هل دخلت الحرب الاسرائيلية على غزة والتمدد المتواصل لتنظيم “الدولة الاسلامية” في العراق وسوريا، في دائرة المفاوضات الممددة بين طهران ومجموعة دول خمسة زائد واحد للتوصل الى حل للبرنامج النووي الايراني؟ ففي غزة تحاول اسرائيل عبر الحرب أيجاد أمر واقع جديد لا تكون فيه السيطرة لـ”حماس” أو لفصائل اخرى محسوبة على ايران. ولذلك لا تمارس واشنطن أو أنها لا تريد ان تمارس ضغوطاً فعلية على رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لوقف الحرب.
وفي العراق تحجم الولايات المتحدة عن تقديم مساعدة كافية للحكومة العراقية كي تتمكن من استعادة الاراضي التي خسرتها لمصلحة “الدولة الاسلامية”. وكأن واشنطن تريد تحجيم النفوذ الايراني أو ادخال ايران في الرمال المتحركة العراقية من أجل استنزافها واضعاف موقعها الاقليمي على غرار ما يحصل في غزة. واذا ما ضعفت ايران في العراق وغزة وسوريا، فإن الولايات المتحدة تامل من وراء ذلك ان تجد القيادة الايرانية نفسها في مأزق اقليمي تضطر معه الى تقديم تنازلات في البرنامج النووي.
تزامن انطلاق الجولة الاخيرة من المفاوضات النووية في فيينا والتي تجاوزت موعدها المستهدف في 20 تموز للتوصل الى اتفاق نهائي على البرنامج النووي الايراني والاتفاق على تمديد المفاوضات الى 24 تشرين الثاني، مع انطلاق الحرب الاسرائيلية على غزة. وقبل بدء المفاوضات باسابيع اجتاح تنظيم “الدولة الاسلامية” الموصل في العراق ومن ثم عاد ليتمدد في سوريا من ريف حلب الشمالي الى محافظة الرقة الى الحسكة ودير الزور وحمص.
ولم يحدث التمدد الجهادي الذي لا يخفى انه صب في خدمة المحور الاقليمي المناهض لسوريا والعراق وايران، صدمة غير عادية في الغرب، بل ان الصدمة حدثت في روسيا التي سارعت الى تزويد الجيش العراقي مقاتلات “سوخوي” كي يكون قادراً على الدفاع عن بغداد بعدما بدا ان أميركا اهتمت فقط بحماية سفارتها ومصالحها المباشرة في العراق عبر ارسال نحو 800 جندي لهذا الهدف فيما عملية دعم القوات العراقية لا تزال تخضع للتقويم. ولم تخف واشنطن انزعاجها من تقارير تحدثت عن قصف الطيران الحربي السوري مواقع لتنظيم “الدولة الاسلامية” في الجانب العراقي من الحدود قبل ان تسارع بغداد الى الايضاح أن القصف حصل في الجانب السوري.
قد لا يعني هذا ان الولايات المتحدة ليست قلقة من التطورات في العراق وسوريا وغزة، بل انها تحاول الاستفادة من هذه التطورات الاقليمية وتوظيفها في المفاوضات النووية مع ايران. وما دام من شأن هذه التطورات ان تضعف طهران، فإن اللامبالاة الاميركية قد تطول بعض الشيء.