IMLebanon

«التهمة» تنطبق على أوباما وهولاند و11 مليون سوري

خشان لـ «المستقبل»: أنا صندوق بريد وجنبلاط رسالة قائمة بذاتها
«التهمة» تنطبق على أوباما وهولاند و11 مليون سوري

 

لا أحد يعرف ما إذا كانت المذكرتان السوريتان بحق رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط والزميل الصحافي فارس خشان هما نفسهما المذكرتان القديمتان اللتان صدرتا في قضية أخرى في أواخر العام 2005 وشملتا أيضاً النائب مروان حمادة، أم أن المذكرتين جديدتان. لا معلومات ولا تفاصيل تُذكر في هذا الموضوع ليبنى على الشيء مقتضاه، فقد تعامل النظام السوري كعادته مع الخارجية اللبنانية ووزارة العدل كصندوق بريد لمحاكم النظام السوري، فهناك تهمة بلا وقائع، من دون جرم ارتكب، واستدعاء من دون وجود محكمة، واستئناف من دون محامٍ وكيل.

والملاحظ أن الشكل الذي أخرجت فيه هذه المذكرات يحمل الكثير من الدلالات والأسئلة، دلالات تؤشر إلى انزعاج النظام من أداء جنبلاط واعتبار خشان وسيلة لايصال رسائل لكل من يعتبرونه متشدداً في 14 آذار تجاه جرائم الأسد وتجاه حلفائه اللبنانيين المدافعين عن نظامه.

التهمة التي وردت في المذكرة الموجهة إلى الزميل خشان هي «النيل من هيبة الدولة والتعرض للوحدة الوطنية في سوريا»، فأي جرم ارتكب حتى توجه إليه؟ لا شيء واضحاً! وقد ينطبق ما ورد في هذه التهمة على أي صحافي أو شخصية سياسية أخرى لا تركب مركب 8 آذار، وإذا كانت هذه التهمة المسجلة أعلاه هي الجرم، فهو إذاً جرم عالمي، يصح على خشان وجنبلاط كما يصح على الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أو على رئيس الولايات المتحدة الأميركية باراك أوباما وعلى 11 مليون سوري، وكذلك يصح على مجلس الأمن وعلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة وعلى جامعة الدول العربية التي طردت سوريا من مجلسها وعلى كل من وافق على اتخاذ قرارات تدين جرائم النظام السوري وممارساته اللانسانية، اللهم إلا إذا كان خشان وجنبلاط بالتواطؤ تسببا في كل هذا الذي يجري في سوريا من مصائب ونكبات!!!

يعرب الزميل خشان في حديث الى «المستقبل» عن احترامه لوزير العدل الذي كشف عن المذكرتين ولم يسمح بأن تجري العملية تحت التبن كما جرت الأمور في وزارة الخارجية، إلا أنه يوجه أسئلة عن نوعية الجرم الذي ارتكبه للقول بأن ذلك شمله العفو الصادر عن النظام السوري في العام 2013؟.

على أي حال كل هذه المخاطبة مخالفة للقانون حتى ولو أرادوا اتباع القانون، فالاتفاقية اللبنانية السورية تشير إلى أن التبليغ لا يمر عبر السياسة، بل عبر المحاكم فقط ، وهي التي تقرر التبليغ ولكن، وهنا الأساس، فالمحاكم حتى تقرر التبليغ يجب أن تحصل على الملف، وإذا أرسل الملف فهو حتماً سيكون فارغاً لا جرم فيه».

