IMLebanon

اللاجئون السوريون: إسرائيل قدوة!

ليس هناك أشد قسوة من ان تحل الذكرى الـ66 للنكبة الفلسطينية التي هي أيضا الذكرى الـ66 لقيام دولة اسرائيل في فلسطين وقد صارت أقل وطأة من نكبات في طول المنطقة وعرضها ولا سيما في سوريا. واذا كان لبنان أحد البلدان الأولى التي تدفق عليها اللاجئون الفلسطينيون عام 1948 فرارا من جحيم الموت الذي خلقته العصابات الصهيونية. فهو كذلك بالنسبة الى مئات الالوف من اللاجئين السوريين الذين فروا من جحيم قوات النظام السوري وحلفائه وفي طليعتهم “حزب الله”. وقد تكون ادارة لبنان لملف اللجوء الفلسطيني قبل 66 عاما أكثر كفاءة من ادارته الحالية لملف اللجوء السوري. وهذه المقارنة مليئة بالشواهد من وثائق القضية الفلسطينية على رغم المأساة التي دفع ثمنها لبنان باهظا بعد حرب 1967 بسبب فشل لبنان في استيعاب تداعيات هزيمة الجيوش العربية في تلك الحرب.
ان بعض التخبط الحالي في التعاطي اللبناني مع ملف اللجوء السوري الذي يكاد يغرق البلاد بأعبائه ناجم بصورة رئيسية عن التغاضي عن تورّط “حزب الله” في الحرب السورية والذي تسبب بلجوء أعداد ضخمة من السوريين كانوا في حمى مناطق تسيطر عليها المعارضة السورية متاخمة للبنان مثل القصير والقلمون وأخيراً حمص. وكل هذه المناطق التي تبلغ مساحتها أضعاف مساحة لبنان كانت موطناً لفئات مذهبية وسياسية معارضة للنظام فجاء تدخل “حزب الله” الذي هو حصان طروادة للنظام الايراني ليفرض اللجوء على هذه الفئات باتجاه لبنان. ومن هذه الزاوية يمثل الحزب سبباً أساسياً في محنة اللاجئين السوريين في لبنان وكذلك يمثل سببا أساسياً لعدم انهاء هذه المحنة.
الحلول التي طرحها وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس والاطار الذي عرضه وزير الداخلية نهاد المشنوق لا يبدو ان “حزب الله” في دائرتها. فلو كانت الحرب السورية التي زعم الحزب انها في مواجهة “التكفيريين” فهذه الحرب لم تعد موجودة في سوريا المتاخمة للبنان. فلماذا لا يساهم الحزب بقوة في جهود فرض مناطق عازلة داخل هذه السوريا لتكون موطن السوريين اللاجئين؟ أين سكان القصير ليعودوا اليها ومثلهم سكان القلمون وريف حمص ومدينتها؟
كثير من الكلام الذي قيل عند احتدام الحرب السورية قبل عامين من ان خريطة تقسيم سوريا هي في حساب النظام السوري واعوانه. ولأن هذه الخريطة قد تكون في طور التكوين فلا بد عندئذ من اقصاء السنة الذين يشكلون اكثرية السكان عما يشتبه في انها دولة ستكون للعلويين مستقبلا. وكلما تأخرت عملية اعادة اللاجئين وهم بكثرتهم الساحقة من اهل السنة الى مناطق صارت “آمنة” صار مؤكدا ان معرقلي هذه العودة هم متواطئون في تقسيم سوريا. ألا يشبه هذا الامر ما حل بفلسطين قبل 66 عاما؟ اذا كان مدمرو سوريا ومنهم “حزب الله” يقتدون بالنموذج الصهيوني فهذا يعني ان اجيالا من السوريين سيبقون في لبنان ليكتسبوا صفة اللجوء الدائم ما لم يطرأ ما يغيّر هذه المعادلة. انها قضية خطيرة قد لا ينجو منها لبنان. وليست كل مرة مع مشروع “صهيوني” جديد تسلم الجرّة!