IMLebanon

جنبلاط يستكمل حركته.. والتمديد «أبغض الحلال»

برغم انتهاء «المهلة اللبنانية» في 24 أيار 2014، فان وليد جنبلاط متيقن أنّ قطار التسوية الرئاسية، آت من الخارج، مهما تأخر مساره. هو قدر لا مفرّ منه مهما رفعت السقوف وتعاظمت الشروط والشروط المضادة.

لهذا يفترض أن يساهم الحوار الداخلي في تحضير المكونات وإنضاجها قبل إضافتها إلى المعجن الإقليمي ـ الدولي. على هذا الأساس، فان جنبلاط مقتنع أنّ الجلوس وجهاً لوجه مع معظم القوى السياسية، معبر إلزامي لحياكة أي تفاهم رئاسي محتمل.

من هذه الزاوية، يحاول جنبلاط رفع منسوب المشتركات بين المتخاصمين. ليس المطلوب في هذه اللحظة بالذات حسم اسم الرئيس العتيد، ولكن من الضروري تهيئة المناخ الداخلي لأي اتفاق إقليمي ـ محلي. من هنا اختار أن يُهمل القوى المسيحية الأساسية «المحروقة على الرئاسة»… ليفتح أبواب الحوار مع «الآخرين».

كان من السهل عليه أن يطرق باب الضاحية الجنوبية ليلتقي «سيدها»، ويفلشان سوياً أوراق المنطقة المشتعلة، من عمق عراقها إلى قلب فلسطينها، حيث التقيا للمرة الأولى منذ سنوات عند خطّ إقليمي مشترك، اساسه خطورة ما يجري في غزة والخطر «الداعشي» الرابض عند حدود لبنان الشرقية والشمالية.

يبتعد الأمين العام لـ«حزب الله» وجنبلاط، عن وحول المستنقع اللبناني، بانتظار أن تركد مياهه. طبعاً، لم يأت اللقاء من فراغ، سيما وأنّ الفريقين لم ينقطع التواصل بينهما، بعدما قررا تنظيم الخلاف بينهما، أقله في نظرتهما المتناقضة الى الأزمة السورية.

لهذا كان من الطبيعي أن يتجاوز السيد حسن نصر الله وضيفه الاستحقاق الرئاسي، في لقائهما الأول منذ ثلاث سنوات، إلا أن ذلك لا يعني أنهما سيمتنعان عن التشاور والتنسيق في ما بينهما حتى تنضج الظروف، وتصبح الفرص أمام اختيار خلف للرئيس ميشال سليمان، متاحة وجدية.

بالنتيجة، يمكن القول إنّ هذه الجلسة قد تكون تمهيداً لحوار مستقبلي لا يعفي الاستحقاق الرئاسي من موجباته، وقد يكون في صلب النقاش الثنائي بين الضاحية الجنوبية والمختارة، بعد أن تكون استجدت معطيات حديثة على المسرح الرئاسي من شأنها أن تبدّل في المشهد.

في هذه الأثناء، يستثمر «أبو تيمور» علاقته الصلبة بـ«حليفه الأول» كما وصفه، الرئيس نبيه بري، ليقرّب المسافات بين الأخير و«تيار المستقبل». إذ يحرص جنبلاط على ألا يخسر دور الجسر بين المتناقضين. لا بل بالعكس، يسعى أن يكون «دينامو» «منظومة التناقضات».. وكاسح ألغامها.

حرص جنبلاط على الاتصال بالرئيس سعد الحريري في الليلة ذاتها للقاء مع السيد نصر الله، مع العلم أنّ خطوات الزعيم الاشتراكي، حتى الخارجة عن السياق العام، لم تعد تثير الاستغراب والمفاجأة، وهو الذي يتحصّن بطرح ضرورة الإبقاء على خيط التواصل مع مختلف القوى السياسية، ويشجع حلفاءه السابقين على السير على خطاه.

ويقول النائب محمد الحجار ان اتصال جنبلاط ـ الحريري تناول الرئاسة الأولى، واشار الى ان «السلسلة» على نار حامية، نافيا وجود اية مقايضة بين اقرار «السلسلة» والتمديد للمجلس النيابي.

التشاور مع رئيس المجلس، هو بمثابة حجر زاوية حراك وليد جنبلاط في الاتجاهات المتباينة، لا سيما مسعاه الأخير لتنشيط العلاقة بين نبيه بري و«تيار المستقبل»، ولو أنها لا تزال محصورة بملف سلسلة الرتب والرواتب.

ينسب «الإشتراكيون» لأنفسهم إنجاز المساهمة في صياغة تفاهم مكّن موظفي القطاع العام من الحصول على مستحقاتهم المالية. أما في مسألة سلسلة الرتب، فلم ينفضوا أيديهم بعد، لا سيما بعد الوعد الذي قطعه جنبلاط لهيئة التنسيق النقابية للتأكد من أرقام الواردات.

هكذا يقوم وفد «اشتراكي» يضم الوزير أبو فاعور والنائب هنري حلو وأمين السر العام في الحزب ظافر ناصر بجولة على القوى السياسية وأهل الاختصاص لوضع صورة دقيقة وعلمية للوضع المالي، في سبيل العمل لإخراج السلسلة من عنق التجاذبات السياسية.

التمديد لمجلس النواب قد يكون واحداً من النقاط المشتركة بين «أمل» و«المستقبل» و«الاشتراكي». جنبلاط لم يجد حراجة في القول صراحة إنّه من الصعوبة إجراء الاستحقاق النيابي في غياب رئيس للجمهورية. سعد الحريري بدوره ربط النيابة بالرئاسة أولاً، فيما يرفض رئيس المجلس أن يسجّل له أنّه من أنصار تجميد صناديق الانتخاب. لكن النائب ياسين جابر كان واضحاً بكلامه أمس حين اعتبر أنّ التمديد قد يكون أبغض الحلال.

بالنتيجة قد يتماهى الثلاثة في ميلهم إلى التمديد على حساب إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، حتى لو التزمت وزارة الداخلية بالنص القانوني ودعت الهيئات الناخبة قبل العشرين من آب المقبل، كما تقتضي الأصول.

وكان جنبلاط التقى بري في عين التينة يرافقه أبو فاعور بحضور وزير المال علي حسن خليل، حيث قال: «فليطمئن المحروقون على الرئاسة والذين يزايدون في الآخر نحن لسنا مسؤولين، والمتمترسون وراء مواقعهم مع الأسف من بعض الفرقاء المسيحيين، ليس الكل متمترس، وليس الكل متخندق، فالأستاذ هنري حلو موجود، ومستقل ووسطي، لكن الآخرين هم من يخرجون أنفسهم بأنفسهم».

وأكد أنّ «حماس منتصرة، لكن مع الأسف يوجد تآمر في مكان ما، بعض من العرب والإسرائيليين وأميركا متآمر على فلسطين، ويظن أنه ينتقم من حماس، ولكن حماس ستنتصر كما انتصر لبنان في 2006 في وجه اسرائيل».