IMLebanon

الحريري المُحرَج مع عون.. يطمئن جعجع!

الحريري المُحرَج مع عون.. يطمئن جعجع!

لقاءات باريس: المقايضة الرئاسية مؤجلة

ازدحمت العاصمة الفرنسية بالزوار اللبنانيين الذين تقاطروا إليها بحثاً عن «تعويذة» سياسية للاستحقاق الرئاسي الذي قارب منطقة الفراغ، لكن يبدو أن «جعجعة» باريس لم تأت بـ«الطحين الرئاسي»، برغم دنو المهلة الدستورية من نهايتها، وبرغم تحذير البطريرك الماروني بشارة الراعي من أن الفراغ في قصر بعبدا مرفوض، ولو ليوم واحد، تحت طائلة «العار».

وتوحي المعطيات التي تقاطعت لدى المدققين في نتائج اجتماعات العاصمة الفرنسية، ان شروط انتخاب الرئيس قبل 25 ايار لم تنضج بعد، وان «فريق 14 آذار» وعلى رأسه زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري ما يزال يتحرك ضمن «المربع الاول» متفاديا كشف أوراقه الحقيقية، في انتظار اقتناع العماد ميشال عون بأن لا «تيار المستقبل» ولا حاضنته الاقليمية سيدعمان ترشيحه، لتبدأ بعد ذلك المقايضة او المقاصة الرئاسية، على قاعدة: لا ميشال عون ولا سمير جعجع، الا اذا دخلت معطيات جديدة لمصلحة «الجنرال» في مرحلة لاحقة تبعا لمسار الحوار السعودي ـ الايراني المرجح أن يستغرق وقتا طويلا.

وقالت مصادر واسعة الاطلاع لـ«السفير» ان «المستقبل» يتجه الى حسم قراره بعدم الموافقة على وصول عون الى رئاسة الجمهورية، وهو سيدفع في التوقيت المناسب نحو سحب ترشيح رئيس حزب «القوات» سمير جعجع، تمهيدا لبدء البحث الجدي في خيار رئاسي آخر.

وأشارت المصادر الى أن ثمة ارباك لدى «المستقبل» بسبب الادارة الملتبسة للملف الرئاسي التي أدخلت «14 آذار» في مأزق حقيقي، وهو الأمر الذي جعل بعض أقطاب هذا الفريق يرددون علناً أنهم لن يسمحوا باستمرار هذا المسار، برغم طمأنة «المستقبل» للحلفاء المسيحيين وخصوصا جعجع بأن الحوار مع عون مبني على حسابات غير رئاسية بالدرجة الأولى.

وقال الرئيس نبيه بري لـ«السفير» انه مستعد للدعوة الى عقد جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية قبل الخميس، إذا اقتضى الامر، اذا ظهرت معطيات إيجابية بصدد التوافق على اسم رئيس الجمهورية. وأضاف:«كما يمكنني ان أدعو الى جلسات متلاحقة بعد الخميس وقبل انتهاء المهلة الدستورية في 25 ايار.. المهم ان تبرز مؤشرات كافية للبناء عليها».

ولفت الانتباه الى ان الاجتماعات التي تعقد في باريس ليست كافية وحدها من أجل تحقيق تفاهم على رئيس الجمهورية، معتبرا ان أي اتفاق بين جهتين يبقى ناقصا وغير قابل للصرف ما لم يستكمل بتفاهم أوسع مع القوى الاخرى.

وقال رئيس الحكومة تمام سلام لـ«السفير» عشية توجهه الى السعودية في زيارة رسمية: «لطالما رددت في كل مواقفي ضرورة اجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري، وأنه لا توجد اي حجة او سبب لدى القوى السياسية لعدم اجراء الانتخابات، وهذا ما سأنقله الى القيادة السعودية اليوم».

وأوضح سلام ان هدف زيارته للسعودية هو شكر المملكة على كل ما قدمته وتقدمه الى لبنان، وليس آخرها المساعدة الكبيرة غير المسبوقة للجيش اللبناني بقيمة ثلاثة مليارات دولار، كما سنثير مع المسؤولين السعوديين كل الملفات اللبنانية، وإمكان مساعدة السعودية لنا لتجاوزها، لا سيما مسألة النازحين السوريين.

الحراك اللبناني في باريس

وفيما وصل النائب وليد جنبلاط، أمس، الى باريس يرافقه نجله تيمور والوزير وائل ابو فاعور «في زيارة خاصة» على حد تعبير الأخير، اجتمع الحريري، أمس، في مقر إقامته، بجعجع لأكثر من أربع ساعات تخللها غداء عمل، بحضور الرئيس فؤاد السنيورة وعدد من المستشارين.

وأفاد بيان مشترك ان وجهات النظر «كانت متطابقة حول ضرورة إنجاز الاستحقاق الرئاسي في موعده الدستوري، ورفض الفراغ والقيام بكل الجهود والاتصالات اللازمة والممكنة لمنع حدوث الفراغ، مع التشديد على وجوب حضور جميع النواب للمشاركة في جلسات انتخاب رئيس الجمهورية».

