IMLebanon

السيسي والعودة الى الإعتدال

حسمها الرئيس المصري الجديد الفريق أوّل عبدالفتاح السيسي بإعطاء عهده الجديد، الذي بدأ أمس، واحداً من أبرز عناوينه بقوله: مصر ستبقى مقراً للإسلام الوسطي.

يأتي هذا الكلام في قمة التحدّيات التي تواجه الرئيس السيسي الذي بدأ ولايته وسط ترحيب عربي وإقليمي ودولي غير مسبوق.

وتكفي نظرة الى كبار الضيوف والمهنئين الذين توافدوا ملوكاً ورؤساء وأمراء وحكاماً من البلدان العربية في معظمها ومن قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا وحتى بعض البلدان الأميركية… تكفي هذه النظرة لتبيّـن أنّ هناك حرصاً كبيراً على نجاح مهمّة هذا الرئيس الذي انبثق من إرادة الناس العارمة، ولن ننسى الإلتفاف الجماهيري في حزيران العام الماضي عندما نزل أكثر من 25 مليون مصري الى الشارع دعماً للجيش الذي كان يقوده السيسي يومذاك، أي انّ الدعم كان مباشراً له.

ليست سهلة مهمّة السيسي… لا في الإقتصاد ولا في السياحة ولا في الإدارة ولا في مكافحة الفساد…

وبالذات فإنّ مهمته لن تكون سهلة وهو بين طَرَفَي كمّاشة التطرّف: فمِن جهة التطرّف الشيعي الذي تقوده إيران، ومن جهة ثانية التطرّف السنّي الذي تنخرط فيه أطراف عدّة والذي تعاني منه مصر على أيدي التكفيريين والإخوان المسلمين بالذات الذين أساءوا الى مصر كما لم تصبها إساءة من أي طرف آخر.

وعلى السيسي في بداية مهمته أنْ يستعيد مصر من حيث أوصلها حِكم الإخوان: أن يستعيد أولاً بأوّل الوحدة الوطنية التي وجّه إليها الإخوان المسلمون الضربات المتلاحقة، وأن يستعيد الإقتصاد والوضع المالي السليم وهو بذلك يحظى بدعم من المملكة العربية السعودية التي أرسلت ولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس الجديد، وأيضاً سائر بلدان الخليج التي تحذو حذو المملكة… خصوصاً وأنّ السعودية بدأت تعد العدّة لمؤتمرٍ للدول المانحة التي تساعد مصر على تجاوز أزمتها الاقتصادية خصوصاً بعد الضربة التي وجّهها الإخوان الى قطاع السياحة.

وعليه، خصوصاً، أن يستعيد الدور المصري المهم جداً الذي افتقدته مصر منذ توقيع اتفاقيتي «كامب ديڤيد» في سبعينات القرن العشرين الماضي… ذلك أنّ غياب هذا الدور ولّد فراغاً أثبتت الواقعية أنّه يتعذّر على أي بديل أن يملأه، وكان من نتيجته تفاقم الأحداث في لبنان، وعربدة إسرائيل التي حقّقت من أهدافها الكثير الكثير…

إنّ دوراً كبيراً ينتظر من يقوم به: دور مصر كدولة، ودور رئيس مصر كقائد… وسيكون على السيسي أن يستعيد الدورين… والآمال المعقودة عليه كبيرة.