IMLebanon

رسالة غربية إلى اللبنانيين: اتّكلوا على أنفسكم في الاستحقاق

 

 

مع الاقتراب من موعد الخامس والعشرين من أيار الذي تنتهي فيه ولاية الرئيس العماد ميشال سليمان الرئاسية، من البديهي أن تكون جميع الاهتمامات منصبّة على ما ستؤول إليه حال كرسي الرئاسة الأولى في بعبدا بعد فشل مجلس النواب في الالتئام لانتخاب رئيس عتيد للجمهورية وذلك على الرغم من أربع دعوات وجهها رئيس المجلس نبيه بري إلى النواب للقيام بهذا الواجب، ما جعل «فخامة الفراغ» يتقدّم على باقي المرشحين لمنصب الرئاسة.

وكثيرة هي التحليلات التي تروّج حول حراك دولي وإقليمي لتأمين «التفاهم» حول ضرورة احترام المواعيد الدستورية لانتخاب رئيس جديد، لكن مصادر غربية مطّلعة شدّدت في حديث إلى «المستقبل» على أنه من «غير الطبيعي تفويت الفرصة المؤاتية لجعل هذا الاستحقاق لبنانياً صرفاً، واتفاق اللبنانيين في ما بينهم لاختيار الرئيس الأنسب لتكريس عمل المؤسسات وانتظامها«.

وتتابع المصادر: «يجب على اللبنانيين عدم التعويل على اتفاق إيراني – سعودي يمكن أن يوصل رئيساً جديداً إلى بعبدا، ففي هذه المرحلة لدى طهران والرياض ما يكفي من المسائل الثنائية للاهتمام بها، ما يجعل الموضوع اللبناني، على الرغم من أهميته سواء بالنسبة لايران أو المملكة السعودية، في مركز متأخر على لائحة مباحثات البلدين«.

ويأتي هذا الموقف بعد بروز مسحة تفاؤل عزّزتها الأنباء عن توجيه وزير الخارجية السعودية الأمير سعود الفيصل دعوة إلى نظيره الإيراني محمد جواد ظريف لزيارة المملكة وإجراء «مفاوضات» ثنائية.

وتشرح المصادر نفسها أن الحوار السعودي – الإيراني «ضروري ومهم ويحظى بتشجيع من الدول الكبرى، لكن بالنسبة للبنان واللبنانيين، فإن الوقت يمر بسرعة والمباحثات الاقليمية قد تطول، ولا يجوز أن تطول معها فترة انتظار اللبنانيين لوصول رئيس جديد إلى بعبدا«.

وتشدّد على أن التفاهم الداخلي الذي أنتج في 15 شباط الماضي ولادة حكومة الرئيس تمام سلام «يجب أن ينسحب على المرحلة الحالية ويؤدي إلى ولادة طبيعية لرئيس جديد للجمهورية، لذا يجب التركيز أكثر على التفاهم الداخلي اللبناني عوضاً عن انتظار توافق إقليمي في مكان ما أو توافق دولي في مكان آخر«.

وحول موقف الدول الاوروبية من الاستحقاق الرئاسي، تقول المصادر المطلعة عن كثب على الموقف الفرنسي من هذه المسألة، أنه «ليس لباريس أي مرشح مفضّل في هذه الانتخابات، كما أنها لا تضع فيتو على أي اسم»، مؤكّدة في الوقت نفسه، أن باريس «عبّرت مراراً عن هذا الموقف وكل ما تتمناه هو أن يتمكن اللبنانيون من إنجاز استحقاقهم في المهلة الدستورية المحدّدة«.

أضافت «لدى الحكومة الفرنسية الثقة بقدرة اللبنانيين على انجاز الاستحقاق الرئاسي بمفردهم، وأسطع دليل على ذلك كان قدرتهم في التفاهم الداخلي الذي حصل على إخراج حكومة الرئيس سلام إلى النور ولم يكن هناك ما يدعى ضوء أخضر لا إقليمي ولا دولي لذلك، لكن يبدو أن الزعماء اللبنانيين لغاية اليوم، لا يعبّرون عن الارادة نفسها بالنسبة للاستحقاق الرئاسي، بل هم ينتظرون تفاهماً ما إقليمياً أو دولياً وهذا ما يزعج باريس«.

وأبدت المصادر تقديرها الكامل لنجاح الخطة الأمنية وخاصة في طرابلس، مشيرة إلى أن استتباب الأمن وعودة الهدوء إلى عاصمة الشمال كان أمراً «من الصعب مجرّد التفكير به، لكن الارادة الداخلية اللبنانية تمكّنت من تحقيق هذا النجاح، فلِمَ لا ينسحب الأمر على الانتخابات الرئاسية؟«.

وتتابع: «كما أعلنت الحكومة الفرنسية على لسان المسؤولين فيها أنها تدعم بقوة عمل المؤسسات الرسمية والدستورية اللبنانية وهي شدّدت على أن هناك مبالغ كانت قد رصدت لدعم الاقتصاد اللبناني عبر مشاريع انمائية، وانتظرت بفارغ الصبر تشكيل حكومة الرئيس سلام لكي تبادر إلى تحريك هذه المبالغ الموجودة، وتدعو مجدّداً مجلس النواب لاقرار القوانين المتعلقة بهذه المشاريع للاستفادة من هذه الأموال«.

وعما إذا كان هناك قلق لدى الغرب عموماً وفرنسا على وجه التحديد بالنسبة الى «الفراغ» في لبنان، شدّدت المصادر على أن كلمة «فراغ» هي في الواقع تتعلق بكرسي الرئاسة الأولى فقط، إذ إن باريس تعتبر أن هناك «حكومة حائزة على ثقة المجلس النيابي، والدستور ينص صراحة على انتقال صلاحيات الرئاسة وكالة إلى مجلس الوزراء، وهذا يعني أن لا فراغ بالمعنى المؤسساتي للكلمة، لذا فالحكم سيستمر لكن بغياب رئيس منتخب للجمهورية«.

وعادت المصادر للتشديد على أن «التفاهم الداخلي وحده يؤمن استباب الأمن والاستقرار الاقتصادي»، وأن الدول الغربية «لن تقول للبنانيين اتفقوا على هذا الرئيس أو ذلك، بل كل ما ستفعله هو حضّ اللبنانيين أنفسهم على التفاهم لانتخاب أي رئيس«.

وأكّدت أن الغرب يرحّب بشدة بالحوار الإيراني – السعودي «إن حصل»، مكرّرة استبعادها أن «ينعكس هذا الحوار إيجاباً على لبنان بصورة سريعة«.

ولم يفت المصادر أن تذكّر بأن مؤتمر روما الذي سينعقد على مستوى وزراء الخارجية في حزيران المقبل، بعدما كانت العاصمة الايطالية استضافت المؤتمر على المستوى التقني والعسكري في 10 نيسان الماضي والمخصص لدعم الجيش اللبناني، لا يزال قائماً في موعده، وأن معظم الطلبات التي تقدّم بها الجيش اللبناني تمت دراستها وستتم تلبيتها انطلاقاً من الهبة السعودية البالغة ثلاثة مليارات دولار والتي ستتولى الحكومة الفرنسية ترجمتها بالأسلحة والتدريب والصيانة اللازمة، مشيرة إلى أنه في ظل وجود حكومة حائزة على ثقة المجلس النيابي ولو في غياب رئيس للجمهورية، فإن تمثيلها للبنان في هذا المؤتمر سيكون «شرعياً ومعتمداً».