وشارك في مشاورات باريس وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل، الذي التقى الحريري والسنيورة، أمس الأول، وتردد انه التقى ايضا جعجع من دون ان تؤكد مصادر الطرفين النبأ.

وقالت مصادر بارزة في «14 آذار» ان اجتماعات باريس تندرج في إطار التفكير في كيفية دفع الانتخابات الرئاسية الى الامام. وأوضحت لـ«السفير» انه قبل ان يقتنع العماد عون بتعذر دعم «تيار المستقبل» له، لن يتم العبور الى مرحلة جديدة «والعقدة هنا تكمن في الإشكالية الآتية: من سيبلغ العماد عون الخبر السيئ، ومفاده ان «المستقبل» لن يدعم وصوله للرئاسة»؟

وأشارت المصادر إلى أن هذه النقطة استحوذت على حيز من النقاش الباريسي، ويبدو أن الحريري ليس بوارد أن يتولى هو إبلاغ عون بالرد السلبي حالياً، رغبة منه في إبقاء خطوط التواصل مفتوحة معه والحفاظ على التهدئة التي تحققت منذ بداية الحوار الثنائي، لا سيما أن عون يقدم الحوار مع «المستقبل» على أساس انه أوسع من حدود الاستحقاق الرئاسي، كما أنه تبين وجود مردود كبير لهذا الحوار سواء في الحكومة أو مجلس النواب وعلى مستوى بعض الملفات الثنائية.

وأكدت المصادر ان جعجع مستعد للبحث في سحب ترشيحه، لكن بعد نضوج شروط النقاش الجدي في البدائل، وانتقال الاستحقاق الى مربع متقدم.

وقالت أوساط بارزة في «تيار المستقبل» لـ«السفير» ان لقاءات باريس ركزت على تثبيت النقاط الآتية:

– رفض الفراغ.

– الاستمرار في دعم مرشح 14 آذار، حتى الآن، أي سمير جعجع.

– المشاركة في كل الجلسات الانتخابية.

– لا «فيتو» على أي مرشح.

– مباركة فوز المرشح الذي يستطيع تأمين 65 صوتا.

ورداً على سؤال حول طبيعة الموقف النهائي لـ«المستقبل» من خيار دعم عون، أجابت الأوساط: صحيح ان موقع الرئاسة هو موقع وطني، لكن الصحيح أيضا انه يهم المسيحيين بالدرجة الأولى، ونحن كتيار مستقبل لن نفرض رأينا عليهم، وبالتالي فإن عون مدعو إلى التفاهم مع المكون المسيحي في 14 آذار، وبعد ذلك لن يجد مشكلة لدينا.

وأكدت مصادر كتائبية لـ«السفير» انه ما من معطيات مشجعة تؤشر إلى إمكان انتخاب رئيس قبل انتهاء المهلة الدستورية في 25 ايار، معتبرة أن هناك أزمة استحقاق لا أزمة مرشحين. واعتبرت أن المشاورات التي تتم في باريس، كما في أمكنة أخرى، تأتي في سياق تبرئة الذمة ورفع المسؤولية، مع اقتراب خطر الفراغ.

الحسابات الفرنسية

أما على مستوى دوائر القرار في العاصمة الفرنسية، فقد نقل مراسل «السفير» في باريس محمد بلوط عن مصدر ديبلوماسي فرنسي قوله إن الأسوأ بالنسبة للاستحقاق الرئاسي اللبناني، قد اصبح وراءنا، وما ينتظرنا هو احتمال كبير بأن يتم انجاز هذا الاستحقاق قبل الخامس والعشرين من ايار، موضحاً ان جميع المعطيات والتحليلات التي نتلقاها من اصدقائنا، لا تستبعد تماما مثل هذا الاحتمال، وإن نكن مستعدين في الوقت ذاته لفرضية الفراغ.

ويستند الاستنتاج الفرنسي، على الارجح، الى لقاءات اجراها في طهران مؤخرا، مدير قسم شمال افريقيا والشرق الاوسط في وزارة الخارجية الفرنسية، جان فرانسوا جيرو، واستخلصت منها الخارجية الفرنسية انه لا «حزب الله»، ولا ايران التي لا تتدخل في موقف الحزب في الملف الرئاسي، يريدان الذهاب نحو فراغ رئاسي.

ولم يكن الإخفاق في تأمين النصاب البرلماني لجلسات الانتخاب حتى الآن، مفاجئاً لأحد في باريس، باعتبار ان التجاذب بين المرشح المعلن سمير جعجع، والمرشح غير المعلن ميشال عون، سيشغل حيزا كبير من الوقت، قبل الوصول الى تسوية مقبولة من جميع الاطراف.

ووفق مراسل «السفير» في فرنسا، لا يوجد مرشح رئاسي لبناني، تؤيده باريس او تستبعده. كما لا يوجد تفويض اميركي للديبلوماسية الفرنسية، والقوة الانتدابية الماضية للبنان، من أجل الامساك بالملف الرئاسي اللبناني. إلا ان المصدر الديبلوماسي أوضح انه برغم ذلك، نواصل التشاور مع حلفائنا الاميركيين، في ملفات الشرق الاوسط ومنها لبنان، بيد ان الاميركيين لم يطلبوا منا تأييد اسم ومعارضة آخر.