IMLebanon

رفيق الحريري ما زال يبني

ما زال رفيق الحريري يبني. إن لم يستطع رفيق الحريري استكمال البناء في لبنان، حيث هناك من يسعى يوميا إلى الهدم وإغتيال كلّ من يبني، أو حتّى من يفكّر في البناء، فهو يبني خارج لبنان. رفيق الحريري رجل بناء وإعمار. ما زال يبني من حيث هو.

يكبر قلب اللبناني عندما يحضر افتتاح المرحلة الأولى من مشروع كبير، مشروع بناء الوسط الجديد لعمّان.

بحضور الملك عبدالله الثاني، والى جانبه السيّد بهاء رفيق الحريري، جاء افتتاح المرحلة الأولى من مشروع العبدلي الذي سينفّذ على مراحل. يعكس كلّ ما في المرحلة الأولى من المشروع الذي يعتبر تحفة معمارية بكلّ معنى الكلمة، ذلك الهاجس الذي كان دائما لدى رفيق الحريري. تجسّد هذا الهاجس في السنة في عمّان بعدما تجسّد في تسعينات القرن الماضي في بيروت حيث توقّف عند حدود معيّنة في ظلّ الحرب التي يتعرّض لها لبنان.

هنا في عمّان، يوجد من يستفيد من رؤية رفيق الحريري للبنان والمنطقة والتي تلتقي مع رؤية العاهل الأردني التي تقوم أوّل ما تقوم على ربط الأردن بالمستقبل وبكلّ ما هو حضاري في هذا العالم.

بات في عمّان وسط جديد للمدينة ينفّذ على مراحل. كلّ الأردن بدا مهتمّا بالوسط الجديد للعاصمة حيث مجموعة كبيرة من الفنادق والشقق المفروشة والشقق المعدّة للبيع والمراكز التجارية والمحلّات الفخمة والملاهي والحدائق والمسابح. هناك مشاركة حقيقية في المشروع بين القطاعين العام والخاص. هناك أيضا مشاركة عربية في مشروع استثماري في الأردن عبر بهاء رفيق الحريري من لبنان ومستثمرين من دولة الإمارات العربية المتحدة والكويت.

في النهاية، لا شيء ينجح مثل النجاح. جاءت شخصيات من مختلف آنحاء العالم كي ترى كيف أبصر النور في الأردن مشروع وضع حجر الأساس له رفيق الحريري في العام .

كان عبدالله الثاني في غاية الوفاء والتقدير لروح شهيد لبنان، وشهيد العرب الشرفاء حقّا، عندما أمر بتسمية أحد أبرز الشوارع في المشروع الكبير باسم «رفيق بهاء الدين الحريري».

ما لم يستطع رفيق الحريري استكماله في لبنان، يستكمله في الأردن. هنا في عمّان، لا وجود لمن يعترض على مواجهة الفقر والبؤس. هنا في عمّان، يوجد من يعرف تماما أنّ المواجهة مع التخلّف هي مواجهة مع الفقر أوّلا ومع كيفية توفير فرص عمل للشباب. الملك في الأردن لا يترك مناسبة إلّا ويتحدّث فيها عن مئات آلاف فرص العمل التي يجب توفيرها في السنوات القليلة المقبلة في الأردن وفي البلدان العربية الأخرى حيث مجتمعات شابة.

في عمّآن، هناك من يعرف أن مواجهة التطرّف بكل اشكاله لا يمكن أن تحصل من دون تحسين مستوى التعليم وتطوير البلد في كلّ الإتجاهات بدل رفع الشعارات الفارغة التي لا توفّر فرصة عمل واحدة ولا تبني مدرسة أو مستشفى أو مصنعا.

مشروع العبدلي الذي يعرف بـ«البولفار» جزء لا يتجزّأ من النهضة التي تشهدها الأردن. إنّه تعبير عن وجود إرادة واعية تصبّ في خدمة مشروع بناء بلد حديث قادر على الإستجابة لطموحات مواطنيه. من يساعد الأردن، من العرب، في هذه الأيّام يساعد نفسه أوّلا. فما لا يمكن تجاهله أنّ المملكة الأردنية الهاشمية استطاعت بفضل جرأة عبدالله الثاني وبعد نظره أن تتحوّل إلى واحة أمن واستقرار في منطقة تضربها العواصف من كلّ الجهات. المملكة الأردنية تتعاطى مع القضية الفلسطينية، وهي معنيّة بها وبحماية القدس بشكل مباشر، أي أنّها في صدام يومي مع حكومة اسرائيلية همّها الأول تكريس احتلالها لجزء من الضفة الغربية والمدينة المقدّسة كلّها.

والمملكة الأردنية على تماس يومي مع ما يدور في العراق، حيث بلد يتشظّى وصار منطلقا لنشر الغرائز المذهبية وكلّ انواع الإرهاب والتطرّف.

والمملكة الأردنية تعاني مباشرة من النظام السوري والنتائج المترتبة على ذبح نظام طائفي لشعبه، وهي مضطرّة لإستضافة مئات آلاف اللاجئين السوريين وتقديم كلّ نوع من المساعدات لهم، علما أنّها بلد فقير، بلد يعاني قبل كلّ شيء من أزمة مياه وموارد محدودة.

على الرغم من كلّ الصعوبات والعراقيل، تتابع المملكة الأردنية مقاومتها للعواصف الإقليمية وللتخلّف الذي حاول الإخوان المسلمون فرضه على المملكة مستغلّين «الربيع العربي» في مرحلة معيّنة. رفض عبدالله الثاني بكلّ بساطة ابتزاز الإخوان. رفض قبل كلّ شيء أن يكون القانون الإنتخابي على مقاسهم. أراد القانون على مقاس كل الأردنيين ونجح في ذلك إلى حدّ بعيد.

من خلال رؤية رفيق الحريري، هناك مساهمة لبنانية في مساعدة الأردن في مقاومة العواصف الإقليمية من جهة وبقاء المملكة في وضع البلد القادر على المساهمة في دعم ما بقي من استقرار في المنطقة من جهة أخرى.

الأكيد أنّ رفيق الحريري سينام ليلته مطمئنا. هناك من يمتلك ما يكفي من الوفاء والإرادة الصلبة بما يسمح بتأكيد أن حلمه الذي صار حقيقة في بيروت لم يمت. حلمه اللبناني تعطّل، ولو موقتا، لكنّ هذا الحلم لا يزال حيّا يرزق. هذا الحلم، حلم البناء والإعمار، لم يكن يوما محصورا بلبنان. الدليل على ذلك مشروع عمّان. كان يمكن أن يكون سوريا أيضا، لو وجد في سوريا من يهمّه مستقبل سوريا والسوريين وليس الهدم وتهجير السوريين والمتاجرة بفلسطين والفلسطينيين ولبنان واللبنانيين… وتحويل بلده، عبر نشر البؤس والتخلّف، مستعمرة ايرانية لا أكثر ولا أقلّ.