IMLebanon

تكبيل الحكومة.. ورقة عون إلى بعبدا؟

نزاع الصلاحيات يُحاصر التوافق

تنطلق اليوم، رسمياً، مرحلة تولي الحكومة صلاحيات رئيس الجمهورية. تلك مرحلة لا أحد يملك الخبرة الكافية للتعامل معها. حتى في السوابق الأربع التي شغر فيها المنصب الأول في الجمهورية لم يكن الوضع شبيهاً. قد تكون أقرب الحالات هي حالة شغور رئاسة الجمهورية بعد انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود، إلا أن غياب «حزب الله» و«أمل» عنها حينها والتشكيك بميثاقيتها وصولاً إلى رفض كل القرارات التي صدرت عنها يقلل من الشبه بينهما.

إذن، «الحالة السلامية» فريدة. معظم المكوّنات السياسية ممثلة في الحكومة. لا إشكالية دستورية أو سياسية بشأن تسلّمها صلاحيات الرئاسة. رئيسها ليس مضطراً أن يعلن ما أعلنه الرئيس فؤاد السنيورة في العام 2007 (سيمارس صلاحيات الرئيس بالحد الأدنى). كل المكوّنات تسلم أن هذه الحكومة تمثل السلطة الإجرائية بكاملها. مع ذلك، ثمة حذر ليس نابعاً من طرف بعينه، لكن غياب التجربة السابقة سيجعل الجميع يتوقف عند أي مشكلة. هنا، كثر يتخوفون جدياً من ألا تستمر الحكومة طويلاً بممارسة عملها. سيكون «التيار الوطني الحر»، بشكل خاص، أكثر المتشددين في التعامل مع المرحلة الحالية. وزراء «تكتل التغيير» لا يقرأون في الكتاب نفسه الذي يقرأ فيه تمام سلام. الأخير مقتنع أن صلاحية وضع جدول الأعمال محصورة برئاسة مجلس الوزراء، إذ لا تتحدث المادة 64 من الدستور إلا عن إطلاع رئيس الجمهورية مسبقاً على المواضيع التي يتضمنها. هو يعتبر أن التشاور بشأنه مع الرئيس غير ملزم. ووفق هذه القراءة، فإن انتقال صلاحيات الرئيس للحكومة يعني أن سلام ليس مضطراً للتشاور مع الوزراء بجدول الأعمال، إنما الاكتفاء باطلاعهم عليه.

ذلك لا يستوي أبداً مع القراءة العونية. هؤلاء يرفضون كل ما يقال عن أن رئيس الحكومة غير ملزم بالتشاور مع الرئيس بشأن الجدول. يعتبرون أن ذلك عرْف اتبع منذ اتفاق الطائف ولا يحق لأحد اللعب بهذا الحق لأنه ببساطة صار بقوة الدستور. وعليه، فهم، في الوضع الراهن، لا يعتبرون أن التشاور مع الوزراء خيار متروك لرئيس الحكومة، إنما ممر إلزامي لاستمرار الحكومة.

الطرفان يدخلان إلى جلسة مجلس الوزراء اليوم بوجهتي نظر مختلفتين، مع معرفتهما أن لا مصلحة لأي منهما بالتصعيد.

المعادلة واضحة أمام العونيين: لا نيّة لنا أبداً بتعطيل عمل مجلس الوزراء، إنما ندخل إلى المجلس لبحث آلية عمل تحترم الدستور وصلاحيات الرئيس، على قاعدة أن أي صلاحية لرئيس الجمهورية، مهما كانت صغيرة، انتقلت إلى مجلس الوزراء مجتمعاً.

هل يقاطع العونيون مجلس الوزراء إذا لم يوافق سلام على مطلبهم؟ هؤلاء لا يزالون يتريثون بالإجابة. يصرّون على التعامل مع آلية عمل الحكومة بإيجابية. يقولون «المقاطعة ليست في بالنا»، لكنهم في الوقت نفسه يسعون إلى الحصول على «حق النقض» في الحكومة بوصفهم ممثلي المسيحيين.

يعرف سلام أن مقاطعة وزراء «تكتل التغيير» الأربعة، تعني حكماً تدحرج حجارة «الدومينو» الحكومية. لن يستطيع معظم الوزراء المسيحيين الآخرين تحمل حرج البقاء في ظل غياب العونيين. «حزب الله» لا يستطيع التخلي عن حليفه، وبالتالي سيتضامن معه، فيما «حركة أمل» لن تتردد بالسير في الطريق نفسه، انطلاقاً من رفضها المشاركة في حكومة غير ميثاقية، هي التي لا يزال رئيسها حتى اليوم يرفض الاعتراف بقرارت صدرت أيام حكومة السنيورة «البتراء» لأنها «لم تكن ميثاقية».

يدرك العماد ميشال عون جيداً مصدر قوة هذه المعادلة، كما يدركه الرئيس سعد الحريري. يقول مصدر مطلع على العلاقة بين الاثنين إنها ورقة إضافية يحملها عون في عملية التفاوض مع الحريري، إلى جانب ورقة الانتخابات النيابية التي صارت على الطاولة