IMLebanon

دي ميستورا في دمشق:  اللعب في الوقت الضائع

الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا يبدأ مهمته السورية من المكان الصحيح: دمشق. لكن الوقت ليس مناسباً للمهمة التي تبدو الزيارة اعادة تذكير بها، فوق كونها زيارة تعارف. فلا تجدد الحديث عن الحل السياسي، بعد اشهر من الفشل المنظم لمؤتمر جنيف – ٢، يعني ان هذا الحل اعيد الى جدول الاعمال. ولا الحرب على الارهاب فتحت امام التحالف الاقليمي والدولي الطريق من العراق الى سوريا.

ذلك ان حرب سوريا استهلكت حتى الآن موفدين دوليين يتمتع كل منهما بالخبرة والصبر. ولو كانت هناك فرصة فعلية للحل السياسي لما استقال كوفي أنان الذي كانت الظروف على المسرح السوري نفسه أقل خطورة مما هي عليه اليوم، ولما استقال بعده الاخضر الابراهيمي ليأتي ستيفان دي ميستورا. فما اكتشفه انان الذي جاء بيان جنيف – ١ بناء على جهوده، هو ان الذين ارسلوه ليسوا متفقين على حل، ولا ينظرون الى سوريا الا في اطار الصراع الجيوسياسي والتنافس على الادوار. وما اكتشفه الابراهيمي هو فشل رهاناته على دور الاطراف السورية ثم على دور الاطراف الاقليمية، ثم على دور الاطراف الدولية. ولا أحد يعرف الوقت الذي يحتاج اليه دي ميستورا ليعيد اكتشاف ما سبقه اليه انان والابراهيمي.

ولا جديد في حسابات النظام، ولا في حسابات المعارضة. الجديد هو عامل داعش الذي سيطر على اجزاء مهمة من العراق وسوريا. وهو، بالأخص، انتهاء مرحلة من وظيفة داعش التي استخدمتها الاطراف المحلية والاقليمية والدولية لتحقيق هدف مختلف لدى كل طرف. اذ صار داعش يشكل خطراً على الذين وظفوه، بحيث تقدم الرئيس باراك اوباما المتردد البارد لقرع طبول الحرب.

لكن المعادلة المتحكمة بمحاربة داعش هي مدى اضعافه أو الذهاب الى انهائه، وهوية من يربح من خسارته ومن يمسك بالأرض بعده. نهاية المرحلة الاولى من وظيفة داعش قادت الى حكومة تختلف عن حكومة المالكي في العراق، وبالتالي الى بدء الضربات الاميركية الجوية وتحركات الجيش العراقي والبيشمركة الكردية على الأرض قبل التوصل الى استراتيجية الحرب. اما في سوريا، فان هذه النهاية قادت الى خلاف بين نظرتين: نظرة النظام الذي اعتبر ان التوصل الى حصر الخيار بينه وبين داعش سيكون لمصلحته ودوره بلا حاجة الى حل سياسي. ونظرة اميركا واوروبا ودول عربية عدة والمعارضة وهي: رفض الخيار بين النظام وداعش، والمطالبة بحل سياسي كشرط لنجاح محاسبة داعش.

وليس امام دي ميستورا سوى اللعب في الوقت الضائع حتى تتبلور صورة الحل السياسي في سوريا.