IMLebanon

الحدود السائبة «تُعلِّم» العصابات الحرام.. في البقاع الشمالي

 

اختلط الحابل بالنابل في البقاع الشمالي، ذلك أن عمليات الخطف التي تجري هناك بين الحين والآخر تسابق الخطط الأمنية التي توضع من أجل ضبط الأوضاع، البعض يتهم المعارضين السوريين بعمليات الخطف، لا سيما «حزب الله» الذي يوجه أصابعه على الدوام الى «جبهة النصرة» عدوته في الداخل السوري، وآخرون يتهمون العصابات الحدودية التي ما عادت بسبب الأوضاع الأمنية والحرب السورية تستفيد من عمليات التهريب المربحة التي كانت تجري بلا حسيب أو رقيب، لا بل أن حرس الحدود على الجهتين اللبنانية والسورية لم يهتموا على الاطلاق بضبطها إذ كانت تجري على مرأى من الأعين كتدبير منزلي لا بد منه.

إعلام فريق الثامن من آذار «حاضر ناضر« من أجل اتهام «النصرة» في كل شيء، لكن العارفين بخفايا الأمور يشيرون الى أن الفاعل ليس جهة سياسية أو مجموعة من المجموعات المعارضة التي تقاتل في سوريا وإنما عصابات فالتة على الحدود، لم يجر العمل على محاسبتها قانونياً أو اتخاذ اجراءات تقضي بحضور الدولة فعلياً عبر أجهزتها الأمنية لملاحقة الفاعلين وتعقبهم والقبض عليهم.

وتم الهجوم أمس على مخيم للنازحين في وادي حميد في عرسال اسفر عن قتيل وجريح وخطف اثنين آخرين، وقبلها بيوم واحد اقتحم مسلحون كسّارة في بلدة رأس بعلبك وخطفوا منها عمالاً لبنانيين وسوريين وأتراكا وسرقوا آليات ومعدات، ومنذ فترة صودر قطيع أغنام من 3 شبان في بلدة عرسال، وقبل ذلك تردد أن «جبهة النصرة« عذّبت شباناً سرقوا دراجة نارية بعد أشهر من الهدوء. وهناك الكثير من الحوادث الأمنية تسجل من دون معرفة تفاصيلها لا سيما داخل مخيمات اللاجئين السوريين في عرسال حيث قيل أكثر من مرة إن هناك سوريين يتم خطفهم من قبل مسلحين ولم يعرف مصيرهم، فما هو واقع الأوضاع هناك ومن يتحمل مسؤولية هذه الحوادث أو تبيان الحقيقة؟

يقول نائب رئيس بلدية عرسال أحمد الفليطي لـ»المستقبل» ان ليس هناك معطيات بما يختص عملية الخطف والسرقة التي حصلت من الكسّارة في رأس بعلبك، لكن المحاولات التي حصلت سابقاً كانت حوادث فردية لأسباب مادية وبعض الحوادث كانت تحصل بهدف السرقة ولكن لم تكن أي حادثة مسيسة من بينها، ونحن موعودون بحلحلة لحادثة خطف صاحب الكسّارة ليلاً».

