IMLebanon

الاتصالات بين عون والحريري: انقطعت.. لم تنقطع!

قصّة الحوار بين سعد الحريري وميشال عون، لم تنته نهاية سعيدة. قالها أحمد فتفت، أمس الأوّل، بالفم الملآن: «الجنرال» لم يعد مرشحاً توافقياً في عيون «المستقبليين». لم يراعِ نائب الضنيّة أن رئيس تيّاره كان منذ أسبوع محرجاً من إبلاغ عون باستحالة سير «المستقبل» في ركب ترشيح زعيم «التيار الوطني الحرّ».

في حين أنّ هذا الجوّ لم يصل بعد إلى مسامع «العونيين» الذين يبدو كما لو أنّهم يمرّون بحالة إنكار. بالنسبة لهم، فتفت وغيره من نواب «المستقبل» الذين يحاولون الإيحاء أن أسهم عون في «البورصة الزرقاء» انعدمت، لا يعبّرون عن «نبض» رئيس تيارهم لأنّهم غير مطّلعين على النقاشات التي كانت دائرة بيننا وبين الحريري ومدير مكتبه نادر الحريري، وهم أصلاً يمتهنون وضع العصيّ في دواليب التفاهم مع رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح».

يؤكّد قياديّو «التكتّل» أنهم لم يتبلّغوا رداً سلبياً من «التيار الأزرق» بعد، وأن الاتصالات بين الفريقين لم تنقطع، ولكنّها تتقدّم بوتيرة أقلّ مما كانت عليه إبّان اقتراب انتهاء عهد ميشال سليمان، لافتين الانتباه إلى أن «هذا شيء طبيعي ومتوقّع».

لا يعني «ركود العلاقة» للمقربين من عون إشارات مدويّة لانتهاء «حلم الرئاسة» أو كما يصفونها «محاولة جمع البلد»، بل يعملون على تبريره بقولهم «إن هذه المرحلة غامضة بعض الشيء نظراً للظروف التي نمرّ بها، كما أنّ الحريري في حالة انتظار يقوم خلالها بتذليل العقبات الداخلية والخارجيّة»، من دون الإفصاح ما إذا كان الحديث عن «فيتو» سعودي على عون هو حديث صحيح ومنقول بأمانة.

ينام «العونيون» على حرير لأن الأمور لم تجنح نحو القطيعة.. الاتصالات جارية على قدمٍ وساق بينهم وبين مسؤولي «المستقبل»، إذ أنَّ التنسيق يومي بشأن كلّ الملفات العالقة والتي تحلّ باتصال واحد أحياناً، مذكّرين بأن هذه الحالة لم تكن موجودة قبل أشهر قليلة، ما يشير إلى أنَّ التواصل مع «الزرق» مفيد على كلّ المستويات على قاعدة «ساقية جارية ولا نهر مقطوع».

وكما في الرابية كذلك في «بيت الوسط»، حيث يشدّد «المستقبليون» على أهميّة هذا التنسيق، موضحين أنه يجري على صعيد الوزراء خصوصاً في الملفّات الحكوميّة وتلك التي تتعلّق بالحياة اليوميّة للمواطنين، كذلك فإن العلاقة الشخصيّة بين جبران باسيل من جهة ونهاد المشنوق ونادر الحريري من جهة ثانية توطّدت في الآونة الأخيرة بعدما كان الودّ مقطوعاً سابقاً.

ولكن هذا الأمر لا يعني لهم بأن العلاقة بين الطرفين على ما يرام لأن موضوع الانتخابات الرئاسيّة مغاير. يشدّد قياديون في «المستقبل» على أنّ وصول عون إلى بعبدا «على ظهرهم» بات خلفهم، لأن التواصل مع الحريري قد انتهى بعد كلام «الجنرال» الأخير عندما أشار إلى أن باستطاعته تأمين أمن الحريري في حال وصوله إلى سدة الرئاسة.

