IMLebanon

«حزب الله» يؤمّن «النصاب».. للأسد

المشاركون لم يتجاوزوا 5% من النازحين.. والترهيب يأسر اللبنانيين في «ازدحام متعمّد»

«حزب الله» يؤمّن «النصاب».. للأسد

 

بعدما حال دون تأمين النصاب اللازم لانتخاب رئيس للجمهورية في لبنان، أمّن «حزب الله» بالأمس «النصاب» اللازم لإعادة تتويج رأس الحربة الإيرانية في سوريا بشار الأسد عبر تسيير عراضة نازحين ومقيمين سوريين إلى سفارة بلادهم في اليرزة تحت طائل ترهيبهم في مناطق إقامتهم وعملهم من قبل الحزب وحلفائه الموالين للنظام السوري. «بدك تروح بكرا تصوّت لسيادة الرئيس يا (…)» حسبما روى لـ«المستقبل» حارس سوري في أحد المباني في بيروت كيف حضرت عناصر حزبية من 8 آذار إلى مسكنه أمس الأول وأمرته بالحضور مع عائلته في اليوم التالي إلى إحدى نقاط التجمع المخصّصة لنقل السورييين إلى السفارة، مشيراً إلى أنّ معظم الذين يعرفهم من السوريين إقتيدوا بهذه الطريقة الترهيبية أمس من دون حول ولا قوة لهم في التمنّع خشية الانتقام منهم أو طردهم من أماكن سكنهم وعملهم. فيما تحدثت مصادر ميدانية لـ«المستقبل» عن مصادرة وحجز الأوراق الثبوتية لعدد من النازحين السوريين قبل أيام من مسرحية انتخابات «الزور» لضمان حضورهم ومشاركتهم في هذه العراضة، بينما تم تهديد آخرين بوسائل ابتزازية مختلفة مثل التلويح بعدم تجديد جوازات سفر المتخلفين عن الاقتراع للأسد وعدم منحهم بطاقات عودة إلى سوريا.

ترهيب العراضة الأسدية التي رعاها ونظّمها «حزب الله» لم يقتصر على السوريين فحسب، بل طال اللبنانيين الذي وقعوا رهينة هذه العراضة على طول طريقها الممتدة من بيروت الحازمية اليرزة بعبدا الجمهور، حيث علق المواطنون نساءً وأطفالاً ورجالاً في سياراتهم طيلة ساعات النهار وسط استياء عارم من احتجازهم على الطرقات بشكل مباغت لم يكونوا مهيئين مسبقاً له ما أدى إلى تعطيل أعمالهم وتقطّع السبل بهم. وأكدت مصادر عليمة لـ«المستقبل» أنّ الإزدحام المروري الذي حصل «كان مقصوداً، بعدما تعمّد منظمو التحرك توجيه الحافلات والسيارات التي تقلّ السوريين إلى اليرزة في وقت واحد بغية حصول الإزدحام وتسليط الضوء إعلامياً على مشهدية المشاركة الكثيفة».

وإذ أعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي في ضوء تمديد الانتخابات ليوم إضافي عن جملة تدابير ولائحة بالطرقات الواجب تجنّبها اليوم لا سيما عند طريق الشام الدولية بالإضافة إلى تحديد طرقات بديلة للضرورة، لفتت مصادر أمنية لـ«المستقبل» إلى أنّ الإجراءات التي اتُّخذت لمواكبة الحدث كانت كافية لتنظيم السير وتسهيل حركة المواطنين في المناطق المحيطة بالسفارة السورية والمؤدية إليها، لو أنّ المنظمين إلتزموا تسيير حافلات وسيارات المشاركين في عملية الاقتراع على دفعات بدل التجمع في مختلف المناطق ومن ثم التوجه دفعة واحدة باتجاه مقر السفارة في اليرزة، كاشفةً بحسب التقديرات الرسمية الأولية أنّه ورغم حجم الحدث الذي بدا على مستوى الطرقات إلا أنّ كل المشاركين أمس لم تتجاوز نسبتهم 5% من إجمالي عدد النازحين والمقيمين في لبنان. وعن توقعاتها بالنسبة للمشاركة اليوم أعربت المصادر عن اعتقادها بأنّ الإقبال لن يكون كثيفاً كما كان بالأمس «إلا إذا أعاد منظمو التحرك إحضار مشاركي الأمس أنفسهم إلى اليرزة اليوم أيضاً».

