؤولين الموارنة حيث يزورون اليوم سليمان فرنجية، اتفقوا على حصر عمل الحكومة في النطاق الضيق وتوجيه الدعوات بالتوافق وتوقيع الوزراء الـ24 وبالتالي فان هذا القرار هو قرار من كل القيادات المارونية بحصر عمل السلطتين التنفيذية والتشريعية في الاطار الضيق ومصلحة البلد العليا بعد الشغور الرئاسي.

مصادر بري وصلاحيات مجلس الوزراء

مصادر قريبة من الرئيس بري قالت: الالية التي تواجه الحكومة بالنسبة للشغور، الدستور واضح والالية واضحة ولا تحتاج الا للتطبيق، اما بالنسبة لاعداد جدول الاعمال في وجود رئيس الجمهورية فيقول الدستور ان رئيس الحكومة هو الذي يعد جدول الاعمال ويطلع رئيس الجمهورية عليه، اما وان الشغور الرئاسي قد وقع فان رئيس الحكومة يعد جدول الاعمال ويوزعه على الوزراء قبل 48 من الجلسة كما في النص فاذا حصل اعتراض على بند او اكثر يبحث الاعتراض. اما في خصوص التوقيع فتشير المصادر الى ان هناك حالات عدة يمكن تطبيقها بسهولة ودون تعقيد. فبالنسبة للقرارات الاجرائية لمجلس الوزراء هذه القرارات اصلا لا توقع، بل تحتاج الى تعميم من رئيس الحكومة وهذا امر لا لبس فيه، اما بالنسبة للمراسيم التي تحتاج على التصويت بالنصف زائدا واحدا، فهذه يوقعها رئيس الحكومة ويجب ان يوقعها ايضا النصف زائدا واحدا في مجلس الوزراء وما فوق. وبالنسبة لتلك المراسيم التي تحتاج الى ثلثي مجلس الوزراء ايضا يوقعها رئيس الحكومة والثلثان وما فوق. وبالنسبة الى المراسيم التي يوقعها رئيس الجمهورية والحكومة ووزير المال والوزير المختص فهذه تحتاج في غياب رئيس الجمهورية الى توقيع كامل اعضاء الحكومة.

بري لـ«الديار»: كل واحد له مربعه الدستوري

اما الرئيس نبيخ بري العائد من الخارج فبدا مستاء من هذا التعطيل الذي بدأ يتوسع في البلاد، محذراً من مغبة هذا الموضوع. وعندما سئل: هكذا ستبقى البلاد جامدة وفي هذه المراوحة، اجاب: عندما يطبق «المقاطعجية» الدستور والقوانين «كل شيء بيمشي» المشكلة انهم لا يريدون تطبيق الدستور والقوانين. و«المشكلة كل واحد بدو مربعاً دستورياً له وحده، ولا يهمه البلد، ان مثل هذا الاسلوب لا يتلاءم مع بناء الوطن فلينتبهوا انهم اذا استمروا على هذا المنوال يضربون كينونة البلد. وهذا يهدد الشعب والكيان، واذا كان البلد لا يزال واقفاً على رجليه، فهذا ليس بفضل السياسيين بل بفضل هذا الشعب».

واضاف الرئيس بري: اني انصح ، مخالفة الدستور بهذا الشكل، ستؤدي الى ما لا تحمد عقباه، ان مثل هذا المنطق ومخالفة الدستور بهذا الشكل تجعلانني اقول «كتير عليهم بان يقال لهم اصحاب مزرعة». وحذر بري مرة اخرى، انه اذا بقي المجلس معطلاً ولم يمارس دوره الرقابي بالاضافة الى الدور التشريعي تصبح الحكومة بحكم المستقيلة وبالتالي حكومة تصريف اعمال، وقال «ان مثل هذا التصرف وهذا التعاطي يخربان بالبلد. وحول مصير الجلسة التشريعية في 10 حزيران وتحجج البعض بانه يجب الاتفاق على السلسلة قبل الجلسة، اجاب بري «شوها الكلام» يشرعون في الخارج ويأتون الى المجلس للبصم؟ «شو انا عاملهن شيخ مصلح».

وردا على سؤال حول قولهم التشريع فقط بالامور الضرورية قال: «ما هذه الهرطقة»؟ هل اصبح التشريع لائحة طعام نختار الطبق الذي يعجبنا، من يحدد الضروري وغير الضرروي، فقيل له «يقولون مثلا السلسلة ضرورية»؟ فاجاب «السلسلة ضرورية حسنا، لماذا لم يكملوا مناقشتها طالما انهم يعتبرونها ضرورية؟»، واضاف: اليس قانون الانتخاب ضروريا. اليست الموازنة التي ننتظرها منذ عقد ضرورية؟ هناك امور كثيرة جدا بحاجة للتشريع، وتهم المواطنين، فكيف يستقيم مثل هذا الكلام؟

وردا على سؤال حول انهم لا يحضرون التشريع بسبب الشغور الرئاسي اجاب: اذا فليعدلوا الدستور والمواد المتعلقة بالشغور.. واضاف: في كل الاحوال هذا الامر لا يمكن السكوت عنه وسيسمعون مني ما لم يسمعوه، وسيرون تدابير ايضا. وردا على سؤال اخر قال: «كأنهم لا تكفيهم محاولة تعطيل المجلس ها هم الآن انتقلوا الى الحكومة».