وعن اتهام عناصر «جبهة النصرة« بتنفيذ هذه العملية يجيب: «كل حادثة يجري لصقها بالنصرة، ليس دفاعاً عن النصرة، ولكن النصرة ليست وحدها في سوريا أو موجودة على الحدود، هناك فصائل أخرى من الجبهة الاسلامية وكتائب عديدة غير معروفة»، ويوضح انه «عندما سيطر النظام السوري على القلمون وهيمن على المنطقة بعد أن اجتاح قرى بقواه العسكرية ودخل أخرى بالتراضي، وهو بذلك ترك هامشاً كبيراً لتحرك الثوار، فقد حصلت اتفاقات ضمنية في بعض المناطق، وحصل جدل على تسمية ما حصل، هل هو هدنة أم صلح بين النظام وبين المعارضة؟ الثوار يطلقون عليه هدنة والنظام يعتبره صلحاً مع الأهالي لا سيما في بعض القرى المعروفة مثل عسال الورد ورنكوس وفارا وغيرها، النظام ترك امكانية التحرك للثوار في الجبال على حدود عرسال ولكن ضمن الأراضي السورية، في هذه المناطق تتواجد فصائل مختلفة للمعارضة السورية من الألوية الاسلامية والجيش الحر ولواء القصير، لو كانت «النصرة» هي القوى الوحيدة الموجودة لكانت هناك مرجعية يمكن التواصل معها لحل المشكلة، ولكن الأمر أبعد من ذلك، هناك عصابات منتشرة، لكن جبهة النصرة لم تنفّذ أي اعدامات في القلمون مثلاً رغم أنها حكمت المنطقة سنة وستة أشهر، وكان المسيحيون في يبرود يلجأون إليها عندما تحصل مشكلة، لأن النظام عندما ترك القلمون خلّف فراغاً سياسياً وأمنياً وقضائياً ولكن النصرة لم تعدم أحدا بحكم توليها القضاء، لا بل أن الجميع كان يحاكم في محكمة شرعية في يبرود من دون أحكام اعدام أو غيرها، ولكن ما يحصل اليوم تتهم فيه النصرة من قِبَل بعض وسائل الاعلام لأسباب سياسية ولو كان الأمر كذلك لماذا سرقوا جرافة و3 شاحنات، وتركوا العمال في الكسّارة التابعة لمخايل مراد من بينهم 4 سوريين أكراد وشغيلة أتراك وصاحب الكسّارة ما يزال مختطفاً، الموضوع هدفه مالي، وعملية الخطف واضحة، الموضوع ليس سياسياً«.

ويلفت الفليطي الى أن رسالة اطلاق سراح الثمانية واضحة وهي الابتزاز المادي وما يزعجنا كيف يتركون العراسلة والسوريين ويُبقون على الشخص المسيحي، هذه المسألة تثير أزمة، فلا أحد ينتبه الى مسألة أنه هو صاحب الكسّارة أي الذي يمتلك المال، إذا أرادوا أن يطلبوا الفدية، وهؤلاء المطلق سراحهم مجرد عمال».

ويؤكد أن «المنطقة كانت محكومة من قطّاع الطرق والحرامية في سوريا، منذ ثلاث سنوات الحدود فلتت على الآخر، وكل واحد من هؤلاء بحث عن هامش لتحركه وربما أن منطقتنا أيضاً لم يجر فيها ضبط الحدود بشكل كامل، جاءت الخطة الأمنية ووصلت الى «أطراف عرسال عند حواجز الجيش اللبناني وتوقفت هناك. ولم تمتد الى الحدود مع سوريا من جهة عرسال ومن جهة رأس بعلبك والهرمل وغيرها، والدوريات التي حصلت مع بدء تنفيذ الخطة الأمنية توقفت الآن، هناك حاجز للجيش في وادي حميد وفي ثماني نقاط أخرى كان الجيش اللبناني يتواجد فيها سابقاً ولكن هذه النقاط لدى تنفيذ الخطة الأمنية لم تزدد بل تم تعزيز النقاط القديمة فقط، والدوريات لا تتحرك إلا عند حصول حادث أمني ما«.

وعن الحل، يرى الفليطي ان على الدولة نشر قواتها على الحدود اللبنانية السورية وضبط الأمور، النظام السوري ضبط الحدود طوال أربعين عاماً، منذ أيام الرئيس كميل شمعون لم يصعد عسكري لبناني الى الحدود، سواء كان من الجمارك أو من حرس الحدود، منذ 6 سنوات أنشئت سرية حرس للحدود ولكن هذا الحرس متواجد على بعد 40 كيلومتراً من الحدود وهو يتواجد على خط حمص بعلبك ومفرق رأس بعلبك هناك قوة، ولكن لا يقوم بدوريات على الحدود والمطلوب تفعيله لا التواجد بين الهرمل ورأس بعلبك لأن الحدود أعلى من رأس بعلبك وعرسال والفاكهة والقاع، فالحدود تبدأ من الهرمل وتنتهي في المصنع«.

ويختم «النظام السوري كان يضبط الحدود بعدد لا يتجاوز 300 أو 400 عنصر والجيش اللبناني باستطاعته ذلك اذا كان هناك قرار سياسي والسلطة السياسية يجب أن تتخذ قراراً بنشر الجيش على الحدود وعدم السماح لـ»حزب الله» بترك الحدود «فالتة» من أجل أن يضمن حرية تنقل مقاتليه الى سوريا، فهو من مصلحته إبقاء الحدود مفتوحة ولإيجاد المبررات، من أجل تدخله في القتال بسوريا».