IMLebanon

التمديد «بدعة» و«رسالة مُشفّرة» الى الرابية ومعراب

التمديد «بدعة» و«رسالة مُشفّرة» الى الرابية ومعراب بكركي «لا تمانع لحماية الرئاسة الأولى من الفراغ»
والمستقبل يرى فيه «خشبة الخلاص» لحسم ضياعه بين عون وجعجع

قالها رئيس الجمهورية بالفم الملآن عبر رسالته «التويترية» بانه غير راغب في تمديد ولايته الرئاسية، وبان الأحد في الخامس والعشرين من أيار يوم آخر في حياته لم يشهد مثيلاً له منذ 47 عاماً، لكن طرح التمديد الذي تسرب مؤخراً بعدما تعذر انتخاب رئيس للجمهورية في الجلسة الرابعة المنعقدة لهذه الغاية مع استمرار 14 و8 آذار في تعنتهما وتمسكهما بخياراتهما الترشيحية بحيث يستمر سمير جعجع بالترشح ويتمسك ميشال عون بشعار ضرورة التوافق على شخصه قبل ان يغامر بخطوة الترشح، فان هذا الخيار تقول مصادر سياسية متابعة لم يأت من العدم بل ثمة من سعى الى تمريره لغايات عديدة منها زكزكة الأقطاب الموارنة الأقوياء بخيارات أخرى في حال اصرارهم على المضي والتصلب في مواقفهم. فالواضح ان لا أحد في الجمهورية اللبنانية لا يرغب بعدم انتخاب رئيس للجمهورية ضمن المهلة الدستورية، لكن الرياح تجري بعكس التمنيات، من هنا كان لا بد كما تقول المصادر من التلويح بحلول اخرى لعدم الوصول الى الفراغ والتعطيل في موقع الرئاسة الأولى.
وهذا الخيار لا تبدو بكركي رغم كل النفي ومحاولة تحييد البطريركية عن وجهته في اجوائه، لا بل يقول المقربون من بكركي ان الصرح لا يطرح التمديد لكنه ربما لا يمانع به خصوصاً ان بكركي تشعر باقتراب شبح الفراغ، وهي التي سعت قبل بضعة اشهر الى جمع الاقطاب الموارنة تحت عباءتها من اجل عدم الوصول الى محطة الفراغ، وهي تتلاقى بذلك مع فريق في 14 آذار الذي لا يمانع هذا الطرح ويرى فيه خشبة الخلاص الى حين التوصل الى تسوية او نضوج الاتصالات والوضع الإقليمي وطبخة التفاهمات التي تجري بين الإيرانيين والأميركيين والتي ستشمل الملف اللبناني وسيكون لها انعكاساتها على الملف الرئاسي.
ولعل عدم ممانعة بكركي لطرح التمديد بغض النظر عن جديته او قانونيته ودستوريته كما تقرأه اوساط سياسية مسيحية موجه بالدرجة الأولى الى الزعيمين المسيحيين المتنازعين حول الرئاسة وتحديداً الى معراب والرابية، فميشال عون وسمير جعجع يتحملان مسار تعطيل الجلسات الانتخابية وهما المسؤولان نتيجة نزاعهما في السياسة واختلافهما عما ستؤول اليه مستقبل الرئاسة الأولى، وما يمكن ان يطرأ على الوضع المسيحي من أزمات. فصحيح ان البطريرك الراعي لم يقلها صراحة، لكنه مستاء من الحال التي وصلت اليه الانتخابات المعطلة في ظل اصرار عون وجعجع على مناكفة بعضهما والتسابق للوصول الى قصر بعبدا. فالراعي كان يدرك ان الأمور ستصل الى هذا المستوى وهو الذي حرص على جمع الأقطاب قبل الوصول الى الاستحقاق من اجل التفاهم والتوافق في الملف الرئاسي، والبطريرك لا يريد باي شكل من الأشكال ان تتسلم الحكومة مهام الرئاسة الأولى، من هنا جرى تمرير الرسالة المشفرة الى كل من الرابية ومعراب وحيث يبدو ايضاً ان جزءاً كبيراً من مكونات 14 آذار لا يمانع في التمديد، وهنا تتوقف الأوساط عند موقف النائب هادي حبيش فهو لم يتقدم بطرحه التمديد من عندياته، فتيار المستقبل ابلغ الراعي انه يوافق على السير بالتمديد في حال شكل هذا الخيار محور إجماع مسيحي وكان المخرج للأزمة الراهنة والمترنحة، وفي الواقع فان حسابات المستقبل تظهر ارتياحها للتمديد كونه يشكل لها مخرجاً من أزمتها الصامتة وتأرجح التيار بين الاستمرار بدعم معراب وما يمكن ان يسببه تفاهم الأزرق مع الرابية والسير بترشيح عون من شرخ داخل 14 آذار.
ولكن قبول بكركي بتمديد ولاية رئيس الجمهورية لا يعني كما تقول اوساط قريبة منها توريط بكركي في الملف الرئاسي، فالبطريرك يتعاطى مع الملف الرئاسي من دون ان يفرض شروطه او مرشحيه ومن اجل تأدية واجبه ومن منطلق مسؤولياته المسيحية تجاه رعيته وحرصه على مقام الرئاسة الأولى. ولا يعني ذلك ايضاً ان بكركي ستسمي الرئيس المقبل فالصرح يدرك حجمه ودوره في العملية التي تحتاج الى توافق سياسي بالتنسيق مع الخارج والراعي الإقليمي، وان كان لسان حالها انها لم تعد ترغب بوصول الأقوياء الذين سيزيدون شرذمة الوضع المسيحي على غرار ما يحصل اليوم من انقسام في الصف المسيحي، وربما تفضل بكركي مرشحين من الصف الماروني الثاني على غرار رياض سلامة وزياد بارود او دميانوس قطار او روجيه ديب من الشخصيات المارونية الأكثر مرونة وقبولاً من كل الأفرقاء.
وبغض النظر عما سيؤول اليه طرح التمديد الذي ربما لن يكون إلا زوبعة في الفنجان او محاولة «هز العصا» للأقوياء المسيحيين لئلا يستمروا بالتلاعب بمصير المسيحيين فان رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي حزم حقائبه ويستعد للرحيل بعد بضعة ايام يبدو اكثر الضاحكين في المشروع الذي تم طرحه والذي يحاول تعرية نفسه منه، فسليمان يغادر القصر على ارتفاع نغمة التمديد له وهو الذي اختبر قبل بضعة اشهر ان كل الأبواب سدت في وجه التمديد من الممانعة الأوروبية ورفض الفرنسيين له الى الفيتو الداخلي من حزب الله وفريق 8 آذار.