IMLebanon

زيارة الراعي إلى الأراضي المحتلّة.. و”اللعبة الإقليمية”

صمّ أذنيه وسار.. لم يأبه لكل السجالات والدعوات والمحاولات لثنيه.. قرّر البطريرك الماروني بشارة الراعي أن يكون “الراعي” لرعيته “أينما كانوا”.

بيت لحم، الناصرة، يافا، القدس، بيت ساحور، كفربرعم المهجرة، عكا، الناصرة، عسفيا وحيفا.. محطّات في “رحلة” الراعي التي كان أكثرها إيلاماً، بالنسبة للكثيرين، تصريحات الراعي ولقائه عملاء “لحد” في كفرناحوم، البلدة التي قام فيها السيد المسيح بغالبية عجائبه من شفاء المخلّع وابن قائد المئة وحماة بطرس بالإضافة إلى الآية الأساسية، الذبيحة الإلهية الأولى، وهي حين أكثر الخبز والسمك وأطعم خمسة آلاف رجل، حسبما يشير الإنجيل المقدّس.

في كفرناحوم، كان البطريرك الماروني “الراعي” لعملاء “لحد”، حيث توجّه إليهم قائلاً: “أنتم من هؤلاء الذين يدفعون بسبب لعبة دولية وإقليمية ما، والمواضيع التي تعانون منها نتابعها مع السلطات في لبنان”.

تظهر فجأة “اللّعبة الإقليمية” على أرض فلسطين. ولكن السؤال هل هي اللعبة نفسها التي عبّر عنها أثناء زيارته الجنوب في العام 2011 حين تناول الاعتداءات الإسرائيلية قائلاً “يجب أن نبقى متيقظين لأننا لا نزال نواجه أخطار التقسيم والتفتيت في المنطقة. فاللبنانيون انتصروا على محاولة تفتيت بلدهم وعرفوا كيف يريقون الدم للحفاظ عليه”.

هل قرأ البطريرك تصريح المسؤول السابق في الوحدات الخاصة في “لحد” فيكتور نادر لوكالة “فرانس برس”، حين رأى أن زيارة الراعي “تعطيه احتراماً وترفع من معنوياته”، وحين أكد عدم رغبته في العودة إلى لبنان، مشيراً إلى أن نجله يخدم في جيش العدو الصهيوني؟ وهل الراعي مقتنعٌ بأن “اللحديين حافظوا على لبنانية الأرض”، حسبما قال المتحدث باسم “الجالية اللبنانية في إسرائيل” بيار دياب؟ فيما كل ما فعلوه هو خدمة العدو الإسرائيلي!

وليس سوى تصريح الضابط السابق في “لحد” لصحيفة “معاريف” الناطقة بالعبرية، أنهم “مواطنون إسرائيليون، لكننا أيضاً لبنانيون، ونريد العودة إلى وطننا لأنها الأرض التي ولدنا عليها” سوى ضربٍ من ضروب الخيال. كيف لإنسان أن يحمل جنسية وطن وعدوّه؟ وحقّ العودة، فكان الأجدر بالبطريرك أن يرفع الصوت مطالباً به للفلسطينيين.

في يوم التحرير، غادر الراعي الأرض المحرّرة إلى الأرض المحتلّة، تاركاً خلفه انتصار العرب الأول في وجه العدو الصهيوني. في ذكرى الانتصار الأول، زار الراعي أرض المسيح، أطلق مواقف تدعو المسيحيين، “ما تبقّى من مسيحيين” في فلسطين، إلى الثبات في أرضهم. والراعي، الذي لطالما أكد أن “موضوع المقاومة وسلاح حزب الله يطرحه السياسيون” حكم بـ “البراءة” للعملاء وأكد “متابعتها مع السلطات في لبنان”.

الراعي، الذي استُقبل في الجنوب بلافتات كتب عليها: “مجد لبنان أعطي له”، “هذا هو اليوم الذي صنعته السماء فلنفرح ولنتهلل به”، “انه تاريخ مبارك للتاريخ”، “الجنوب يقول لك: بالوحدة تحرّرنا وبالشهادة انتصرنا”، “هلمّ بسلام أيها الراعي الصالح”، غسل يديه من “دماء الشهداء” أمام عملاء إسرائيل في فلسطين المحتلة.