IMLebanon

التبريرات الأميركية والفرنسية انعكاس للعجز تجديد الولاية للأسد يُظهر بقوة المأزق الدولي

 على رغم التسليم واقعياً على الصعيد الدولي بان الرئيس بشار الاسد سيؤمن لنفسه ولاية جديدة بغض النظر عن هزلية الانتخابات التي سيجريها او مسرحيتها، فان ذلك يرخي بثقله على مسؤولي الدول الغربية المؤثرة اقله على الصعيد المعنوي والسياسي خصوصاً مع استمرار المأساة السورية في ظل معلومات عن استخدام النظام الكلور في قصف المدن والقرى السورية. اذ انفجر الرئيس الاميركي باراك اوباما في ختام جولته الاسيوية التي انهاها الاثنين في 28 نيسان المنصرم في مانيلا في الفليبين مدافعا بشراسة عن سياسته الخارجية على خلفية الانتقادات القوية ضده في ازمتي اوكرانيا وسوريا. الرئيس الاميركي سأل في الموضوع السوري رداً على الانتقادات القاسية “اود ان اسجل ان هؤلاء ممن ينتقدون سياستنا الخارجية في ما يتعلق بسوريا، يقولون بانفسهم لا لا لا لا نعني ارسال جنود اميركيين الى سوريا. جيد ماذا تعنون اذا؟ يجب ان ندعم المعارضة. نحن ندعمها. ماذا تعنون غير ذلك؟ ربما كان يجب ان توجه ضربة عسكرية للنظام من اجل اخراج الاسلحة الكيميائية من سوريا. حسنا نحن نفعل ذلك من دون توجيه ضربة عسكرية…”. ومع انها ليست المرة الاولى التي يدافع فيها اوباما عن تراجعه عن عدم توجيه ضربة الى النظام معتبرا ان الخيار الآخر غير محتمل نظراً الى حصره من جانبه في عمل عسكري ميداني وليس في خطوات اخرى نوقش فيها على صفحات الصحف ووسائل الاعلام، فانه لم يقنع منتقديه خصوصاً في الولايات المتحدة بحيث باتت تثقل عليه هذه الانتقادات في ظل الاعداد للانتخابات النصفية للكونغرس الاميركي في تشرين الثاني المقبل والتي يخشى ان يخسرفيها الديموقراطيون مقاعدهم لمصلحة الجمهوريين بحيث تكتمل سيطرة هؤلاء على الكونغرس علما ان استطلاعات الرأي غداة هذه المواقف اشارت الى تراجع كبير في دعم اوباما داخليا، في الوقت الذي اشاع قريبون منه نيته في استكمال الردود على منتقدي سياسته الخارجية قريبا. ويسوق اوباما منطقه الدفاعي عن سياسته الخارجية في ظل شعار مصلحة اميركا والاميركيين والذي وجد صدى له غداة تصريحه في الفليبين في استطلاع للرأي اجرته مؤسسات اعلامية كبرى يظهر ان الاميركيين بغالبيتهم يريدون تقليص دور الولايات المتحدة في شؤون العالم.

في الجانب الآخر من الاطلسي وبعد يومين على الدفاع المستميت لاوباما عن سياسته الخارجية، دافع وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس عن سياسته الديبلوماسية امام مجلس النواب الفرنسي في موضوع الازمة السورية وتداعياتها على نحو ابرز التناقضات الفاضحة بين الحلفاء الغربيين في الموضوع السوري. اذ في مقابل دفاع اوباما عن عدم تدخله في سوريا لمنع المجازر الحاصلة والحؤول دون استمرار الحرب مع تمديد الاسد لوجوده في السلطة، اعتبر فابيوس ان “قرار الدول الغربية عدم التدخل في سوريا الصيف الماضي كان “خطأ” اضعف موقف الغربيين بمواجهة روسيا . واذ اعتبر انه ستكون هناك مهزلة انتخاب بشار الاسد لان رجلاً مسؤولاً عن 150 الف شخص كما قال لا يمكن ان يكون مستقبل شعبه، قال “اعتقد لو ان بريطانيا والولايات المتحدة تدخلتا في تلك الفترة الى جانب فرنسا لما كان تصرف حكومة بشار الاسد اختلف فحسب، بل كانت اختلفت ايضاً صدقية التدخلات الغربية بالنسبة الى روسيا وهذا “خطأ” ارتكب في حينه… ولم تكن فرنسا مسؤولة عنه”.

هذه التبريرات من الجانب الاميركي او الفرنسي لا تطاول الداخل في كل من الولايات المتحدة او فرنسا فحسب بل تعبر وفق ما تقول اوساط ديبلوماسية مراقبة عن ضيق من عجز لا يجد تبريراته على كل المستويات مع استمرار المأساة السورية من دون افق قريب للحل. فصدقية الدول الغربية باتت على المحك وكذلك السلطات الحاكمة فيها. يضاف الى ذلك ان استقالة الموفد الاممي الاخضر الابرهيمي المرتقبة غداة الاحاطة التي سيقدمها الى مجلس الامن في الايام المقبلة والبحث عن بديل منه يثير اشكالية وتساؤلات حول الغاية من المتابعة وفق الاسلوب نفسه ما دام الابرهيمي مع الامم المتحدة والدول الكبرى اعتبروا جميعهم ان الانتخابات الرئاسية السورية، ايا تكن صورتها الهزلية وفق توصيف هذه الدول، تطيح مضمون مؤتمر جنيف – 1 حول السلطة الانتقالية وامكانات الحل السياسي. ما يعني ان الدول الغربية في شكل خاص تواجه مأزقاً لجهة ان تعيين البديل من الابرهيمي هو بمثابة هروب الى الامام ما دام لا مقاربة مختلفة للمأساة السورية والتي تبدو متعثرة اكثر فاكثر في المدى المنظور مع اتساع الهوة مع روسيا على خلفية الازمة في اوكرانيا وضم روسيا شبه جزيرة القرم اليها والتي بات يتعثر في ضوئها ايضا تنفيذ القرار الدولي حول تسليم الاسلحة الكيماوية وتقديم المساعدات الانسانية على خلفية الازمة المتزايدة مع روسيا. كما تواجه هذه الدول مأزقا معنويا اذا صح التعبير في عدم امكان ردع النظام عن تأمين الديمومة لنفسه في غياب القدرة الغربية على اي مبادرة تضع حدا له في حين انه عبر هذه الديمومة يتحدى الدول الغربية ويسجل انتصاره عليها مما سيزيد من احباط شعبه ويؤثر سلباً على المعارضة ضده.