IMLebanon

دلالات بارزة لوقائع مرحلة ما قبل الفراغ هل التحدّث مع طهران يُفرج عن الرئاسة؟

لم تر مصادر ديبلوماسية سببا واضحا لعدم مقاربة الدول المؤثرة موضوع الانتخابات الرئاسية في لبنان وفق المقاربة التي اعتمدتها من اجل تأليف حكومة الرئيس تمام سلام ما ادى الى ولادة هذه الاخيرة بعد جهد دولي حصل في اتجاه كل من المملكة العربية السعودية وايران ساهم فيه كل من الممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي الذي نقل جملة مقترحات للالتقاء عليها الى المملكة، ما ادى تاليا الى ادوار قام بها سفراء دول اساسية كالسفير البريطاني توم فليتشر والسفير الاميركي ديفيد هيل ومدير دائرة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في الخارجية الفرنسية جان فرنسوا جيرو الذي زار طهران لهذه الغاية. كان يجب محاولة ايجاد ما يمكن ان يشكل عامل تلاق مشتركاً بين ايران والمملكة السعودية بما يمكن ان يحيد الوضع في لبنان عن الصراع الاقليمي خصوصا ان الوضع الامني كان قد بدأ ينزلق بقوة نحو تدهور لم يكن بعيدا، وكان سيكون من الصعب الامساك به في حال استمرت الامور في الانزلاق ولا سبب للاعتقاد ان ثمة مصلحة لدى كل من ايران والمملكة السعودية في تدهور الوضع في لبنان.

ولعل السبب وراء تعثر التوافق على حصول انتخابات رئاسية يكمن وفق ما تقول هذه المصادر في رفض واشنطن التحدث مع طهران في الرئاسة اللبنانية على غير ما كان الوضع بالنسبة الى الحكومة التي يشارك فيها “حزب الله” والذي كان لطهران دور في تدوير زوايا مواقفه الحادة والمرتفعة السقوف. فقاربت الدول المهتمة والمؤثرة موضوع الرئاسة وفق استراتيجية معينة ما لبثت ان اضطرت الى تغييرها تحت وطأة الفراغ الذي غدا واضحا في الاسابيع الاخيرة من ولاية الرئيس ميشال سليمان فعمدت هذه الدول متأخرة الى محاولة استلحاق الوضع بمقاربة فحواها امكان التمديد للرئيس سليمان. وهو الامر الذي فاتح به كل من السفير الاميركي وسفيرة الاتحاد الاوروبي انجيلينا ايخهوريست سليمان في الايام الاخيرة من ولايته من دون جدوى نظرا الى التأخير الكبير على نحو لا يسمح بانضاج هذه الفكرة في الوقت المناسب علما ان ثمة اقتناعات مختلفة ومتعددة في هذا الاتجاه من بينها رفض سليمان نفسه التمديد وتحوطه في الوقت نفسه لرفض كان مؤكدا وثابتا بالنسبة اليه من افرقاء نتيجة مواقفه السيادية. ولعل فكرة التمديد التي كانت متعذرة على دول غربية نظرا لتمسكها وتشددها في موضوع الانتخاب والانتقال والتغيير الديموقراطي خصوصا في ضوء تجربة رفض التمديد للرئيس السابق اميل لحود ولو ان التمديد له حصل قسرا بضغط من النظام السوري، اضطرت مجبرة الى تغيير استراتيجي في مواقفها وارتأت امكان التمديد لمدة قصيرة خشية الفراغ من جهة وعدم الرغبة في دفع اثمان من جهة اخرى في الوقت الراهن .

افلت هذه المرحلة في اي حال وبات لبنان امام مرحلة جديدة تطوي على نحو محسوم كل ما يمكن ان يرد الرئاسة الى صنع لبناني. ومع انها حملت في طياتها افول امكان وصول مرشحين معينين على غرار الزعماء الاربعة الاساسيين من قوى 14 و18 آذار، فان هناك رهانات على ما يحصل في المنطقة من جانب البعض وفق معادلة ان الاستغناء عن نوري المالكي في العراق من اجل ولاية ثالثة قد تفتح الباب امام العماد عون اذا اصرت عليه ايران كثمن بديل، لكن الاستحالة تكمن في تركيب مثلث المالكي في العراق وبشار الاسد في دمشق وعون في بيروت. وعلى هذا الاساس، فإن محور التحرك الغربي بدأ على السعي لدى عون من اجل تسمية مرشح بديل منه للرئاسة شرط ان يكون مقبولا من الافرقاء الاخرين وليس استفزازيا . ولكن عون لم يصل الى هذه المرحلة من الاقتناع او التسليم بواقع عدم امكان وصوله بعد لاعتقاده بأن ثمة متغيرات قد تطرأ على الموقف السعودي منه وهذه المرحلة لا تزال في بدايتها.

وفيما ترفع مصادر ديبلوماسية غربية الامال بحتمية التوصل الى اتفاق بانجاز الانتخابات الرئاسية بعد رمضان نظرا الى مخاوف من فترة فراغ طويلة وفق ما ترى، فإن مصادر اخرى ترى ان اي تحول في الوضع الامني وتهديد الاستقرار يمكن ان يشكل نذيرا وحده بضرورة العودة الى بت الموضوع الرئاسي اللبناني كما تم بت موضوع الحكومة بسرعة ولو بعد عشرة اشهر من المراوحة علما ان انتهاء شهر رمضان يتزامن والانتهاء من المفاوضات على النووي الايراني بين طهران والدول الغربية في النصف الاول من تموز المقبل بحيث يمكن ان تتضح الاتجاهات لجهة التحدث مع طهران حول الرئاسة اللبنانية ام لا وكذلك الامر بالنسبة الى ما يجري من اتصالات او لقاءات حتى الان على خط الرياض وطهران والتي يعتقد سياسيون لبنانيون انها ادت بناء على ثلاثة لقاءات حصلت في دولة عمان ولقاء حصل في المانيا الى حلحلة في بعض دول المنطقة وكان من بينها موضوع الحكومة في لبنان في انتظار ان تسفر الاجتماعات او اللقاءات اللاحقة عن تسهيل موضوع الرئاسة اللبنانية.

المجموعة الدولية حاولت مجددا قبل يومين اظهار اصرارها واجماعها على تشجيع اللبنانيين على اجراء الانتخابات وتقصير مهلة الفراغ، لكن ما لم يرفق هذا الموقف بتحرك مماثل لذلك الذي جرى من اجل الحكومة فإن هذا التشجيع سيبقى من دون صدى.