ويسأل خشان، كيف تعلم «الأخبار» بالتهمة لتقول إن المذكرتين الجديدتين بمثابة تذكير، موضحاً «أنا كنت أعلم بأن هناك مذكرة توقيف سورية بحقي مع 33 شخصاً آخرين صدرت في العام 2010، ومذكرة توقيف أخرى مع جنبلاط وحمادة وقيل إن الدعوى أسقطت بحق جنبلاط، فإذا كانت قد أسقطت فعلاً، فكيف ذهبت إذاً إلى الاستئناف؟ هل جنبلاط يستأنف إسقاط الدعوى عليه ويطالب بملاحقته من جديد؟ أكيد لا، اذاً، هذه دعوى ثالثة. قد تكون قديمة ولكن من يعرف ماذا يحصل هناك، إذ لا قضاء في سوريا، والسؤال الذي يطرح هل ما يجري اليوم هو إجراء قضائي من أجل التحضير لاتخاذ إجراء قضائي آخر، وهل الهدف منه المقايضة على أمور أخرى على علاقة بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان وما إلى ذلك؟».

وعما إذا كان استهداف صحافي في هذه الفترة هو رد على محاكمة قناة «الجديد» و«الأخبار» من قِبَل المحكمة، يجيب: «يمكن أن يتذاكى البعض ويقيم هذا الربط، ولكن هذا التذاكي سيخلق مقارنة فظيعة بين كيان وهمي يلاحق بتهمة من دون جرم، وبين كيان حقيقي يلاحق مع تهمة مرفقة بقرار اتهامي شفاف، ومع مراعاة حق الدفاع ومع معايير واضحة وشفافية وضمانات الحضور والعودة. المقارنة لا تجوز بين كيان وهمي وغامض ليس لديه أي أسس ولا يؤمن الحد الأدنى من السلامة ويتحرك بلحظات سياسية معينة بناء لطلبات سياسية معينة، وبين المحكمة الخاصة بلبنان». ويضيف: «هاتان المذكرتان صدرتا بعد اجتماع جميل السيد مع بشار الأسد في نيسان الماضي، طبعاً هما لم يبحثا في شؤون الشرق الأوسط، فالسيد يقولون له الطقس غائم في نيويورك، يرد عليهم: هناك شهود زور ولأنهم لم يقبضوا عليهم ستثلج في نيويورك، فهو مهووس بمسألة واحدة، الانتقام ممن اعتبر موهوماً أن لهم ضلعاً في توقيفه، حتى يبرئ نفسه من الأسباب الذاتية التي أدت الى توقيفه، وبالتالي كلما ذهب وجلس مع الأسد، تصدر مذكرات بحق لبنانيين. في المرة الأولى ذهب ليجلس مع الأسد، فصدرت 33 مذكرة توقيف، كان هناك مسار سياسي اسمه السين ـ السين، فصدرت المذكرات وكانت رسالة لسعد الحريري بأن يأتي الى المصالحة والتسوية وحيداً، وعندما رفض رأينا ما رأيناه من تدهور للأمور في العام 2010.»

ويتابع: «وكذلك الأمر في نيسان الماضي، فقد التقى جميل السيّد بالأسد، وبعدها تحركت المذكرتان. هذه المرة، وفيما كانت المراسلة تكتب وتوقع في السفارة السورية لترسل الى الخارجية اللبنانية ومنها الى وزارة العدل، أطل على وسائل الإعلام وقال بأن كل المجموعات التي يتهمها بالمذكرات سوف تقتل وتلاقي مصير اللواء الشهيد وسام الحسن».