أما على مستوى المواقف المنددة باستباحة الشارع اللبناني، فقد أعرب النائب مروان حمادة عن الأسف لانتقال «البلطجة الأسدية إلى قلب لبنان»، لافتاً إلى أنّ «المخابرات السورية نظمت مع حلفائها المحليين مسيرة معيبة لشبيحة النظام الفاشي وحاملي صور القاتل على بُعد أمتار من قصر بعبدا المهجور وعلى مسافة قريبة من وزارة الدفاع الموقرة». في حين وجدت الأمانة العامة لقوى الرابع عشر من آذار «في العراضات والاستفزازات التي قام بها السوريون الموالون للنظام السوري في لبنان أوضح دليل على أنهم غير مهددين في أمنهم وبالتالي فإنّ صفة النزوح لا تنطبق عليهم»، مطالبةً في ضوء ذلك «الحكومة اللبنانية العمل على ترحيلهم فوراً إلى بلدهم». كما شددت الأمانة العامة إثر اجتماعها على أنّ «حزب الله» قدّم على لسان أمينه العام في إطلالته الأخيرة «خطاباً سياسياً يرتكز على وهم الإنتصار في العراق وسوريا ولبنان في محاولة منه لانتزاع موقع تفاوضي أفضل مع سائر اللبنانيين، من أجل تأمين مصالحه الرئاسية وربما النيابية على حساب لبنان».

قزي

بدوره، علّق وزير العمل سجعان قزي على مشهد الإنتخابات الرئاسية السورية في لبنان بالقول لـ«المستقبل»: «ما حصل هو ديموقراطية سورية في لبنان وديكتاتورية في سوريا»، متمنياً على «السوريين الذين يظهرون الديموقراطية في لبنان أن يمارسوها في بلدهم». وفي حين ذكّر بوجود أكثر من عشرة ملايين نازح سوري داخل سوريا وخارجها لا يستطيعون التوجه إلى قراهم ومدنهم للمشاركة في العملية الانتخابية، لفت قزي إلى أنّ «ما شهدناه بالأمس هو مظاهرة تأييد للنظام السوري في لبنان أكثر مما هي انتخابات»، مشيراً إلى أنّ «النظام يُنظّم هذه العملية لإظهار حجم من بقي معه من المؤيدين». وأردف قائلاً: «لا شأن لنا بالتدخل في الوضع الداخلي السوري، وكل ما يهمنا هو أن تقف الحرب في سوريا وأن تنتهي تداعياتها على لبنان».

وفي الملف الرئاسي اللبناني، شدد قزي على وجوب «رفض التطبيع مع حالة الشغور في سدة رئاسة الجمهورية»، وأضاف: «إلى جانب المقاربة الدستورية لعدم جواز التشريع بانتظار انتخاب الرئيس العتيد، حتى على المستوى السياسي يجب ألاّ نعطي انطباعاً بأنّ الأمور على ما يرام في البلد بشكل يوحي وكأن رئيس الجمهورية فائض حمولة لا لزوم له».

عون

من جهته، رأى عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب آلان عون لـ»المستقبل» أنّ ما حصل بالأمس على طريق اليرزة «إن دلّ على شيء فعلى حجم النازحين السوريين في لبنان وكم أن هذا الوجود يحتاج إلى تنظيم وانضباط وقواعد كي يبقى في إطاره الإنساني ولا يتحوّل إلى مسبّب للمشاكل»، وأضاف: «ما شهدناه أمس لم يكن سوى عيّنة مما سبق ونبّهنا منه»، متسائلاً: «إذا كانت عملية إنتخابية تحتاج إلى هذا التنظيم والرعاية والمواكبة، كم بالحري بات عدد النازحين الكامل في لبنان؟»، وأشار إلى أنّ «حجم النزوح أصبح هائلاً في لبنان ويطرح تحدياً يجب أن يشكل أولوية لدى الدولة اللبنانية لئلا تتحوّل المسألة إلى مشكلة أكبر».

ورداً على سؤال، آثر عون عدم التعليق على الموضوع من الزاوية السياسية، واكتفى بالقول: «الانتخابات السورية شأن سوري داخلي يخصّ الشعب السوري ولا يمكن أن نتدخل في خياراته».