IMLebanon

الرئاسة اللبنانية

الرئاسة اللبنانية لا تُصنع في لبنان، منذ أيام الانتداب الفرنسي، وجميع اللبنانيين يعرفون ذلك، ومع هذا يجدونها فرصة ممتعة للتقاتل وسم البدن. وعند حلول موعد الانتخاب يعمل الرئيس المقيم لتمديد الإقامة، ويحلم كل ماروني بالحلول مكانه. إلا مع بعض الاستثناءات في الفئة الأولى. في الثانية لا استثناء، بل مطلقية مائة في المائة، مثل انتخابات صدام حسين.

كان الشيخ بشارة الخوري من كبار العقول والثقافة، ومع ذلك مدد لنفسه وانتهى معزولا حتى وفاته. وكان كميل شمعون من ألمع الأذكياء، ومع ذلك وقع في إغراء التمديد، وخرج من القصر تحت الرصاص. وكان فؤاد شهاب من كبار الضمائر، فلما انتهت ولايته مشى لكي لا يشق البلد ولا يلوث سيرته. تلميذه إلياس سركيس حزم حقيبته المتواضعة وخرج في اليوم الأخير. الجنرال ميشال سليمان يكرر الآن ما فعله الجنرال فؤاد شهاب، وما فعله الفريق سوار الذهب في السودان. ثلاثة عسكريين احترموا الدستور أكثر من المدنيين. وقبل كل شيء، احترموا القَسَم الذي أدّوه والدستور الذي جاءوا بموجبه.

الرئاسات اللبنانية عبارة عن تسوية إقليمية دولية تتغير عناصرها مع الظروف والعهود. ومع ذلك يبقى أن يكون للبنانيين، على الأقل، رئيس يحبونه ويثقون فيه ويحظى باحترام الأمم. ورئيس يتَّفقون عليه ولو إلى حين، قبل أن «تعود حليمة إلى عادتها القديمة».

من هو الرئيس المقبل؟ يتلهى الزملاء في لعبة الأسماء. وهي مسلّية، لكنها لعبة على ما سميت. كما أنها مناسبة يتاح لهم خلالها أن يرشِّحوا أصدقاءهم وأحبابهم وجيرانهم في الطابق السادس. والمثل الشعبي يقول «الحكي ما عليه جمرك». لكن بعضهم يبالغ في تعداد الأسماء حتى تبدو الرئاسة إهانة ولو مضحكة.

ميشال سليمان أغضب السياسيين من جميع الفئات، وأرضى الدستور والقانون وضميره. وأستندُ في ذلك إلى شهادات ضمير لبنان، الرئيس حسين الحسيني.. الرئاسة محطة في كل الحالات. إما انفراج وإما المزيد مما هو حاصل. وما هو حاصل كئيب، لكنه مثل الرئاسة حالة إقليمية دولية أولا، جديدها إيران، كما هو الأمر في الدول المقترعة الأخرى، كالعراق وسوريا واليمن وأفغانستان، وإلى آخره.

قال جنرال إيراني إن حدود بلاده في لبنان. فأين المشكلة؟ المشكلة أن الرجل لا يبالغ على الإطلاق.. أو بالأحرى فإنها ليست في الحدود، بل في اللاحدود.