IMLebanon

بين سفاحين… نتانياهو وبشار الأسد!

حجبت غزّة ومجازرها واطفالها الشهداء المشهد في سوريا، منذ مجزرتيْ الأربعاء أول من أمس وعقلي يحار في السؤال:ما الفرق بين بنيامين نتانياهو وبشار الأسد؟! وحشدُ التباكي على شهداء غزّة وأطفالها هو نفسه يتعامى عن شهداء سوريا وأطفالها؟! و»يتلبعج» ضميرك أمام السؤال:هل هناك سفّاح عدوّ وسفّاحٌ «شقيق»؟! وخلاصة الإجابة، الأطفال القتلى هم سواء في الموت الإرهابي سواء أكان في غزة أم في دوما.

عبر الشاشة، تتكدّس أشلاء الأطفال أمام أعيننا، جيش العدو الإسرائيلي غدر بشهداء سوق شعبي في حيّ الشجاعية قبل أن تنتهي الساعات الأربع المعلنة كـ هدنة «إنسانيّة»، يسقط الكائن البشري في غزّة كما الذّباب أمام وهم أمان بمهلة، على الجانب الآخر من الشاشة، قصف نظام بشار الأسد وبشراسة أطفال دوما في سوق شعبي في ثالث أيام العيد، أشلاء أطفال وبشر، والمشهد القاسي في أطراف الأطفال المبتورة، على مرأى ومسمع من العالم العربي «المتواطئ» بصمته وعجزه حتى أكاد أقول: «هو السفّاح الخفيّ» والحقيقي خلف كل هذه المشاهد!!

تابعت ظهر الأربعاء الماضي مواطناً فلسطينياً من غزّة هو عبد الكريم بلاطة من مخيّم جباليا، قتلت عائلته بأكملها وشقيقه وعائلته احد عشر شخصاً سقطوا في قصف طاول منزله، روى بحرقة موت ابنته هديل جسد فصل عنه الرأس، غالب دمعه وقال: «جابت92 بالمية علمي..لسه ما استلمت الشهادة، جدتها تقولها يا دكتورة هديل..تقلي ستي حكت إني دكتورة»!! بكى وابتلع دموعه، قال: «إبنتي لم تحقق أحلامها بعد»، ولأول مرة يعلو صوت مواطن فلسطيني من فوق ركام منزله «الذي لم يدفع أقساطه»، ومن فوق دماء أشلاء عائلته وقال: «نريد السلام.. نريد أن نعيش معهم بسلام»…

أين المبادرة العربية للسلام التي احتضرت منذ ولادتها عام 2000، ماذا فعل العرب من أجل هذا السلام، يحتاج العالم العربي اليوم لقائد بجرأة الرئيس الراحل أنور السادات، كان رجلاً ذو بصيرة نافذة، قال: «تحدثنا مع كل العالم عن أرضنا المحتلة، ولم نتحدث مع المحتل نفسه»، ركب طائرته وقصد العدو وأجبره على صنع السلام، الذين خالفوه وعادوه وادّعوا يومها «الصمود والتصدي» لم يكونوا يوماً أكثر من حرّاس حدود عند العدو الإسرائيلي، بل جلسوا على كرسي الحكم لبيعهم الجولان عام 1967، وحكموا منذ العام 1970 وجبهتهم مع العدو جبهة سلام غير معلن، حتى الديكتاتور المقتول معمّر القذافي نفسه ابن يهوديّة وعميلٌ لإسرائيل ومخرّب وإرهابي قضّ مضجع العالم، فعلى من يضحكون؟!

الأصوات تأتي من حماس ـ التي أخطأت في حساباتها ـ وتتعالى وتتساءل مطالبة حزب الله بفتح جبهة الجنوب ضد العدو الإسرائيلي، ولكن هيهات فآخر همّ الوليّ الفقيه اليوم علي الخامنئي مرشد الجمهورية الإيرانية والسيد حسن نصر الله في لبنان غزّة وأطفالها، فمشروعه في المنطقة ينهار ويتهاوى على رأس كلّ المليارات التي بذلها على مدى أربعة عقود لينسج شبكة العنكبوت الفارسية في المنطقة، وما على حماس إلا أن تتذكر موقف علي الخامنئي عندما منع الشبان الإيرانيين المتحمسين للذهاب والمشاركة في القتال إلى جانب حماس في حربها عام 2008 ـ 2009، وحزب الله لا وقت لديه فهو مشغول بتشييع قوافل قتلاه في جبال القلمون، حزب الله اليوم استنزف جنوده وكوادره وقياداته الميدانية في سورياواستقبلهم في نعوش الواحد تلو الآخر!!

ونقول بصراحة، نرفض كلبنانيين أن يكون أولادنا وأطفالنا ووطننا ضحية الحسابات الخاطئة لحماس، وكفاها تشدّقاً بالنصر، فالمنتصر لا يستغيث لفتح جبهة أخرى لتخفيف الضغط عنه، منذ البداية كان على حماس أن تقبل بالمبادرة المصريّة، ولكنّ الغرور والغباء والولاء لتركيا هذه المرة أودى بغزّة وأهلها، فليفضل رجب طيّب أردوغان ويسحب سفيره من إسرائيل ويلغي معاهداته الإستراتيجية معها ويتوقف عن تزويد آلاتها الحربيّة بالنفط التركي، وكفى استخفافاً بعقولنا، وبدمائنا…