IMLebanon

حزب الله” يتخذ عون مرشحاً وحيداً إضاعة للوقت وتوصلاً إلى الفراغ الشامل

لا تزال أوساط سياسية ورسمية وشعبية تؤكد أن لا انتخابات رئاسية قبل ايلول أو تشرين على رغم دعوات ملحة لدول شقيقة وصديقة الى ضرورة ا جرائها سريعاً تحصيناً للأمن والاستقرار وصد أخطار ما يجري في المنطقة وعلى رغم اجماع القيادات الروحية على المطالبة بذلك، لأن هذه الاوساط ترى انه كلما قام صراع على النفوذ أو صراع بين مشروعين ومحورين، كان على لبنان أن ينتظر نتائج هذا الصراع كي يتم الاتفاق على اختيار رئيس يكون على صورة هذه النتائج. فحوادث 1958 انتهت باتفاق اميركي – مصري على اختيار اللواء فؤاد شهاب رئيساً للجمهورية، والتوصل الى اتفاق الطائف أوجد توافقاً عربياً ودولياً على أن يكون رينه معوض رئيساً للجمهورية، وبعد اغتياله استطاعت سوريا من دون ممانعة احد جعل الياس الهراوي رئيساً للجمهورية ومددت له ثلاث سنوات بعد انتهاء ولايته، ثم جعلت العماد اميل لحود يخلفه ومددت له أيضاً ثقة به ومن دون سواه في التصدي لقرار مجلس الامن رقم 1559 الذي يدعو الى انسحاب القوات السورية من لبنان وانتخاب رئيس للجمهورية وفقاً للدستور.

وعندما ترك للبنانيين وحدهم الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية بعد عام 2005 وانتهاء الوصاية السورية، طلعت قوى 8 آذار بقيادة “حزب الله” ببدعة تعطيل نصاب جلسات الانتخاب وجعلت العماد ميشال عون ينضم اليها بايهامه انه المرشح الاوحد لها… فصار المطروح على قوى 14 آذار إما القبول به مرشحاً ليكتمل نصاب الجلسات والا فلا انتخابات خشية ان يفوز أحد مرشحي قوى 14 آذار وكانا يومئذ نسيب لحود وبطرس حرب وهما مرشحان مرفوضان من قوى 8 آذار. ولم تنجح محاولات اقناع العماد عون بالانسحاب لمرشح يحظى بموافقة الجميع أو الغالبية، فكان يشترط ليقبل بان تكون مدة ولاية الرئيس العتيد سنتين فقط… وعندما برز اسم العماد ميشال سليمان مرشحاً توافقياً، حاول النائب ميشال المر الذي كان من “تكتل التغيير والاصلاح” إقناع العماد عون بأن يعلن التكتل تأييد العماد سليمان وانهاء ازمة الانتخابات الرئاسية. الا ان عون رفض ما جعل المر ينسحب من هذا التكتل. ولم يتم التوصل الى تأييد ترشيح العماد سليمان للرئاسة الاولى إلا في مؤتمر الدوحة الذي فرضت عقده احداث 7 ايار الشهيرة فكان انتخابه بعد ستة اشهر وبتوافق داخلي وخارجي عوض أن يكون بتوافق داخلي، وهو توافق لم يحصل بسبب تعنت قوى 8 آذار واصرارها على أن يكون العماد عون مرشحها من دون سواه مع علمها بان لا حظوظ له انما حباً باحداث شغور رئاسي يضغط في اتجاه أبعاد أي مرشح من 14 آذار عن الرئاسة.

هذا المشهد يتكرر الآن بقيادة “حزب الله” الذي أوهم العماد عون مرة اخرى انه مرشح 8 آذار ولا مرشح سواه… لكن عليه ضماناً لفوزه فتح حوار مع رئيس “تيار المستقبل” الرئيس سعد الحريري، أذ من دون اصوات نواب “المستقبل” لا حظوظ له بالفوز. وطال هذا الحوار الى ان انتهت المهلة الدستورية المحددة لانتخاب رئيس للجمهورية، وبدأت مرحلة الشغور الرئاسي بسبب تعطيل نصاب جلسات الانتخاب، وهو ما يعمل له “حزب الله” بحيث لا يكون ثمة سبيل للخروج من هذه المرحلة إلا بعد معرفة نتائج المحادثات حول الملف النووي الايراني، وانتظار نتائج صراع النفوذ في المنطقة وأي من المحورين المتواجهين سينتصر: المحور الايراني ومن معه، أم المحور المناهض له كي يبنى على الشيء مقتضاه. ويرى أصحاب هذا الرأي أن لا انتخابات رئاسية في لبنان إلا بعد وضوح الصورة في المنطقة، كي يصير في الامكان تظهير صورة رئيس لبنان، ما يجعل هذا الرئيس من صنع محور منتصر على محور آخر أو من صنع وفاق داخلي – خارجي كذلك الذي حصل في الدوحة وكان العماد سليمان الرئيس الوفاقي والتوافقي.

والسؤال المطروح هو: هل في استطاعة لبنان، سياسياً وأمنياً واقتصادياً، انتظار نتائج ما يجري في المنطقة للاتفاق على رئيس، وما العمل إذا طال الانتظار ولبنان يعيش في وضع شاذ وهو يواجه بعد الشغور الرئاسي خطر شغور مجلسي إذا لم يحصل اتفاق على اجراء انتخابات نيابية في موعدها أو التمديد مرة أخرى لمجلس النواب مع احتمال مواجهة خطر انفجار الحكومة من الداخل، وقد يكون هذا ما يرمي اليه معطّلو جلسات الانتخاب وعلى رأسهم “حزب الله” ليصبح دستور الطائف مطروحاً على بساط البحث بدعوى أنه لم يعد ملائماً للتطورات ولواقع لبنان ولما استجد من معطيات.

إن معركة الرئاسة الأولى تدور الآن بين من يريد “لبننتها” لانقاذ الوطن ومن يريد “اقلمتها” علّه يوصل من يريد الى رئاسة الجمهورية.