ينكر «الزرق» أنهم نفضوا أيديهم من ترشيح رئيس «تكتّل التغيير والإصلاح»، تماماً كما ينفون أي تأثير سعودي على الاتصالات التي كانت تجري بالأمس القريب بين الطرفين. يقرّون أن «المملكة» لم يكن لديها رغبة في فتح «المستقبل» بابه واسعاً أمام «العونيين» على اعتبار «أنها لا تثق بعون، ومع ذلك فهي تركت الأمور تأخذ مجراها».

بكلّ بساطة، يرمي قياديو «التيار الأزرق» الكرة في ملعب «الجنرال»، فهو لم يقم بما اتّفق عليه مع الحريري. الأخير كان ينتظر من عون أن يتّخذ موقفاً واضحاً من سلاح «حزب الله» وتدخّله العسكري في سوريا. وبالرغم من ذلك، لو فكّ رئيس «التكتّل» تحالفه مع «حزب الله» وقرّر أن يشطب وثيقة التفاهم بجرّة قلم، كان الحريري سيتّهمه بأنه «جاحد بحقّ حلفائه وبالتالي لا يؤتمن على التحالف معه».

هذه ليست كلّ الضمانات التي كان يراهن عليها الحريري، بل كان شرطه الأساسي، هو الجلوس على طاولة واحدة مع «القوات» و«الكتائب».. وغيرهم من مسيحيي «14 آذار». لم يطلب عون لقاءهم، ولم يراجعه الحريري في «شرطه التعجيزي»، إذ أنّه يدرك أنّ حلفاءه لن يلاقوا «الجنرال» في منتصف الطريق ولن يقتنعوا يوماً في ترشيحه، كما أنه متأكّد أن عون لن يفعلها.. وهكذا إلى أن انقطعت أخبار تواصل عون الحريري.

في المحصّلة، نجح رئيس تيار «المستقبل» بفتح ثغرة كبرى في جدار خصمه، ليؤكّد أنه «رجل دولة مدّ يده لمرشّح ماروني من دون أن يقرّر عن المسيحيين أي رئيس يريدون، بل ترك الخيار لهم».. هكذا يرى «الزرق» قائدهم من خلف الحدود، في حين أنّهم يعتبرون أنّ «الجنرال لم يسع ليكون توافقياً لأنّه لم يلتزم بالحدّ الأدنى من المبادئ العامة لـ14 آذار وفي الوقت عينه بقي غارقاً في محور في حزب الله».

إذاً، بات خبر التواصل بين الفريقين هو أشبه بوجهة نظر يختلفان عليها في ما بينهما. ولكن ماذا سيحصل لو قال الحريري علانيةً إنه لن يسير بعون مرشحاً توافقياً؟

يعتقد «الزرق» أنه ليس باستطاعة رئيس «التكتّل» قلب الطاولة فوق رؤوس الجميع على قاعدة «عليّ وعلى أعدائي»، لأنه حتماً «سيخسر في حال أعاد فتح النار علينا وعلى السنّة»، معتبرين أن سيناريو انسحاب وزرائه من الحكومة غير واقعي حتى الساعة، لأنه لن يربحه شيئاً في معركة الرئاسة، كما أن حلفاءه لن يوافقوا على التصعيد إلى هذه الدرجة في هذه المرحلة الإقليميّة الخطيرة والحسّاسة».

أما «العونيون»، فيفضّلون عدم استباق الأمور والخوض في تفاصيل مرحلة «الرفض الأزرق»، مؤكّدين أنه إذا حصل ذلك «فإننا سنحسم أمرنا في ذلك الحين ونبني على الشيء مقتضاه، وسيترتّب على الجميع تداعيات سياسيّة يفترض عليهم تحمّلها!».. ولذلك يحاول قياديّو «التيار الوطني» النوم على «أحلام ورديّة» في العلاقة مع الحريري.. لكي لا يصبح «أبغض الحلال» أمراً واقعاً.