IMLebanon

خيبة في مستوى الآمال

إنه لأمر صعب ومؤلم أحياناً أن نرى الأمور كما هي. والمسألة التي سأتطرق إليها هي بالذات كأس مرّة يصعب تجرّعها. دعونا لا نتوقّف طويلاً عند ما خُيِّل إلينا أنه يمكن أن يحصل، وما علّلنا أنفسنا بأنه لا بد من أن يحصل، وما حلمنا بأنه سيحصل. الواقع واضح تماماً إذ تبدو إدارة أوباما عاجزة عن إحداث فارق في أي مكان من الشرق الأوسط.

فلنعد إلى المحطة التي أحيت آمالنا التي تبدّدت لاحقاً، وهي زيارة الرئيس أوباما الأولى للشرق الأوسط، عندما اختار مصر وخاطب المسلمين حول العالم. فقد استضافته جامعة الأزهر، وجامعة القاهرة حيث ألقى خطاباً قوي الوقع وشديد الحماسة دعا فيه إلى “بداية جديدة”. كانت الرمزية مفعمة بالآمال، وكان الحلم كبيراً جداً: السيادة في أفغانستان، والأمن والازدهار في العراق، والتوصّل إلى تسوية شاملة وعادلة للنزاع الفلسطيني – الإسرائيلي، واستئصال التطرف، وتعزيز الحوار، وكلها مواضيع لقيت تصفيقاً من الحضور واستحساناً في دوائر غير معروفة بتأييدها للولايات المتحدة حول العالم، على رغم أن الرافضين موجودون دائماً ولا يمكن إرضاؤهم أبداً.

كان هذا عام 2009.

لكن الحلم الذي راودنا قبل خمس سنوات تبدّد نتيجة عوامل كثيرة. منها ظهور ربيع عربي لم يكن أحد مستعداً له، ولا حتى من قادوا الانتفاضة؛ فقد أحدث زلزالاً قوياً، وقلب الأمور رأساً على عقب فلم يبقَ شيء كما كان. عام 2009، خاطب أوباما عالماً إسلامياً حيث كان مبارك يستضيفه على أرضه، وكان بن علي حليفه، وكان القذافي يستعد لخطابه المقبل غير المترابط في الأمم المتحدة. اليوم، يتحدّى الأسد العالم ومصيره على المحك، ويشهد العراق الاضطرابات الأسوأ في تاريخه، وتمارس حركة “طالبان” نشاطها بحرية في أفغانستان، وعلى رغم أن بن لادن صار من الماضي، يعيث تنظيمه الإرهابي، “القاعدة”، خراباً في كل مكان.

عام 2009، اقترح أوباما رص الصفوف لمواجهة “التطرّف العنيف” بمختلف أشكاله. بعد خمس سنوات، تفاقم التطرف ليبلغ أسوأ مستوياته مع ظهور تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش) وأمثاله من التنظيمات التي تضاهيه في القتل والترهيب والإرهاب.

عندما يعقد المرء آمالاً على شخص ما، كما عقدنا آمالاً على الرئيس أوباما، لا بد له من الشعور بخيبة أمل على ضوء ما آلت إليه الأمور. أيا يكن السبب، وثمة أسباب كثيرة، لا مفر من الخيبة. فالمقولات التي بدت صحيحة عام 2009، كقوله “تستطيع شعوب العالم أن تعيش بسلام معاً”، تبدو اليوم كأنها مجرد حبر على ورق وكلام فارغ في خطاب كان هدفه فقط تأجيج المشاعر.

إذاً أيها الأصدقاء، فلنمتنع عن التصفيق، لا شيء يستحق العناء!