لماذا اليوم يستهدف خشان وجنبلاط؟ يجيب: «فارس خشان صندوق بريد لمجموعة كبرى ووليد جنبلاط رسالة قائمة بحد ذاتها، فهو نجح في القيام بأكثر من أمر في سوريا، نجح في منع الدروز من أن يكونوا «شبيحة» عند النظام السوري، ونجح في جعل المناطق الدرزية مناطق محايدة، على الرغم من المساعي لتوريطها بحرب النظام ضد الثوار، وعندما قام بعض رجال المخابرات بارتداء الزي الدرزي للقيام بالدعاية لبشار الاسد، انتفضت المناطق الدرزية. فجنبلاط، بمواقفه، أفشل محاولة تجنيد الدروز لمصلحة بشار الأسد اولاً، وثانياً فإن لديه وجهة اعتراض في الداخل اللبناني في مسألة الانتخابات الرئاسية، وبالتالي فهو يشكل عقدة، ولا يستطيعون استخدامه لكي يفرضوا على 14 آذار مرشحاً من 8 آذار. وهم يعتقدون بأن جنبلاط يتأثر برسائل التهديد، لأنه، بالتجربة المستمرة من العام 2008 أثبت أنه يقرأ بشكل جيد رسائل التهديد، وأحياناً يعمل بموجبها. هذه رسالة له، هم لا يستطيعون القول سنقتلك علناً، بل يوجهون له رسالة قتل مموّهة، وبالتالي عليه طلب الأمان السياسي، وحتى يحصل على هذا الأمان لا بد أن يسير بالانتخابات الرئاسية كما يريد فريق 8 آذار.

أما بالنسبة إليه، فيوضح خشّان: «هم يعتقدون أن تيار المستقبل يضم صقوراً وحمائم. هم يعتبرون أنني من التيار المتشدد في تيار المستقبل، وبالتالي هم يريدون القول لهذا التيار، عملياً، إذا لم تهدئ الوضع وترضى بما نريد، فسنعاملك مثلما نعامل فارس خشان، نلاحقك ونطاردك ونتسبب بنفيك. طبعاً، لا نستطيع أن نطال فارس خشان في فرنسا ولكن نحن باستطاعتنا النيل منك لأنك في لبنان». ويرى أن «هناك من يحرك الأمور عن حقد وعن نية في إرهاب الناس وهو الذي يختار الأهداف، وهناك آخرون يعملون لدى حزب الله والنظام السوري لترئيس شخصية من 8 آذار في رئاسة الجمهورية، أي هم يضربون جناحاً متشدداً في الوسطية، أي وليد جنبلاط، وجناحاً هم يعتبرونه متشدداً ضمن 14 آذار، وأضعف ركن فيه فارس خشان وهو غير موجود في البلد، وبالتالي أنا صندوق بريد وجنبلاط رسالة قائمة بذاتها».

ماذا ستنتج هذه الرسائل؟ يرد خشان: «لا أعرف، أنا لا أصدق أن هناك جناحين في تيار المستقبل. قد يكون هناك تباين في وجهات النظر وآراء معبر عنها وهو أمر طبيعي، لكن لا يوجد واحد وطني وآخر لا، لا يوجد واحد ليّن وآخر متصلب في «المستقبل»، هذا كله كذب، هناك نقاش ديموقراطي أحياناً يرتدي طابع العلنية وأحياناً يكون سرياً، ولكن هم يلبسونه أكثر من اللازم. هذه الانتقائية هي تمهيد لعملية كبيرة كما حصل عندما اغتيل اللواء وسام الحسن، وإذا لم يُعمل بموجب هذه الرسالة، فإن هناك أمراً ما سيحصل».

ويؤكد خشان في ختام حديثه: «اليوم لم يعد بالإمكان التفريق بين «حزب الله» والنظام السوري»، وربما لأن لا رغبة الآن في الاغتيالات قد تكون المذكرتان رسالة تحذيرية لئلا تحصل اغتيالات، أو ربما كانت مقدمة لاغتيالات اذا لم يعمل بموجب هذه الرسائل في وقت لاحق. وهذا لا يعني اغتيالي أنا أو جنبلاط ولكن قد تكون العين على آخرين، والواضح أن ما لا يريد «حزب الله» القيام به مباشرة، يقوم به النظام السوري وهذا تعودنا عليه، فالـ33 مذكرة السابقة كانت متبناة من «حزب الله» الذي يدفع أولاده دفاعاً عن النظام السوري وبالتالي التمييز بين الطرفين أصبح تمييزاً وهمياً اليوم».