IMLebanon

جون كيري «الكذَّاب الأميركي»!

كاد اللبنانيّون ان يغشى عليهم من شدّة الضَّحِك السوريالي، وهم يسمعون وزير الخارجيّة الأميركي جون كيري الذي «طبّ» عليهم في غفلة من الوقت اللبناني الضائع، ثمّ خاطبهم بما يجعلهم يصابون باكتئاب حاد عندما أبلغهم أنّه: «يجب حل مشاكل العالم والمنطقة كي نتمكن أن نستمتع في بيروت ولبنان، فلبنان دولة مهمة بالنسبة لأمن المنطقة»، وبصرف النظر عن الرّغبة الأميركيّة بـ»الاستمتاع» بلبنان ـ فقد تكون عدوى «المُتْعة الإيرانيّة» انتقلت إلى «المفاوض الأميركي»، إلا أنّنا استوقفنا «البلاغ» الأميركي للبنانيين ـ وعلى طريقة حزب الله ـ بأنّه علينا انتظار «حل مشاكل العالم والمنطقة» ـ وهذا ما لن يحدث أبداً، على الأقل على مدى القرون اللاحقة المجهولة العدد!!


كلام جون كيري «الأبله»، وبقدر ما يبعث على السُّخرية، يبعث أيضاً على القلق، فالولايات المتحدة أميركية لم تقل يوماً أنّها: «ملتزمة جداً بأمن لبنان واستقراره وسيادته وبدعم الشعب اللبناني»، إلا ونزلَت بلبنان نوازل الاضطراب الأمني والحرب، وما أشبه العام 1989 بالأمس، فالسياسة الأميركيّة الداعمة للموقف السوري آنذاك عبر خياريْن لا ثالث لهما «مخايل الضاهر أو الفوضى» أفضت إلى أكبر حربيْن جنونيتيْن نفذّهما الجنرال ميشال عون ليصل إلى سُدة الرئاسة…


اليوم وبعد ما يقارب الرّبع قرن، وأمام خلاف سوري ـ أميركي، ومفاوضات إيرانيّة ـ أميركيّة، ورغبة ميشال عون الجامحة ما زالت كما هي، وفي مواجهة ترسانة حزب الله العسكرية وإصراره على اختطاف لبنان أو تدميره، علينا أن نخاف فعلاً من الزائر الأميركي وزيارته المفاجئة!!


هل جاء جون كيري إلى لبنان ليدعو «روسيا وحزب الله إلى العمل لوضع حد لهذه الحرب»؟! ألم يكن يستطيع أن يدعو روسيا ـ لما دعاه إليه ـ عبر الهاتف في حديث مع نظيره الروسي سيرغي لاڤروڤ، هل كان كيري مصدّقاً أن حزب الله سـ»يُعبّر» دعوته، وهو الحزب الذي لا يرى في العالم كلّه إلا «إيران» ومشروعها؟! ومن المهم دعم المجتمعات المجاورة لسوريا».


إنّ أخطر ما تغاضى عنه جون كيري في حديثه «السخيف» عن أزمة النازحين السوريين في لبنان، وبأنه «لا بد أن ندرك هذه الكارثة الإنسانية التي نراها أمام أعيننا»، وماذا بعد مشاهدة هذه الكارثة والإدراك أنها كارثة، وبأنّ «الوضع في لبنان مختلف قليلا، لأنّ كمية استيعاب النازحين ليست مشابهة للدول الأخرى، وبأنّه «ليس هناك مخيمات بل هناك نوع من التحدي في هذا المجال، ما يشكل عبئاً كبيراً على البنى التحتية والمجتمع»، ثم قام بـ»تشحيد» لبنان 290 مليون دولار كمساعدات إنسانية!!


عمليّاً، وبقدر ما كُنّا نتهمّ الأصوات التي تعلو في موضوع النازحين السوريين بأنّها عنصريّة ـ وهذه تًهمة تطال قسماً كبيراً من اللبنانيين ـ إلا أننا إن تأملنا مليّاً فيما حدث خلال الأيام الماضية و»استعراض» الانتخابات «البشاريّة» في لبنان، نُدرك أنّنا أمام نكبة تُحضّر للبنان، شبيهة بتلك التي أعدّت للشعب الفلسطيني منذ انتهاء الحرب العالميّة الأولى وإعلان السماح لليهود بالهجرة إلى فلسطين، وهكذا؛ ظلّ اليهود يأتون عائلة تلو الأخرى في إحلال بطيء لشعبٍ مكان شعبٍ آخر، إلى أن استيقظ الفلسطينيون ليكتشفوا أنّ وطنهم ضاع منهم!!


ما يَحدث في لبنان «إحلالٌ» لا «إحتلال»؛ وفي ظلّ ما يُحاك للمنطقة من تقسيم إلى دويلات عرقيّة ومذهبيّة، هؤلاء اللاجئين السوريين بعددهم «الخُرافي» هذا والذي يكاد يوازي أكثر من نصف الشعب اللبناني، وانتشارهم على رقعة امتداد لبنان كلّه، هؤلاء اللاجئون سيحلّون مكان من؟!  ومن سيُهجّر من الشعب اللبناني، وأيّ «امتداد سُنّيّ» مريب يجري إعداده على هذه الرقعة اللبنانيّة، وأي توازنٍ ديموغرافي يحاولون فرضه على التعداد الطوائفي اللبناني؟ّ!


أخطر ما نطق به جون كيري بالأمس أنه رسم مصير لبنان الذي سيبقى «معلّقاً و»مجهولاً»، وتركه أزمة اللاجئين السوريّين «قنبلة موقوتة» مزروعة في الكيان اللبناني المرهق بانقسامات مزّقته تحت وطأة الأجندة الإيرانية ـ الإسرائيليّة للمنطقة العربيّة برمّتها!!


ميرڤت سيوفي