قيل له «يقول البعض فليحتذ بتجربة حكومة السنيورة في شأن الحكومة؟!» اجاب: «ليش السنيورة كان عنده معيار؟ اصلا حكومته كانت مبتورة».

رفع ساعات التقنين

ومع الحديث عن تراجع الدعم الحكومي لتغطية عجز مؤسسة كهرباء لبنان ما ينذر برفع ساعات التقنين ما بين 10 و14 ساعة يومياً. من المتوقع ان يباشر مجلس ادارة مؤسسة كهرباء لبنان دراسة الاوضاع المالية المستجدة في ضوء قرار مجلس الوزراء في جلسته الاخيرة بتخصيص المؤسسة 2850 مليار ليرة بدلا من 3500 مليار ليرة، كما طلبت واصرت وزارة المالية على مبلغ 3097 مليار ليرة.

وامام مجلس ادارة مؤسسة كهرباء لبنان ثلاثة احتمالات سيرفعها في كتاب الى مجلس الوزراء عبر وزارة الوصاية وزارة الطاقة والمياه لكي يتم تحديد الاحتمال الواجب اتخاذه:

1ـ تأكيد مؤسسة كهرباء لبنان ان هذا المبلغ اي 2850 مليار ليرة سيؤدي الى تأمين تغذية 12 ساعة وتقنين بمعدل 12 ساعة، بينما تأمين مبلغ 3097 مليار ليرة سيؤدي الى تغذية بمعدل 15 ساعة مع الاخذ بعين الاعتبار التغذية المتوافرة لبيروت وهي 21 ساعة في الـ24.

حالياً تعطي مؤسسة كهرباء لبنان تغذية بمعدل 16 ساعة وبامكانها رفعها الى 19 ساعة في ظل انتاج المعامل الذي يصل الى 1800 ميغاوات، خصوصاً مع توقف معملي صور وبعلبك عن الانتاج بسبب الاصلاحات الطارئة عليهما.

وكانت مؤسسة كهرباء لبنان تطمح الى اعطاء 20 ساعة تغذية خلال فصل الصيف مع قيامها باجراء الصيانة على جميع الوحدات الحرارية والغازية في مختلف المعامل اضافة الى الانتاج الذي توفره الباخرتان التركيتان في معملي الزوق والجية.

2ـ في حال عدم تأمين الاموال اللازمة ومن اجل تغطية العجز بصورة جزئية، سيدرس مجلس الادارة امكانية رفع سعر التعرفة الكهربائية بمعدل 40 في المئة، وهذه النسبة لن تؤثر في اوضاع المستهلكين باعتبار ان هؤلاء يدفعون اضعاف اضعاف التعرفة الى اصحاب المولدات الكهربائية، وبالتالي في حال تم رفع سعر التعرفة بمعدل 40 في المئة، فانه في مقابل ذلك يتم رفع ساعات التغذية، وهذا ما يؤدي الى توفير على المستهلك حيث تبقى تعرفة مؤسسة الكهرباء افضل من تعرفة اصحاب المولدات الكهربائية.

وتعتبر المصادر المطلعة ان زيادة 40% تعني رفع سعر الكيلووات ساعة من 126 ليرة الى 176 ليرة لبنانية، بينما الكلفة الحقيقية لسعر الكيلووات يتعدى 390 ليرة لبنانية، لكن المصادر تخشى ردات الفعل الشعبية كما كان يحصل في السابق.

3ـ ابقاء الوضع الكهربائي على حاله وعودة مجلس الوزراء عن قراره وامداد المؤسسة بكل ما تحتاجه من اموال وهذا ما سيؤدي الى زيادة العجز المقدر باكثر من ملياري دولار سنوياً.

وتتابع المصادر الكهربائية بالقول ان النازحين السوريين يستخدمون الطاقة بتكلفة وصلت الى 500 مليار ليرة وبالتالي من سيدفع هذه المبالغ الى مؤسسة كهرباء لبنان؟

الجدير ذكره ان وفد البنك الدولي الذي يزور لبنان كان قد اجتمع بوزير المالية علي حسن خليل وبحث معه في موضوع الكهرباء والطاقة، وهو بالتالي، اي البنك الدولي يحبذ رفع سعر التعرفة الكهربائية انطلاقا من ايمانه بعدم دعم هذه المادة، كما ابدى موفد البنك الدولي استعداد البنك للمساهمة في حل مشكلة الطاقة وتأمينها للاجئين السوريين، لكنه لم يدخل في تفاصيل كيفية الحلول واقترح مبادىء عامة. هذا مع العلم ان تشغيل البواخر التركية وايجارها يكلفان سنويا 120 مليون دولار مضافا اليها كلفة 500 الف طن من الفيول الذي تتحملها كهرباء لبنان.

وحسب المعلومات فان ديون الدولة اللبنانية البالغة حوالى 60 مليار دولار دفع نصفها اي ما يقارب الـ30 مليار دولار لتغطية عجز كهرباء لبنان.

وحسب المعلومات ايضا، فان ما تقوم به وزارة المال هو هندسة الانفاق للمحافظة على التوازن في المالية العامة وهي ستحاول ان تغطي النسبة الكبيرة من عجز الكهرباء، لكن الوزارة مصرة على ان يعاد النظر في واقع الكهرباء واوضاع المؤسسة وعملها.