IMLebanon

الخيار الرئاسي الثالث: انظروا إلى الفاتيكان

 

في الفترة الفاصلة عن «نزول الوحي» الخارجي القادر وحده على تأمين نصاب الانعقاد لانتخاب رئيس الجمهورية، يتلهّى «المستقبليون» حالياً بحزّورة الموسم: هل سيقلب ميشال عون الطاولة علينا مجدّداً بعد استفاقته من حلم تصويت سعد الحريري له، أم أن «الجنرال الوفاقي» سيكمّل مسيرة الانفتاح على «تيار المستقبل»؟

الأكيد، أن «تيار المستقبل» يجد نفسه منساقاً الى إرساء أرضية لتفاهمات مشتركة مع خصمه السابق، لكن ليس إلى حدّ إيصال ملعقة الرئاسة الى فمه، وهو مرتاح لأن «حزب الله» نفسه لا يريد عون رئيساً. هذا ما ينسبه «الحريريون» للحزب.

«البراغماتيون» في صفوف «المستقبل» يعتبرون أن الرئيس سعد الحريري، كما السيّد حسن نصرالله، «قاما بواجبهما وبالمطلوب منهما تجاه حليفيهما، لكن بعد جولتي الانتخاب المستحيل، بدأ العمل الجدّي في مطابخ الداخل والخارج.

التشاؤم، حيال القدرة على انتخاب رئيس للجمهورية خلال الأسابيع الثلاثة الفاصلة عن انتهاء المهلة الدستورية في 25 أيار، هو الغالب على أجواء «بيت الوسط». يصوّب هؤلاء البوصلة في اتجاه مختلف تماماً، فالمرشّحون معروفون، لكن ما ليس متداولاً هو رأي «المستقبل» بترشيح سمير جعجع. هو الاستحالة الاولى. لا مكان للرجل في أي تسوية رئاسية مهما كبر حجرها. يدرك حلفاء «الحكيم» أن وصول ميشال عون الى القصر الرئاسي حلم لن يتحقّق، أما جلوس جعجع على كرسيّ بعبدا فهو الوهمّ المستحيل بحد ذاته.

تذهب أنظار فريق الحريري باتجاه الخيار الثالث. ثمّة إقرار أولاً باستنفاد أوراق جميع المرشّحين التقليديين في صفوف 14 آذار. أمين الجميل، بطرس حرب، روبير غانم. ما عجز عنه جعجع لن ينجح هؤلاء في القيام به. سليمان فرنجية يصبح ممكناً اذا انتصر بشار الاسد. هنري حلو، برأي هذا الفريق، وسيلة جنبلاطية للهرب من الاصطفافات، استفزّت جمهوراً مسيحياً كبيراً. جان قهوجي ورياض سلامة مرشّحان جدّيان، لكن الأول مدّد له لأن لا بديل عنه في المؤسسة العسكرية في عزّ المواجهة مع الإرهاب إلا إذا تغيّرت المعادلة، والثاني الحاجة أكبر له في موقعه الحالي. جان عبيد «مقبول» جداً من فريق «المستقبل» ومعظم القوى السياسية، خصوصاً نبيه بري ووليد جنبلاط، برغم بعض نقاط ضعفه وتقاطع جهات عدة على محاولة حرقه!

يشير بعض «المستقبليين» بالإصبع الى الخارج، صوب الفاتيكان. منبع الشرعية الحقيقية لأي رئيس مسيحي مقبل. يتّكئون في البداية على دفتر شروط بكركي الذي «يحور ويدور» ليشدّد على رئيس «قويّ بعلاقاته الإقليمية والعربية والدولية، ومتجرّد، وقادر على الجمع والتخفيف من انقسامات اللبنانيين».

قيل الكثير عن مرشّحين مفضّلين لدى بكركي، منهم زياد بارود، رياض سلامة، دميانوس قطار.. وهذا أمر صحيح، لكن بالتأكيد يمكن، بالاتكاء على معطيات موثوقة، إضافة اسم سفير لبنان في الفاتيكان العميد المتقاعد جورج خوري.

يقول العارفون، إن منبع قوّة خوري لا تقف فقط عند حدود شبكة علاقاته المتشعّبة مع المفاتيح في عواصم العالم، بل في رضى الفاتيكان عنه، وفي علاقاته المسيحية القوية في شتى الاتجاهات.

يذكر أن الراعي وخلال ترؤسه الصلاة في كنيسة مار مارون في المعهد الحبري البطريركي الماروني في روما في 25 نيسان الماضي كان ختم كلامه بتوجيه تهنئة للسفير خوري الذي مُنح الوسام الأعلى، مؤكداً أنه يستحقه بجدارة «وأن هذا الوسام لكل اللبنانيين».

يقول المطّلعون «الدور المسيحي في المنطقة في المرحلة المقبلة هو في أساس المشهد الرئاسي في لبنان». يرى هؤلاء أيضاً أنه وعكس الأجواء المتشائمة، على خط المفاوضات الايرانية ـ السعودية، ثمّة من يرى أن هناك قدرة في الفترة المقبلة، والتي قد تمتدّ الى ما بعد 25 أيار، على نسج تفاهمات ظرفية تنتج توافقاً على رئيس لبناني مقبول من الطرفين ويسهل تسويقه في الداخل اللبناني. العامل الفرنسي محوري هنا، إضافة الى المباركة الأميركية.

ماذا عن «عقدة» ميشال عون؟

باعتقاد مقرّبين من سعد الحريري، فإن جولة التفاوض المقبلة بين الحريري وعون هي على المرشح الوفاقي «الآخر» بعد استنفاد جولات المواجهة التقليدية، من باب اعتبار «الجنرال» الناخب الأول.

يردّد هؤلاء أن المقابل الذي قد يحصل عليه ميشال عون يوازي إنجازه في «الدوحة». قيادة الجيش. هنا يُفاجِئ المستقبليون مَن يستمع إليهم حين يتحدّثون عن المرشح «الأوفر حظاً» لخلافة قهوجي، وهو قائد فوج «المغاوير» العميد شامل روكز. يصفونه بـ«الضابط الوطني المقدام والنزيه والمحترف»، مؤكّدين «أن فريقنا لا ينقز منه». ويشيرون الى «أنه لم يتصرّف في موقعه الحالي على أنه صهر ميشال عون، لا بل أن هذا الأمر انعكس عليه سلباً وظلمه في كثير من الأحيان».

وهنا، تؤكد أوساط «مستقبلية» أنه في اللحظة التي سيتمّ فيها التفاهم على هوية الرئيس الوفاقي المقبل، سيركب الرئيس الحريري الطائرة باتجاه بيروت ليمنح صوته لهذا الرئيس، «لكنّ من دون النائب عقاب صقر الذي ذهب بعيداً جداً في دعم الثورة السورية الى درجة أنه قطع لنفسه «وان واي تيكيت».